لم تعد السلطة الرابعة المتمثلة في الإعلام التقليدي بوسائلها القديمة قادرة على الصمود أمام اجتياح السلطة الخامسة المتمثلة في المواقع الإعلامية المختلفة التي تنتشر عبر الشبكة العنكبوتية كالفيس بوك ويوتيوب وتويتر والمدونات الشخصية، هكذا لخص د. علي بن شويل القرني أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود محاضرته التي ألقاها في قاعة المحاضرات بمقر نادي القصيم الأدبي مساء يوم الاثنين الماضي، وقدمها الأستاذ عبدالله المحيميد . وبدأ د.علي القرني محاضرته باستعراض لمفهوم السلطة الرابعة الذي ساد في القرن التاسع عشر والعشرون ،مبيناً أنه مفهوم رقابي على السلطات الأخرى، لكن هذا المفهوم أخذ بالتلاشي مع ظهور الانترنت الذي غير معالم الحياة وأصبح القوة المسيطرة مما أجبر الصحافة على إجراء تغييرات هيكلية للبقاء والمنافسة ، مؤكدا أن من أبرز العوارض التي أصابت الصحافة بفعل تمدد الانترنت تناقص أرقام التوزيع وتضاؤل الإيرادات الإعلانية وتناقص القراء ، واستشهد د.القرني بالصحف البريطانية التي اضطرت إلى إجراء تغييرات شكلية حيث اعتمدت النظام النصفي في حجم الصحيفة عدا صحيفة "الديلي تلغراف" التي مازالت محافظة على حجمها ، وأشار د. القرني إلى دراستين بينتا أنه لن يكون بمقدور سوق الصحف تحمل أكثر من صحيفة واحدة بسبب تضاؤل أهميتها لدى القراء ،وأضاف د.القرني أن هذه المتغيرات أفرزت مايسمى بالصحافة المدنية التي تحاول الوصول إلى الجمهور بشكل مكثف من خلال التقارير المختلفة والنزول إلى القارئ وتلبية طلبات الجمهور . وأكد د.القرني على أن العصر الحالي والمستقبل سوف تتسيده السلطة الخامسة وستسيطر على المشهد الإعلامي عبر المنافذ والمواقع الالكترونية المختلفة كالفيس بوك واليوتيوب والمدونات الشخصية وغيرها من أدوات التواصل الإلكتروني ، فاتحة الباب على مصراعيه للتطرق والحديث عن موضوعات وقضايا لم يكن ممكنا التطرق لها أو تناولها في الإعلام التقليدي . ويمضي د. القرني في ورقته حيث يشير إلى أن صناع السلطة الخامسة ماهم إلا مواطنين عاديين يتخذون المواقع الإلكترونية المختلفة وسيلة للتعبير عن آراءهم والتأثير في الأحداث العامة، ويشير إلى أحد الرواد في مجال الإعلام (دايل قلمر) بقوله أن الصحافة التقليدية ماهي إلا محاضرات تلقى على الجمهور بخلاف صحافة المواطن التي هي عبارة عن جولات ونقاشات واتصال أفقي بين الناس، وكان نتاج ذلك أن مارست صحافة المواطن دور تأثيري على السلطة في الصحافة التقليدية كي تتخلى عن بعض أساليبها الإعلامية، وذكر د.القرني كيف استثمر السياسيون الصحافة الجديدة وكيف وظفوها وكان أبرز من استخدمها الرئيس الأمريكي أوباما في حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية 2008م ، كما أشار إلى بعض النماذج من صحافة المواطنين والتي أبرزها صحيفة (أو ماي نيوز) الكورية والتي ينتسب إليها أكثر من 60 ألف مندوب على مستوى العالم ، كما أسست تلك الصحيفة مدرسة لتعليم أساليب ومنهج صحيفة المواطن ، ووصف المحاضر وسائل الإعلام الاجتماعي الجديد بأنها ذاكرة العالم الجديد، كما بين أن كامل أرشيف التلفزيون السعودي حاضراً في موقع اليوتيوب ، وذكر بعض الإحصائيات والأرقام المهولة للقراء والمشاهدين لتلك المواقع ومدى تزايدها . وختم د. علي القرني محاضرته مبيناً أن ميزان القوة تحول من حراس البوابة في الصحافة التقليدية إلى السلطة الخامسة المتمثلة بالمواطنين ، حيث اكتسبت شرعيتها من الواقع المعاش ولم يعد للسلطة الرابعة ذلك الحضور الذي كان يشهد لها في القرنين الماضيين، ولم يغفل المحاضر أسباب عوائق انتشار المدونات في العالم العربي والتي تمثلت في ضعف القراءة لدى الجمهور والظروف الاقتصادية واستثمار جهاز الكمبيوتر للترفية، إلا أنه ومع تلك المعوقات فهناك تنامي للمهتمين في صحافة المواطنين في العالم العربي .