المعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS Expo 2024 يقود التحول في مستقبل الضوء الاحترافي والصوت    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    أرتيتا يلمح لإمكانية مشاركة تيمبر مع أرسنال أمام بورنموث    الأمن العام يعلن بدء تنفيذ التعليمات المنظمة للحج بحصول المقيمين الراغبين في دخول العاصمة المقدسة على تصريح    التايكوندو السعودي يحقق أفضل اتحاد عربي    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    تعديلات على اللائحة التنفيذية لضريبة التصرفات العقارية    رسالة من فيرمينو قبل لقاء الهلال    يايلسه غاضب بسبب موعد كلاسيكو الأهلي والهلال    موعد مباراة الاتحاد وأبها اليوم في الدوري السعودي    مسؤولون دوليون يحذرون: اجتياح رفح «مذبحة»    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    اختبار جاهزية الاستجابة لأسلحة التدمير الشامل.. في التمرين السعودي - الأمريكي المشترك    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    أمطار متوسطة إلى غزيرة على معظم مناطق المملكة    "ريمونتادا" مثيرة تمنح الرياض التعادل مع الفتح    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    "جوجل" تدعم منتجاتها بمفاتيح المرور    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    شراكة بين "البحر الأحمر" ونيوم لتسهيل حركة السياح    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    فصول ما فيها أحد!    أحدهما انضم للقاعدة والآخر ارتكب أفعالاً مجرمة.. القتل لإرهابيين خانا الوطن    سعودية من «التلعثم» إلى الأفضل في مسابقة آبل العالمية    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    «الاحتفال الاستفزازي»    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    شَرَف المتسترين في خطر !    مقتل 48 شخصاً إثر انهيار طريق سريع في جنوب الصين    تشيلسي يهزم توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لدوري الأبطال    كيفية «حلب» الحبيب !    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    للتعريف بالمعيار الوطني للتطوع المدرسي بتعليم عسير    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهندسون يطالبون بإنشاء هيئة عامة لإدارة مشاريع بقيمة 400 بليون ريال سنوياً
نشر في الحياة يوم 10 - 04 - 2010

أظهرت كارثة سيول مدينة جدة تقصيراً في تنفيذ بعض مشاريع البنية التحتية في المملكة، التي شملت شبكات الصرف الصحي وتصريف السيول وغيرهما. كما كشفت وجود معوقات ومشكلات في طريقة تخطيط واعتماد وتنفيذ وإدارة المشاريع الحكومية.
واستطلعت «الحياة» خلال ندوة عقدتها حول المشاريع الحكومية وإدارتها والتخطيط الاستراتيجي لها، آراء كل من عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص والرئيس التنفيذي لشركة للاستشارات الدكتور سليمان العريني، وعضو لجنة المشاريع في الهيئة السعودية للمهندسين الدكتور محمد الخثعمي حول تلك المشاريع ومعوقاتها وكيفية التغلب عليها.
وطالب المشاركون في الندوة وهم خبراء في مجال التخطيط الاستراتيجي وإدارة المشاريع، بضرورة إنشاء هيئة عامة لإدارة المشاريع، بهدف تحقيق ورفع مستوى الجودة في مختلف المشاريع التي تتجاوز قيمتها أكثر من 400 بليون ريال سنوياً. ولفتوا في ذلك الصدد إلى تجربة مدينة الطائف قبل 15 سنة، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والحي الديبلوماسي والجبيل وينبع، إذ كانت كل واحدة منها تدار بجهاز متخصص في إدارة المشاريع، ما أثبت نجاحها حتى اليوم. وأكدوا أن وجود هيئة عامة سيساعد في متابعة تشغيل وصيانة المشاريع، إذ إن هناك مشاريع تم الانتهاء منها، وبقيت سنوات لم تشغل، مشددين على أن إنشاء هيئة أو جهاز لإدارة المشاريع لا يتوقف دوره عند الانتهاء من المشروع، ولكن الدور ينتهي عقب التشغيل، لأن دوره سيتركز على التخطيط والإشراف ومتابعة تنفيذ مشاريع الدولة.
وفي بداية الندوة، طرحت «الحياة» سؤالاً حول وصف وضع المشاريع الحكومية في الوقت الحاضر، وأكد القويحص أن الدولة اهتمت بكثير من المشاريع التنموية، التي تضمنها الباب الرابع في الموازنة، وهي تلك المشاريع التي تنفذ عن طريق الجهات الحكومية، ونشير إلى أن الدولة اهتمت بموضوع التخطيط وهي خطط التنمية الخمسية، وانتهت ثماني خطط خلال 40 سنة في مختلف قضايا التنمية، إذ يتم اعتماد تلك الخطط كل خمس سنوات من مجلسي الشورى والوزراء، وبعد ذلك تتم ترجمتها إلى مشاريع تنموية لمختلف القطاعات.
وتقوم الجهات الحكومية بترجمة ما تحتاجه إلى مشاريع، ومن ثم الرفع بذلك إلى وزارة المالية، التي بدورها تقوم بترجمة ذلك إلى مشاريع تنموية إنشائية في موازناتها، وتقوم الجهة صاحبة المشاريع بإعداد الدراسات والتصاميم لتنفيذ ذلك المشروع، وتقوم بتنفيذه من خلال مكاتب استشارية أو عن طرق الجهاز الهندسي التابع لها، وبعد ذلك يتم طرحه في منافسة عامة للمقاولين، وهذا ما يسمى بدورة إدارة المشاريع.
وأوضح القويحص أنه بعد ترسية تلك المشاريع، يتم تسليم الموقع للمقاول، وبعد ذلك تبدأ عملية الإشراف، سواء عن طريق الجهة صاحبة المشروع، أو عن طريق مكاتب استشارية، ثم يتم التنفيذ، وهنا يظهر عدد من المشكلات من مواصفات واستلامات، ثم ينتهي المشروع ويسلم ويبدأ التشغيل، ونجد أن اعتماد المشاريع من وزارة المالية يحتاج إلى إعادة نظر، إذ إنه في بعض الأحيان لا يتم اعتماد كامل لكل المشاريع «اعتماد جزئي»، وبالتالي تكون هناك مشكلات وخلل في دورة تنفيذ المشاريع.
من جهته، يقول الدكتور سليمان العريني إنه عند النظر في مشاريع البنية التحتية في المملكة، فإنه من المهم أن نأخذ ما حصل في مدينة جدة كدروس مستفادة لتطوير إدارة المشاريع، ومن المهم أيضاً أن ننظر للحاضر والمستقبل والدروس المستفادة مما حدث ويحدث في مناطق أخرى.
وأشار إلى أن ما يحصل حالياً في إدارة المشاريع هو عبارة عن تفاوض بين جهات حكومية ووزارة المالية قبل بداية السنة المالية على نوع واسم المشروع والموازنة المحددة له، وبالتالي تقوم الجهة الحكومية بطرح مشاريعها على ممثل وزارة المالية، من خلال جلسات مفاوضة تتم من خلالها مناقشة مدى مناسبة تلك المشاريع والكلفة المقدرة لها. وتابع: «يتم اعتماد تلك المشاريع بناءً على عاملين، الأول البيانات التاريخية عما حصلت عليه تلك الجهة الحكومية في
السنوات الماضية من المشاريع، والثاني القدرة التفاوضية لممثل الجهة الحكومية وممثل وزارة المالية، وهذه تخضع للعلاقات الشخصية والثقة المتبادلة والمجاملات».
وأشار العريني إلى أنه مما يلاحظ على هذه الآلية انه لا يوجد معيار لتخطيط وتحديد المشاريع، وهل هذه المشاريع تخدم الأهداف الاستراتيجية للدولة؟ موضحاً أنه «لا يوجد حتى الآن خطة استراتيجية واضحة ومحددة، وأن ما تقوم به وزارة التخطيط هي خطط تنمية، لا يتم تطبيقها على أرض الواقع ولا يتم ترجمتها إلى مشاريع، وبذلك فان دور وزارة التخطيط غير واضح، أو مغيب».
وقال العريني إنه «لا يوجد تحديد أولويات في اعتماد المشاريع، وهناك إشكال آخر، وهو عدم وضوح الأدوار لكل قطاع، في ما يخص إدارة المشاريع، ومن المسؤول عن تحديد الأولويات واستراتيجية المشاريع ونوعها، هل هي وزارة المالية أو الجهة الحكومية؟ وهل دور وزارة المالية دور تمويلي أو دور استراتيجي في تخطيط واعتماد المشاريع؟».
وذكر أنه «من الملاحظ أن هناك تركيزاً من الجهات الحكومية على تنفيذ المشاريع على حساب تقديم الخدمة للمواطنين، لذلك فإن الوضع الحالي يظهر أن هناك فجوة تنظيمية في ما يخص تخطيط وإدارة المشاريع، وهنا يأتي دور ما يسمى بتطبيق مبادئ تخطيط وإدارة المشاريع. وقد يكون الحل الأفضل هو إنشاء هيئة عامة للمشاريع».
من جهته، يقول الدكتور محمد الخثعمي إن الكوارث دائماً ما يخرج منها أنظمة تصحيحية ومشاريع تنموية هادفة، فمثلاً حريق لندن في ستينات القرن الماضي اعتمد على ضوئه نظام الكود البريطاني وكذلك في أميركا وما تبع ذلك من قوانين ذات علاقة بإدارة المشاريع، ولكن الجميع يتساءل عقب كارثة سيول جدة عما يجب أن نعمله؟ فالجهات الحكومية عموماً لا تنظر إلى الجانب الهندسي والإنشائي باهتمام.
وأوضح أن إدارة المشاريع في الوقت الماضي والحاضر تبدأ من فكرة المشروع ثم تُقيم المشروع بناء على الهدف أو رغبة المدير أو الوزير. ولذلك فإن لكل جهة طريقة معينة، فنجد أن معظم الجهات ما زالت تعتمد على كتيبات مواصفات قديمة من سنوات طويلة، وبعضها معد من شركات مقاولات معينة. وبذلك فإنه لا يوجد آلية واضحة تحكم الجودة، على رغم وجود آلية واضحة للصرف، ما يشير إلى أن هذه الطريقة التي تدار بها المشاريع طريقة عقيمة، إذ تعتمد ترسيتها على قوة المفاوض وقدرته ونفوذه.
وتطرقت الندوة إلى محور الآلية التي يتم من خلالها تخطيط واعتماد وتنفيذ المشاريع، وقال العريني إن «هناك اختلافات وضعفاً في طريقة عمل المشاريع. لذا فإن الوضع الراهن وما حدث في مدينة جدة يتطلب تدخلاً جراحياً عاجلاً وليس عن طريق استخدام المهدئات، ونعتقد بأن لجنة التحقيق في كارثة سيول جدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين كان ضرورياً، وعكس حرص الدولة والقيادة العليا».
وأضاف أنه لو أخذنا الباب الثالث والرابع من موازنة وزارة المالية، فإنها عبارة عن مشاريع وهي تمثل أكثر من 75 في المئة من موازنة الدولة، ونحن نتحدث عن مشاريع قيمتها أكثر من 400 بليون ريال سنوياً، واننا نتفق وندعو منذ سنوات إلى ضرورة إعادة النظر في الوضع الحالي.
وأشار إلى أن هناك مشكلة تنظيمية واستراتيجية بالدرجة الأولى، كما أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين وتأكيده على الوزراء كل في قطاعه بتنفيذ المشاريع يوضح الأهمية الاستراتيجية لتخطيط وإدارة ومتابعة تنفيذ المشاريع.
وأكد العريني أن مفهوم إدارة المشاريع لو تم تطبيقه بشكل صحيح، والذي يشمل مراحل عدة منها التخطيط الاستراتيجي، تحديد المشاريع، التنفيذ، المتابعة، التقويم، إدارة المخاطر، إدارة المخرجات، إدارة الموارد البشرية، ثم التقويم والمتابعة، لحققنا نجاحات كبيرة في تنفيذ مختلف المشاريع.
وتابع يقول إن «دور وزارة المالية هو عبارة عن متابعة للصرف فقط، والتأكد من اكتمال المستندات والأوراق ثم العمل على صرف المبالغ المالية، أما ديوان المراقبة العامة، فيأتي دوره عقب انتهاء المشروع، إذ يعمل على مراجعة المستندات، وهذا يؤدي إلى عدم وضوح المسؤوليات، ما يؤكد أن سبب فشل الكثير من المشاريع يرجع إلى غياب عوامل نجاح المشاريع، وهي العناصر والعوامل الرئيسية والأطراف المتعلقة بذلك المشروع من حيث المالك والمنفذ والجهات المستفيدة والمقاول».
وذكر أن «المشاريع لدينا في المملكة من مبان وطرق لا تعيش أكثر من خمس سنوات، وهذا يؤكد على ان هناك مشكلة في المواصفات وفي التنفيذ وكذلك في المبلغ المصروف عليها، وهذا يجعلنا نتساءل ما هو عائد الاستثمار منذ 50 عاماً؟ ومن وجهة نظري فإن العائد منخفض جداً حتى الآن».
أما الخثعمي فرأى أن مشروع جامعة الملك عبدالله خير مثال لإدارة المشاريع والذي تم انجازه في وقت قياسي من خلال أنظمة محددة وترتيب مدروس وسرعة انجاز. وتساءل «هل من المعقول أنه لا يوجد في المملكة كفاءات مثل الذين عملوا من «أرامكو»؟ وهل لا نستطيع استنساخ هذه الكفاءات ونضعهم في وزارة المالية والوزارات ذات العلاقة؟، كما لا ننسى أن هناك كفاءات خرجت من «أرامكو» و «سابك» وعملت في جهات حكومية وبكل أسف فشلوا لأنهم دخلوا في روتين ودائرة بيروقراطية قاتلة».
ويقول القويحص إن هناك جهات حكومية تعاني من مشكلات الجهاز الهندسي الذي يقوم بإعداد التصاميم والمواصفات والإشراف عليها، ولذلك أثارت خطط التنمية هذه القضية، إذ أكدت خطة التنمية الثامنة أن هناك قصوراً في دورة تنفيذ المشاريع، وبالتالي اكتشفت الدولة أن هناك تأخيراً في تنفيذ المشاريع، وأكدت الخطة ضرورة مراجعة الإجراءات والآليات المتبعة في تنفيذ المشاريع الحكومية في مراحلها المختلفة بهدف الرفع من كفاءتها الاقتصادية.
ولفت إلى أن هناك فرقاً بين إدارة المشاريع والإشراف على المشاريع، وغالبية الجهات الحكومية تقوم بعملية الإشراف وليس الإدارة، ولو نظرنا إلى الجبيل وينبع لوجدنا العمل فيها بالإدارة.
وحول دور المقاولين ومدى كفاءتهم في تنفيذ المشاريع، قال الخثعمي: «إن دور المقاول خاضع لعقد «إذعان» يجب أن يُنفذ، وهذا ما يجعلنا نطالب بضرورة إعادة صياغة العقد والاستفادة من تجارب الآخرين، مثل عقد فيديك الدولي، ونقوم بحذف البنود التي من الممكن أن تتعارض مع الأنظمة الشرعية في العقد، ثم العمل على تطويره وتطبيقه، خصوصاً أن نجاح المشروع والمقاول يرجع للعقد، فإذا توافر استشاري وإدارة متفهمة لوضع المقاول وتركز في عملها على النجاح المشترك فإن المشروع سينجح».
أما القويحص فرأى أن المقاول يعتبر حجر الزاوية في تنفيذ المشاريع، وإذا وجد مقاول جيد ولدية الإمكانات المالية والإدارية والبشرية في تنفيذ المشروع فسيتم تنفيذ ذلك بطريقة صحيحة. «ولا ننسى أنه كانت هناك فترة انخفض فيها عدد المشاريع، ما تسبب في عدم الاهتمام بقطاع المقاولات، وجعل المقاول الذي يحصل على مشروع يعتمد في تنفيذه على أسلوب نظام المشتريات الحكومية، وإذا طرح المشروع للمنافسة فإن الجهات الحكومية صاحبة المشروع تعتمد على العطاء الأقل مالياً وليس على الجانب الفني، وهذا ما جعل الكثير من المقاولين يتعمد خفض العطاء المالي المقدم بشكل كبير، وهذا سينعكس على كفاءة المشروع ومواصفاته».
وزاد: «كثير من الدول المتقدمة والشركات المحلية لديها طريقة لاختيار المقاول وهو نظام المظروفين المالي والفني وطريقة تنفيذ المشروع، ثم التركيز في فتح المظاريف على الجانب الفني وكفاءة المقاول وقدرته على تنفيذ المشروع».
من ناحيته، أوضح العريني أن المقاولين يعتبرون شركاء استراتيجيين، نظراً إلى أن مشاريع البنية التحتية في المملكة تعتمد على القطاع الحكومي، وفي حال توافر سيولة كبيرة نجد قطاع المقاولات يرتفع بشكل كبير بسبب ارتباطه بالقطاع الحكومي، ومن جهة أخرى، إذا قارنا ذلك بمستوى المقاولين نجد أنه لا توجد إلا شركتان كبيرتان في المملكة فقط، وهذا خطأ استراتيجي، خصوصاً أن هناك مشاريع للقطاع الحكومي سنوياً بأكثر من 400 بليون ريال، ويعتمد تنفيذ غالبية المشاريع على الشركتين، ما خلق نوعاً من الاحتكار سواء في الكلفة أم المعرفة أم سوق العمل، وهذا ما جعل القطاع الحكومي يركز على الشركتين، وهذه إشكالية كبيرة».
واستطرد يقول: «ومع أن المقاول شريك، إلا أن نظام المشتريات الحكومي غير عادل مع المقاولين وكذلك مع الاستشاريين، لأن الجهات الحكومية هي المسؤولة والمسيطرة، ما يجعلها تملي شروطها على الجميع وتستطيع إيقاف أي مشروع في أي وقت من دون النظر إلى الضرر الذي سيلحق بالشركات المنفذة».
وبشأن دور الجهات الرقابية ومجلس الشورى في متابعة المشاريع، قال القويحص إن هناك ثلاث جهات رقابية، هي: ديوان المراقبة العامة، هيئة الرقابة والتحقيق، مجلس الشورى، اذ يتم متابعة عمل الأجهزة الحكومية من خلال التقارير السنوية التي ترفع للمقام السامي ثم تحال للمجلس لمتابعتها والذي بدوره يكتشف أن هناك إشكالاً في تأخر تنفيذ المشاريع، ما جعله يشكل لجنة خاصة قامت بدرس تلك المشكلة مع الأجهزة الحكومية ورفعت تقريرها للمقام السامي، إضافة إلى ملاحظة المجلس أن هناك تأخيراً في بعض الأجهزة الحكومية، وصدرت توصيات مباشرة لتلك الأجهزة بضرورة الإسراع في تنفيذ تلك المشاريع. وبذلك فإن «دور مجلس الشورى هو رقابة شاملة على الجهاز الحكومي، ونحن بذلك بحاجة إلى مراقبة فنية في ظل عدم وجود جهاز متخصص للرقابة الفنية للمشاريع في الدولة».
وتحدث العريني عن وزارة المالية وديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق ومجلس الشورى كأجهزة إشرافية، وقال إننا نجد أن وزارة المالية هي الجهة التي تعتمد المشاريع وموازنتها، وهذا خطأ اذ من المفروض أن يقتصر دورها على الجانب المالي فقط، «ولكن للأسف أصبح دورها يمتد إلى الجانب الاستراتيجي واعتماد المشاريع وتحديد أولوياتها على رغم نفي الوزارة أن يكون ذلك من أدوارها، وتقول إن المشاريع تُعتمد من القطاعات الأخرى ودورها تنظيمي فقط».
أما دور ديوان المراقبة فيأتي بعد الصرف، وسنوياً تُعد تقارير عن وضع المشاريع ومشكلاتها وغير ذلك، من دون إيجاد حلول لذلك. وأشار إلى أن ديوان المراقبة لا يعرف وضع الكثير من المشاريع المنفذة. ولا يعرف من هو المقاول وما هي مواصفاته، اذ يتم اعتمادها وترسيتها على المقاول وفق الأوراق المقدمة.
وعن تقويم معدل العائد على الاستثمار في المشاريع الحكومية، أوضح القويحص أن غالبية المشاريع ليس لها عائد استثماري مادي، ولكن العائد الاستثماري يكون في ما تقدمه من خدمات وتنمية بشرية، وهذا ما يظهر من مختلف القطاعات الحكومية، إضافة إلى ذلك فهناك بعض المشاريع لها عائد استثماري مثل الجبيل وينبع التي صرف عليها البلايين، واتضح أن كل ريال صرف كان العائد منه ستة ريالات، وهذا مردود اقتصادي ولكن من القطاع الخاص.
أما العريني فرأى أن العائد يتمثل في المنافع التي يلمسها المواطن، ونحن بحاجة إلى الاستثمار وإلى تطوير الموارد البشرية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن، ونحتاج إلى تقويم المشاريع التي صرف عليها، البلايين خلال السنوات الماضية. فلو نظرنا إلى ال 40 سنة الماضية وتم حساب حجم الصرف على المشاريع سنوياً لتجاوز ذلك عشرات التريليونات.
وعن كيفية تخطيط وإدارة المشاريع مقارنة بالدول الأخرى، قال القويحص إن هناك جهازاً حكومياً في معظم الدول يكون مسؤولاً عن المشاريع والتخطيط لها، ولذلك «نحن بحاجة إلى جهاز خاص للمواصفات في ظل أن كل جهة في المملكة لها مواصفاتها الخاصة، وكذلك كود البناء الذي سيصبح إلزامياً، إضافة إلى أننا بحاجة إلى مواصفات عامة للمباني تكون موحدة، إذ للأسف أن كل جهة مواصفاتها تتبع جنسية الاستشاري الأجنبي الموجود فيها، ما يتطلب أن يكون للمملكة مواصفات خاصة وموحدة تطبق على مختلف المشاريع والعمل على تحديثها ومتابعتها».
ويقول العريني إنه لو نظرنا إلى كل من كندا وأميركا وهولندا وكوريا لوجدنا أن لديها جهات مركزية إشرافية على المشاريع، ما يؤكد أن إنشاء هيئة للمشاريع ليس شيئاً جديداً، لذا يجب أن نستفيد من تجارب تلك الدول، ونؤكد أن المهم ليس فقط إنشاء هيئة إشرافية، ولكن المهم هو توفير الآلية التي ستعمل من خلالها الهيئة وهيكلها التنظيمي الذي سيحدد أدوارها.
وعن الحلول المقترحة، اتفق المشاركون في الندوة على أهمية إنشاء هيئة أو جهاز متخصص في إدارة المشاريع على غرار ما هو متبع في كثير من الدول المتقدمة، خصوصاً في ظل وجود مشكلات كثيرة مثل مشاريع الصرف والمياه والسيول، والتي كل قطاع منها يتبع جهة مستقلة والتنسيق بينهم محدود. وأشاروا إلى تجربة مدينة الطائف قبل 15 سنة، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والحي الديبلوماسي، والجبيل وينبع التي تدار كل واحدة منها بجهاز متخصص في إدارة المشاريع مما اثبت نجاحها حتى اليوم.
وأضافوا أن وجود هيئة عامة سيساعد في متابعة تشغيل وصيانة المشاريع، إذ إن هناك مشاريع تم الانتهاء منها وظلت سنوات لم تشغل ولم تحقق الهدف منها، لذا فإن إنشاء هيئة أو جهاز لإدارة المشاريع لا يتوقف دوره عند الانتهاء من المشروع، ولكن الدور ينتهي عقب التشغيل، لأن دوره سيتركز على التخطيط والإشراف ومتابعة تنفيذ مشاريع الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.