ضبط 1.2 طن خضروات تالفة في سوق الدمام المركزي    وزير الخارجية يصل روسيا للمشاركة في اجتماع مجموعة بريكس    جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    تراجع أسواق الأسهم الأوروبية واليورو بعد نتائج انتخابات الاتحاد الأوروبي    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    مانشيني: سنخوض "كأس الخليج" بالتشكيلة الأساسية    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    حاجة نيجيرية تضع أول مولود بالحج    محافظ القريات ويلتقي اعضاء جمعية الحياة لرعاية مرضى السرطان    أمير تبوك يوجّه باستمرار العمل خلال إجازة عيد الأضحى    «الموارد البشرية»: بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتباراً من 15 يونيو    واشنطن تدرس التفاوض مع حماس لإطلاق أسراها    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    سمو أمير الباحة يستقبل مساعد وزير الرياضة ويبحث احتياجات المنطقة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية البرتغال بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    بدء أعمال المنتدى الدولي "الإعلام والحق الفلسطيني"    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن الكلام على شعر عراقي راهن؟
نشر في الحياة يوم 03 - 05 - 2009

إذا نظرنا الى المشهد الشعري في العراق اليوم، المتمثل بأصواته الشابة من خلال المجموعات الشعرية الخمس الفائزة في مسابقة «ديوان الشعرية - دورة محمود درويش»... فماذا يعطينا خمسة شعراء توزعوا بين الثانية والثلاثين والرابعة والاربعين وتباينوا بين الكتابة على النمط الحديث، وقصيدة التفعيلة مع التزام بالروح الغنائية، وقصيدة النثر المكتوبة في أشكال وصيغ بسيطة؟
إن الشعراء - النقاد، والنقاد المحترفين، الذين تألفت منهم لجنة التحكيم في هذه المسابقة، وضع كل منهم اصبعه النقدي على شعر الشعراء الخمسة كل بطريقته. ففي الوقت الذي رأى الشاعر - الناقد البحريني علوي الهاشمي أن مجموعة الفائز الأول مروان عادل «تراتيل طيور محنطة» تتميز «بلغة شعرية جديدة تتحرك خلف السياق النصّي للجمل والتعابير التي تبدو نثرية للوهلة الاولى»، ذهب الشاعر – الناقد شوقي بزيع الى أن لغتها «متوترة ونابضة بالصدق»، في حين وجد في قصائد مجموعة الفائز الثاني حمد الدوخي «الأسماء كلها» قصائد تكشف «موهبة عالية ومتدفقة وذات بعد ملحمي». أما الناقد عبدالكريم حسن فوجد فيها شعراً «يجرّب الشكل».
أما الشعراء الثلاثة الذين تقاسموا الجائزة الثالثة، فإن حسن عبد راضي صاحب «طقوس موت الأشياء» يتمتع - بحسب شوقي بزيع - «بوعي وجودي للعالم»، وب «ابتعاد عن اليقينية يقابله عالم مملوء بالشكوك ومثخن بالهواجس دائماً نحو الأماكن المفقودة والأزمنة المفقودة». وقد وجد الناقد عبد الرضا علي أن فيها صوراً «شعرية مدهشة، وإيقاعات تتداخل بأداء مثير». ويجد علوي الهاشمي مجموعة أحمد عزاوي: «الحياة... بعين بيضاء» تتميز بقصائدها النثرية المعبّرة عن حالات من التوتر الشعري الذي يحتويه إيقاع داخلي هامس». أما مضمونها فيعبّر عن «شعرية الضياع» - كما يرى عبدالكريم حسن الذي يذهب، في رؤيته النقديه لها، الى ان الصورة الشعرية فيها «مشغولة جيداً»، في حين يرى عبد الرضا علي أن تكويناتها «الشعرية أولعت بتقنية الراوي العليم كثيراً، وبالوصف السردي المحكم»، وقد تحوّل بمصطلحاته النقدية من الحقل الروائي الى الحقل الشعري.
ويجد الناقد نفسه في مجموعة الشاعر الثالث ليث فائز الأيوبي «عاهات قرقوش» توظيفاً ل «الراهن السياسي لمصلحة الراهن الشعري بامتياز»، بينما يشدد شوقي بزيع على قوة «اللغة ومتانة التعبير وعمق الثقافة وسعة الاطلاع لدى الشاعر» فيها، فضلاً عن «تمكن الشاعر من الأوزان وتشكيلاتها التفعيلية».
لكن اكثر من سؤال ينبثق من هذا كله: ماذا تمثل هذه الأعمال الشعرية بمجموعها؟ وأين يقف أصحابها، الشعراء، في المشهد الشعري الراهن في العراق؟ وهل من إضافة تقدمها أو يقدمونها الى هذا المشهد؟
وإذا كان الشعراء والنقاد أعضاء لجنة التحكيم قد اكتفوا بما وضعوا من إشارات نقدية تخص كل مجموعة وكل شاعر، وجاء معظم هذه الإشارات «عاماً» «أو «خارجياً»، فإنها مع ذلك يمكن أن تشكل دليلاً الى قراءة كل عمل من هذه الأعمال الخمسة على حدة - ولكن لا بالنسبة الى «جيل الشاعر» وإنما من خلال وضعها في سياق تاريخ الحداثة والتجديد في الشعر العراقي الحديث. وهذا تراث ميّز، حتى اليوم، ثلاثة أجيال من الشعراء المجددين، كل جيل منهم يمتاز بقصيدته التي تفرده كما تفرد قصيدته شكلاً، وتجربة، ولغة، وأسلوب بناء، وتجربة أيضاً. وأتى من بعدهما جيل أطلق على نفسه، جرياً وراء تقليد التسمية الذي ساد، إسم «جيل السبعينات»، وهو جيل عمل على بناء تجربته الشعرية انطلاقاً من الافتراق والمفارقة في ما اتخذ من توجه شعري.
ومن بعد ذلك لم يتميز «جيل آخر» على نحو واضح ومتبلور الاتجاه والتوجّه: ولئن أفرزت الحروب المتوالية، وحالات الاضطراب والنكوص التي عاشها العراق في مدى يزيد على ربع قرن، «شعراء» أكثر، فإنها لم تفرز شعراً كبيراً، وإذا كانت قد تقدمت، خلال هذا المدى الزمني، أسماء معدودة، فإنها لم تتجلّ على نحو واضح في المشهد الشعري الراهن.
فقد اغتصب الواقع الشاذ الثقافة، وبدا المشهد عائماً ومختلطاً، ومتعدّد الاتجاهات والتوجهات من دون عمق كبير، لا تواكبه حركة نقدية فعلية متماسكة الرؤية والمنهج بحيث تأخذ دورها الفاعل والمؤثر - كما أخذته بين الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي... فضلاً عن تشتت الشعراء، مكاناً وزماناً، بديل اجتماعهم لتأليف حركة حية للشعر في قرن جديد، فأصبح الجيل الواحد موزعاً بين المنفى والوطن. وفي المنفى لم يتحقق لمعظم شعرائه من الحضور والتطور الشعري ما كانوا يأملون ويرجون. وفي الوطن لم تحقق غالبية الأسماء التطور الشعري المرجّو لنفسها. فإذا أخذنا الكثيرين منهم باعتبار أعوام العمر سنجدهم تجاوزوا سن الأربعين، أو اقتربوا من الخمسين ولم يحققوا حضوراً يمكن التوقف عنده كما ينبغي.
والسؤال مرة أخرى: من السبب في ذلك؟ ضعف الموهبة وقصور الأداة، أم ضغط الواقع؟ إنه سؤال يلزم الجواب عنه قراءة وبحثاً واسعين وشاملين للمشهد الشعري الراهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.