توقّع اقتصاديون ورجال أعمال سعوديون أن تركز موازنة 2016 الجديدة على مواجهة التحديات والصعاب، وتعزز برنامج التحول الوطني الذي يقوده ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان، وتحقق نقلة كبيرة للاقتصاد السعودي، على رغم استمرار انخفاض النفط في الأسواق العالمية، وزيادة التحديات الأمنية؛ بسبب تنامي ظاهرة الإرهاب في كل دول العالم. تنمية اقتصادية وطنية قال نائب رئيس «غرفة تجارة جدة» مازن بترجي إنه مع التأثيرات الكبيرة التي تركها انخفاض أسعار النفط في الاقتصاد الوطني وجميع الاقتصادات في المنطقة، ومع تواصل إنجاز مشاريع التنمية العملاقة بمعدل مطرد، مع استمرار المملكة في تعزيز قدرتها الأمنية لمواجهة مخاطر الإرهاب الأسود.. فإنه يُتوقع أن تشهد موازنة 2015 تأثراً واضحاً بكل هذه المتغيرات، ويُنتظر أن تسهم موازنة 2016 في معالجة جميع التحديات، إذ يتوقع أن تأتي متوازنة وشاملة، وتلبي حاجات المواطن، وتواكب تطورات الساحة الاقتصادية العالمية، مؤكداً أن المملكة ماضية قدماً نحو التنمية الاقتصادية الوطنية الشاملة. السوق في مرحلة ترقب وشدد رجل الأعمال محمد العنقري على أن الاقتصاد السعودي يواجه تحدياً كبيراً لجذب رؤوس أموال أجنبية للمنطقة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، من انخفاض أسعار النفط، إذ تعيش السوق حالياً مرحلة ترقب لإعلان الموازنة التي ستحدد هل سيكون هناك تباطؤ في المشاريع أم لا، كما سيحدد توجه الأسواق خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة كل التحديات في ظل الاجتماعات المتواصلة التي يعقدها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتعزيز حركة التنمية، مشيراً إلى أن احتياطي النقد الأجنبي في المملكة وصل في بداية العام الحالي إلى 724 بليون دولار، وهو ما يساوي 2.71 تريليون ريال، وهو رقم يكفي لبث الطمأنينة في قلوب الكثير من المتخوفين من تراجع أسعار النفط، كما تملك المملكة أكبر احتياطي من النفط في العالم، وتبلغ حصتها من الإنتاج العالمي حوالى 13 في المئة، ويسيطر النفط على أكثر من 90 في المئة من الصادرات السعودية. إصلاحات هيكلية وعلى رغم التخوف الذي أبداه عضو مجلس إدارة «غرفة تجارة جدة» فهد السلمي من استمرار هبوط أسعار النفط في عام 2016، إلا أنه طالب بضرورة وجود إصلاحات هيكلية تقلل الاعتماد على النفط في الفترة المقبلة، في ظل الالتزامات الكبيرة التي يجب أن تستوعبها بنود الموازنة، والذي لا تغطيه مداخيل النفط بأسعارها الحالية، على رغم التوجه إلى استخدام فوائض الأعوام الماضية، إذ يتوقع أن تُبقي الموازنة السعر المتوقع للنفط في حدود 30 دولاراً للبرميل، وهو سعر معتدل مقارنة بالتوقعات المتشائمة لأسعار النفط المستمرة في الهبوط. تنويع مصادر الدخل وأوضح رجل الأعمال محمد الغيثي أن الأداء الاقتصادي للسعودية يُعد أفضل من كثير من الاقتصادات العالمية، «على رغم المخاوف التي تنتاب بعضهم من تراجع أسعار النفط إلا أننا قادرون على تجاوز كل الصعاب»، وقال: «هناك تحديات عدة تواجه الاقتصاد السعودي في الوقت الحالي وخلال الفترة المقبلة، ولاشك أن التحدي الأول يتمثل في تنويع مصادر الدخل كون الجهد الوطني للتنويع ضعيف جداً، ومن المهم أن يقل الاعتماد على النفط تدريجياً، والتحدي الثاني يتمثل في تطوير القطاع السياحي، ليكون قادراً على جذب مستثمرين كبار في السوق العالمية، ليحقق نمواً متسارعاً، أما التحدي الثالث فهو تطوير وتنمية القطاع الصناعي الذي أسهم إسهاماً كبيراً في نمو حجم الاقتصاد الفعلي للناتج المحلي». لا تغيير في 3 أبواب وأشار الاقتصادي محمد يوسف إلى أن الموازنة الجديدة تحتاج إلى ديناميكية؛ لاستيعاب المتغيرات، ونبه إلى أنه على رغم توقعات حدوث تغييرات مهمة في الباب الرابع الخاص بالمشاريع الجديدة والإنفاق الرأسمالي للحكومة، إلا أنه يصعب حدوث أي تغيير على الباب الأول، المتعلق بالرواتب والبدلات والأجور، والحال نفسها مع الباب الثاني، المتعلق بالمصروفات العامة، والثالث، المرتبط باعتمادات التشغيل والصيانة، لافتاً إلى أن العام الماضي شهد ظروفاً استثنائية، بينها حرب اليمن، وانخفاض أسعار النفط، وهي أمور تزيد من صعوبة الموازنة. وتوقع ألا يسهم ترتيب الأولويات في موازنة 2016 في خفض الإنفاق على الحاجات الأساسية للمواطن المتمثلة في التعليم والصحة والسكن. وقال: «الاقتصاد السعودي هو الأكبر عربياً، ويحتل المرتبة رقم 19 عالميًا، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة عام 2014 نحو 746.249 بليون دولار، ولاشك أن عضوية المملكة في مجموعة العشرين تعكس مكانتها الاقتصادية عالمياً، فهي من الاقتصادات الصاعدة مثل الصين والهند وتركيا، وتضطلع المملكة بدور اقتصادي رئيس في العالم، وهي التي تضبط إيقاعات النفط وتحافظ على مستويات معينة من الإنتاج بما يكفل حياة كريمة للبشرية. ولفت إلى أن المملكة رفضت محاولات بعض الدول في بداية العام الجاري خفض إنتاج النفط؛ للضغط لرفع أسعاره، وحرصت على ترسخ المبادئ وتفي بالتزاماتها تجاه العالم، لذلك فمن المهم أن تكون الموازنة الجديدة متوازنة تتعامل مع كل المتغيرات، بمرونة تنموية شاملة في منظومة الاقتصاد الوطني.