تشن الولاياتالمتحدة وعدد من الدول، غارات جوية في سورية العراق منذ شهور، في إطار التحالف الدولي ضد الارهاب بهدف القضاء على "تنظيم الدولة الاسلامية" (داعش) وتدمير قواته على الارض. ومن جهتها، بدأت القوات الروسية، وفق ما أعلنته موسكو، شن حملات جوية مماثلة ضد "داعش" مستخدمة أسطولا من الطائرات الحربية الحديثة. وتطرح هذه الحرب الجوية تساؤلات من قبل خبراء عسكريين حول جدوى عمليات القصف الجوي وما إذا كانت قادرة وحدها على حسم المعارك، إذ يعتبر بعضهم إن هذا النوع من التكتيك العسكري ليس فاعلاً في حسم النزاعات، بينما يؤكد آخرون رؤية معاكسة. وعرف العسكريون القصف الجوي على أنه تدمير الأهداف المعادية بالقنابل أو الصواريخ التي تسقطها أو تطلقها طائرات متخصصة، يختلف حجمها وحجم حمولتها باختلاف الهدف المراد قصفه، وبعده وقربه من مسرح العمليات. ويعد تدمير المنشآت الحيوية ومصادر الطاقة والمطارات وخطوط الإمداد وخطوط السكك الحديد ومراكز القيادة والموانئ البحرية، الغاية الاساسية لعمليات القصف الجوي. وتقول تحليلات إن الولاياتالمتحدة اعتمدت تكتيك القصف الجوي لحسم معركتها مع "الدولة الإسلامية" (داعش). وتعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بشن عمليات جوية ضد التنظيم داخل الأراضي السورية. وشنت الطائرات الأميركية غاراتها الأولى على معاقل التنظيم في مدينة الرقة السورية في أيلول (سبتمبر) العام 2014، وأكدت المصادر الأميركية وقتها ان الهدف من الغارات توجيه ضربة حاسمة وأولية ل "داعش". كما اعتمدت روسيا التكتيك ذاته، وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن اليوم (الثلثاء)، على ان "روسيا لا تسعى للزعامة في سورية بأي شكل من الأشكال. وأنها تسعى إلى المساهمة بقسطها في مكافحة الإرهاب الذي يهدد الولاياتالمتحدةوروسيا والدول الأوروبية والعالم برمته"، مؤكداً أن "الجانب الروسي يبذل وسعه من أجل توحيد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، لكي تكون نتائج تلك الجهود واضحة ولكي تساهم بالفعل في القضاء على الإرهاب الدولي ". وفي المقابل، أظهرت تحليلات كثيرة عدم جدوى القصف الجوي في كسب الحروب وحسم النزاعات. واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن "داعش" لا يمكن دحره بالقصف الجوي فقط ، وقال إن "الجهاديين في هذا التنظيم الذي يمثل ظاهرة خطيرة لا يمكن احتواؤهم أو استئصالهم بالقصف الجوي". ونشرت صحيفة "صانداي تليغراف" تحليلاً بعنوان "الضربات الجوية وحدها لايمكنها حسم الحرب ضد الدولة الاسلامية"، وقالت فيه إن التنظيم سيخسر الحرب، فقط عندما تصبح الايديولوجية التى ينطلق منها غير جاذبة لمناصريه في العالم الاسلامي. وأشار كاتب التحليل، رئيس قسم الشؤون الخارجية في الجريدة دافيد بلير، إلى أن القنابل التى يتم توجيهها باشعة الليزر والمقاتلات الحديثة يمكنها أن تحدث أثراً تدميريا كبيرا في ساحة المعركة، لكنها لن تكون كافية لكسب الحرب. ويؤكد بلير أن التنظيم سينهزم فقط عندما تتداعى شبكة الافكار التي ينفذ منها الى قلوب أنصاره والشباب الذين ينضمون إليه للقتال، سواء من دول الشرق الاوسط أو العالم الغربي. ويستدل بلير بعبارة لقائد القوات البريطانية الاسبق في العراق الجنرال جوناثان شو قال فيها "هذه الحرب سيتم الفوز بها او خسارتها في قلوب وعقول الشعوب الإسلامية". يذكر أن مصطلح "كسب الحرب من السماء" ظهر في أعقاب حرب العام 1967، والتي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسورية والأردن. ومن خلال القصف الجوي الإسرائيلي، دُمر نحو80 في المئة من العتاد الحربي في الدول العربية، واحتلت إسرائيل سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. وتعاظم هذا المصطلح مع التطور التقني الهائل في صناعة الطائرات وأجهزة التسديد الإلكترونية المعقدة التي تعتمد على أشعة الليزر والأشعة تحت الحمراء بمساعدة الأقمار الصناعية التي ترصد مكان الهدف وإحداثياته.