برشاقة غير عاديّة، يقفز مدرب الفن التعبيري والاستعراض وليد طافش (25 سنة)، بين طلابه الأطفال هنا وهناك على نغمات الميجانا الفلسطينية، من دون أن يُلقي بالاً لإعاقة لم تقوَ على عزيمته وإرادته القويتين. يلتفت إليه طلابه بعيون مشدوهة، مفتوحة على آخرها، تُحاوّل تقليد حركاته في التنّقل بين النغمات باحتراف واضح، أثبت للجميع أنّ مواجهة المجتمع هي السبيل الأوحد إلى النجاح، وأنّ الإعاقة لا تقف عقبة أمام من يسعى إلى الحياة بإيمان وحب شديدين. في البداية سببت نظرة الناس إلى طافش حرجاً كبيراً، دفعه إلى الانطواء على نفسه طويلاً، بسبب شعوره بالنقص، وفق ماكان يقرأ في عيون من حوله، والتي تقول إنّه شخص غير طبيعي. لكنّه كسر تلك العزلة، وخرج معلنًا هزيمة الإعاقة، وذلك من خلاله مشاركته في مخيمات صيفية للأشخاص الذين يعانون من الصم والبكم، ما أكسبه ثقة زائدة بقدرته على مواجهة مشكلاته اليومية. وحين وجد نفسه قادراً على الإبداع في مجال النشاطات الفولكلورية والاستعراض والدبكة، ثابر على التدريب، ما ساهم بتحوّل نظرة الناس إليه إلى نظرات انبهار وتعجب وفخر بتجربته. يُضاف إلى تجربة الشاب طافش تجارب تحدٍّ كثيرة وبالذات وسط ما يعاني منه قطاع غزة المحاصر منذ ثمانية أعوام، منها أيضاً تجربة محمد الدلو (21 سنة) ، الذي قرر تحدي مرض ضمور العضلات الذي لازمه منذ ولادته، بريشته وألوانه، منجزاً معرضه الأوّل ل «الأنيميشن» في القطاع، الذي حمل شعار «#الانمي حياتي». واختار أصدقاؤه إقامته في اليوم الذي يصادف عيد مولده، ليكون بمثابة ولادة أخرى سليمة له في عالم الفنون التشكيلية، لا سيما أنه يطمح إلى إثبات نفسه في مجال ال «أنميشن»، وأن يؤسس شركة تكون حاضنة لمواهب ذوي الحاجات الخاصة، لافتاً إلى أن لدى كثيرين منهم مواهب يخشون إبرازها. وعلى صعيد حملات الاحتضان والدعم، لاقت حملة تغريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان (# مجتمع يتسع للجميع)، أطلقتها أخيراً مؤسسات ومجموعات شبابية، أقبالاً وتفاعلاً كبيرين، إذ عبّرت عن المعاناة التي يعيشها ذوو الحاجات الخاصة في القطاع. وأشارت منسقة المشاريع ولاء مدوخ إلى أنّ هذه الحملة جاءت إيماناً بمبدأ المشاركة من أجل التنمية وأهمية إشراك الشباب ذوي الإعاقة من الجنسين في النشاطات المجتمعية. وشدّد وزير الشؤون الاجتماعية كمال الشرافي على ضرورة تحقيق التكامل والشراكة بين مختلف المؤسسات لتطبيق بنود القانون بدءاً من اعتماد بطاقة المعوّق، وتوظيف 5 في المئة من ذوي الإعاقة في المؤسسات، ومواءمة الأماكن العامة، معتبراً إياها مسؤولية وطنية. ودعا سليم الهندي ممثل ائتلاف الناشطين إلى تبنّي قضايا الإعاقة، وترسيخ مبادئ حماية حقوق المعوّقين التي نصّت عليها الاتفاقات الدولية وقانون المعاق الفلسطيني، مطالباً بالاستمرار في دعم قضايا الإعاقات المختلفة وإنهاء الحصار المفروض على غزة، والإسراع في عملية إعادة إعمار منازل الأشخاص المعوّقين. وتشير بيانات الجهاز الفلسطيني للإحصاء المركزي إلى أن أعداد ذوي الإعاقة وصلت إلى حوالى 113 ألف فرد، أي 2.7 في المئة من مجمل السكان، منهم 75 ألفاً في الضفة الغربية (2.9 في المئة)، وحوالى 38 ألفاً في القطاع (2.4 في المئة). وبلغت نسبة الإعاقة بين الذكور2.9 في المئة في مقابل 2.5 في المئة بين الإناث.