«صحيب» مشتقة من صحب والصحبة، وهي من المحكية السعودية، وتعني تصالح الأطفال قديماً، فإذا عقد الطفل خنصره على خنصر صديقه بعد خصام بينهما أو جفوة ما وقال له: «صحيب» فهذا معناه تجدد الصحبة أو بالمصطلح السياسي استمرار العلاقات. أما «جريب» فتعني المخاصمة، وسحب السفراء، والمقاطعة، فإذا نظر الطفل إلى رفيقه بغضب أو عتب أو استعلاء وقال: «جريب»، فهذا يعني وقوع الخلاف والقطيعة، وهي كلمة مشتقة من الجرب، الداء المعروف الذي يصيب الماشية، ويجعل الراعي يعزلها عن بقية القطيع. داخل البيوت العامرة بالأبناء والأحفاد، وفي شوارع أو ممرات الحارة، أو حتى ممرات ومداخل العمائر السكنية، تحدث يومياً، وأحياناً أكثر من مرة هذا السيناريو، فالغضب أو الزعل يحدث لأي سبب مثل الاختلاف على ملكية «مصاقيل» أو علكة، أو خشبة وجدت ملقاة على الطريق، ثم المصالحة تتم ب«جغمة» ميرندا، أو قضمة من «الكرميللا « كما كنا نطلق على نوع قديم من الشكولاته. التحزبات والتكتيكات الحزبية، ومبدأ «فرق تسد»، وتكوين التحالفات، والتخطيط الآني كلها كانت ممارسات حاضرة في الشارع، يوم ان كان هناك شارع، ومعظم ما تقدم اختفى من حياة الأطفال الجدد لأسباب كثيرة، ولا أعرف هو هو لصالحهم وصالحنا أم لا؟ المفاهيم نفسها موجودة اليوم، لكن تمت «أتمتتها «أي أن الصحيب اليوم هو من يضاف إلى قائمة المسنجر، البلاك بيري، والى قائمة تبادل اشرطة البلايستيشن، أما «الجريب» فهو من يحذف منها جميعاً، وبالطبع تغير «الأكشن» من لفظ كلمة «جريب» على الملأ إلى ضغط أيقونة الحذف، ومن «صحيب» الى إيقونة الاضافة. تأمل في السياسة والاقتصاد والمجتمع المحلي والاقليمي والدولي، وحاول أن تعرف كم حالة «صحيب» و«جريب» نعيشها يومياً، ولماذا؟ وكيف؟ فقط تخيل الأطفال قديماً في حارتكم وشارعكم، وحاول اسقاط شخصيات تتذكرها على رؤساء دول، منظمات، تكتلات، ومؤسسات عالمية «جريبة» أو «صحيبة»، ستكتشف أن عملية التحليل السياسي أسهل من تحليل سوق الأسهم السعودية – بالمناسبة أين اختفوا؟ -، أو حتى تحليل السكري في الدم في مستوصف «كَحْيان « إلى درجة انه يمكن أن يقوم بالتحليل، وعينة الدم من عندهم. اجتماعياً من بين كل ثلاث حالات زواج أو بعبارة أخرى «صحيب» هناك حالة طلاق «جريب» واحدة، أتعلمون لماذا؟ لأن من بين كل ثلاثة شبان من الجنسين من يود الخروج من خانة العزوبية المصنفة «جريب»، إلى حالة التأهل المصنفة بغباء غريب على أنها «صحيب» للمجتمع. [email protected]