طرحت مؤسسة "غزة الإنسانية"، المدعومة من الولاياتالمتحدة، مقترحًا لإنشاء ما يسمى "مناطق انتقال إنسانية" داخل قطاع غزة وربما خارجه، في خطوة وصفتها بأنها تهدف إلى إيواء فلسطينيين من القطاع بعيدًا عن سيطرة حركة حماس. وفقًا للمقترح الذي بلغت تكلفته التقديرية نحو ملياري دولار، تخطط المؤسسة لبناء مجمّعات سكنية واسعة تُقدم كملاجئ مؤقتة"طوعية" للفلسطينيين، مع توفير ظروف تُسهم في"التخلص من التطرف وإعادة الاندماج" كما ورد في الوثائق. وقالت مصادر مطلعة وفقاً لوسائل إعلام عالمية: إن الخطة نوقشت مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وتم تداولها في اجتماعات بالبيت الأبيض خلال الأشهر الماضية. وكانت صحيفة"واشنطن بوست" قد أشارت في مايو الماضي إلى وجود خطط لدى "غزة الإنسانية" لبناء مجمعات للفلسطينيين غير المقاتلين، ما أثار جدلاً واسعًا بشأن طبيعة هذه المبادرات وأهدافها. ورغم التسريبات، نفت"غزة الإنسانية" وجود مثل هذا المشروع، وأكدت أن الوثائق التي تم تداولها "لا تعكس خططها الحالية"، وأوضحت أن تركيزها ينصب فقط على توزيع المساعدات الغذائية في غزة. من جانبها، أكدت شركة"إس آر إس"، وهي شركة تعاقدية تعمل مع المؤسسة، أنها لم تشارك في أي مناقشات حول إقامة "مناطق انتقال إنسانية"، وشددت على أن أولوياتها تنحصر في توسيع برامج توزيع الغذاء، إلا أن الوثائق المستعرضة حملت شعار"غزة الإنسانية" واسم شركة "إس آر إس"، وتضمنت تفاصيل دقيقة عن تنفيذ المشروع، بما في ذلك الجداول الزمنية والمواصفات الفنية. وعلى الجانب الأمريكي، رفضت وزارة الخارجية التعليق على الأمر، فيما قال مسؤول في الإدارة الأمريكية:" إنه لا توجد أي خطة من هذا القبيل قيد الدراسة حاليًا، ولا يتم تخصيص أي موارد لتنفيذها". المخاوف من التهجير القسري تصاعدت بشكل ملحوظ بعد تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي أعلن في فبراير الماضي عن رؤيته لإعادة بناء غزة؛ كمشروع اقتصادي أشبه ب"ريفييرا الشرق الأوسط"، مشيرًا إلى ضرورة إعادة توطين ملايين الفلسطينيين في أماكن أخرى. وقال خبراء: إن هذه الطروحات تثير قلقًا بالغًا بشأن نوايا دفع السكان الفلسطينيين إلى النزوح القسري تحت مسمى"النقل الطوعي المؤقت"، في ظل ظروف حرب وحصار مستمرة. وتشير وثائق المشروع إلى أن المخيمات ستكون واسعة النطاق، وقادرة على استيعاب مئات الآلاف من الفلسطينيين. وتضمنت خططًا لبناء أول مخيم خلال 90 يومًا من بدء التنفيذ، على أن يتضمن المرافق الأساسية؛ مثل المغاسل ودورات المياه والمدارس، لكن لم توضح الوثائق كيفية نقل الفلسطينيين إلى هذه المخيمات ولا مواقعها الدقيقة خارج غزة، رغم أن الخرائط المرفقة أشارت إلى احتمالات تشمل مصر وقبرص كوجهات محتملة. في المقابل، اعتبرت الأممالمتحدة أن مؤسسة "غزة الإنسانية" تعمل خارج قواعد العمل الإنساني المعترف بها دوليًا، ووصفت نشاطها بأنه"غير آمن بطبيعته"، مشيرة إلى تسجيل أكثر من 600 حالة وفاة قرب مراكز توزيع المساعدات، التي تديرها المؤسسة أو بالقرب من قوافل إغاثة أخرى. وقال رئيس المنظمة الدولية للاجئين والمسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية جيريمي كونينديك:" إن النزوح الطوعي لا يمكن اعتباره كذلك في ظل استمرار القصف والحصار ومنع وصول المساعدات الأساسية"، مؤكدًا أن هذه المخططات قد تفاقم معاناة الفلسطينيين بدلًا من حلها. يُذكر أن الحرب في غزة اندلعت في 7 أكتوبر 2023 بعد هجوم واسع شنّته حماس على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وفق الإحصاءات الإسرائيلية، بينما تشير وزارة الصحة في غزة إلى مقتل أكثر من 57 ألف فلسطيني حتى الآن جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة ونزوح جماعي للسكان داخل القطاع. ويتزامن هذا التطور مع مباحثات يجريها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، حيث تتصدر"هدنة غزة" جدول أعمال اللقاء وسط استمرار حالة الغموض بشأن مستقبل القطاع وسكانه.