يؤثّر التغير المناخي على الإنتاج الزراعي حول العالم ولاسيّما في القارة الإفريقيّة. ويؤدي إلى تدمير العديد من الهياكل الاقتصادية والاجتماعية. ونقلت صحيفة «ليدير شيب» عن عالم الجغرافيا في جامعة «ميريلاند» مولي براون أن «التغير المناخي سيكون له تأثير عميق على الزراعة»، وأضاف، «في اثيوبيا يعتمدون بشكل كبير على الزراعة، والآن لا يحصلون على ما يكفي من أمطار لمحاصيلهم، وفي الوقت نفسه يهطل المطر في مناطق شمال اثيوبيا، حيث يعيش عدد قليل من الناس لأنهم أعتادوا على أن تكون المنطقة جافة». ومعظم المزارعين لا يستطيعون رؤية الأنماط العالمية الكبرى لتغير المناخ، وبالتأكيد لا يمكن تغيير ما يحدث. لكن الشركات الكبرى يمكن أن ترى ذلك، لأنهم يقومون بشراء حمولات المنتجات الزراعية من جميع أنحاء العالم . ولفت الرئيس التنفيذي للاستدامة في شركة «مارس» باري باركين، المنتجة ل «سنكيرز» و «أم أند أمز» أن هناك عنصر أساسي في منتجات الشركة الأكثر اغراء، وهو الشوكولاتة. وتأتي من أشجار الكاكاو ومعظمهم في غرب أفريقيا، حيث المناخ الحار و الرطب. وتشير الدراسات أن المناخ قد لايستمر على هذا الحال، وأكثر النماذج تقول أن الجفاف سيزيد في غرب أفريقيا، وهذا ليس جيدا بالنسبة للكاكاو، إذ يعد واحد من 100 أو أكثر من السلع الزراعية الداعمة للمواد الغذائية والثروة الحيوانية هناك. وكشفت «منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة» (الفاو)، أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ تزايدت واشتدت حدتها على مدى العقود الثلاثة الماضية. وأن الجفاف بات أكثر شيوعاً في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما لذلك من عواقب وخيمة على الثروة الحيوانية والمحاصيل. ولم تنجو نيجيريا من تغير المناخ الذي يشكل تهديداً لأمنها الغذائي بسبب تزايد الفيضانات والجفاف. وازدياد التغير في المناخ الشرقي والشمالي الذي لوحظ في جفاف بحيرة تشاد، وحرمان العديد من المجتمعات وسائل رزقهم. وأصدر برنامج «تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي» الصادر من كوبنهاغن، دراسة تقول أن تغير المناخ يمثل تهديدا على مستقبل إنتاج المحاصيل الغذائية في مناطق عدة من العالم، والتي تعاني بالفعل من «مشكلات غذائية مزمنة». وقالت الدراسة «إن مواسم النمو الأقصر والأكثر جفافا أو الأشد حرارة بسبب تغير المناخ، ربما تؤدي إلى تقليص الإنتاجية من المحاصيل الغذائية مثل الذرة والفول». وذكرت أنه بحلول العام 2050 ربما تواجه الكثير من مناطق شرق وغرب أفريقيا والهند وأجزاء من المكسيك وشمال شرق البرازيل مواسم نمو أقصر، مما سيؤثر على ملايين الأشخاص الذين يعانون بالفعل من نقص الغذاء. وكشف استطلاع الإتحاد الدولي للمزارعين« أن أف يو» أن ثلثي المزارعين لاحظوا زيادة في سوء الاحوال الجوية، بما يتفق مع آثار تغير المناخ التي يتنبأ بها العلماء. وقال نائب رئيس « أن أف يو» جاي سميث إنه «أمر مقلق جداً أن ما يقرب من 60 في المئة من الشركات الزراعية تأثرت فعلاً بالظواهر الجوية الشديدة في السنوات ال 10 الماضية». والملاحظ أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ ازدادت وتيرةً وحِدة على مدى العقود الثلاثة الماضية. وتكشفت دراسة أجرتها المنظمة مؤخراً أن نحو 25 في المائة من الأثر الاقتصادي السلبي لهذه الكوارث في البلدان النامية، يلحق حصراً بقطاعات إنتاج المحاصيل، والثروة الحيوانية، ومصايد الأسماك، والغابات. وباتت زراعة الزيتون في تونس مهددة بسبب التغيرات المناخية الشديدة، وبعد أن أصبحت تونس الخضراء أكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم قد تخسر هذا اللقب في ظل خطر خسارة نصف محاصيلها بحلول العام 2030. وتعتمد 80 في المئة من أشجار الزيتون في تونس على الأمطار، لكن الخطر يتعاظم مع تغير المناخ من جفاف إلى فيضانات وهطول أمطار غزيرة تغرق الأرض وتلقي بالضرر البليغ على أشجار الزيتون. يذكر أن، المدير العام لمنظمة "فاو" جوزيه غرازيانو دا سيلفا قال إنهم يعملون عن كثب مع وكالات الأممالمتحدة المتخصصة الشركاء، وعلى الأخص الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، للسير على استراتيجية مشتركة من أجل بناء قدرة التجاوب عبر "العمل قبل وأثناء وبعد الأزمات". وتهدف الاستراتيجية إلى تدعيم قدرات البلدان على توقع الصدمات والأزمات وامتصاصها. وفي الوقت ذاته، تعاون المنظمة مع البلدان على تحويل النظم الغذائية والزراعية وسبل المعيشة الأشد عرضة للخطر، إلى أنشطة مستدامة.