في سياق السعي الإسرائيلي المستمر لإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي والسياسي في الأراضي الفلسطينية، تبرز سلسلة من الخطط التي تهدف بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ترحيل الفلسطينيين وتقويض وجودهم، لا سيما في قطاع غزة. وإكمال لتلك السلسلة، أقرت الحكومة الإسرائيلية، خطة عسكرية جديدة تهدف إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة والبقاء فيه لفترة غير محددة، في خطوة وصفتها مصادر سياسية وعسكرية بأنها تمثل تحولًا كبيرًا في استراتيجية إسرائيل في القطاع، وقد تُواجه برفض دولي واسع. ونُقلت الخطة خلال جلسة حكومية صوت عليها الوزراء، بالتزامن مع إعلان رئيس الأركان الإسرائيلي عن استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط استعدادًا لتوسيع العمليات. وبحسب ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، لن يبدأ تنفيذ الخطة إلا بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المرتقبة إلى الشرق الأوسط، وهو ما قد يفتح المجال أمام وقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار. خطط مستمرة من خطة ترمب التي روّجت لتغييرات جذرية تشمل إعادة توطين الفلسطينيين خارج أرضهم، إلى خطة الاحتلال لعسكرة المساعدات وتحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة ضغط، وصولاً إلى خطة البقاء في غزة كذريعة لتوسيع النفوذ وترسيخ السيطرة العسكرية مع الدفع نحو تهجير منظم للسكان—تشكل هذه الاستراتيجيات مسارًا تصعيديًا يعكس سياسة إسرائيلية طويلة المدى تقوم على فرض الأمر الواقع، وتقليص الوجود الفلسطيني تحت غطاء سياسي أو أمني أو إنساني. هذه الخطط ليست معزولة، بل تُكمل بعضها البعض، في محاولة لتفكيك الهوية الوطنية الفلسطينية وفرض واقع استيطاني يتجاوز حدود الضفة الغربية ليشمل قطاع غزة أيضًا. أهداف الحرب وتسعى الخطة الحالية إلى تحقيق ما تصفه إسرائيل ب«أهداف الحرب» المتمثلة في تفكيك قدرات حركة حماس، وتحرير من تبقى من الرهائن، البالغ عددهم- بحسب التقديرات الإسرائيلية- 59 شخصًا، يُعتقد أن 35 منهم لقوا حتفهم. وتشمل الخطة أيضًا نقل مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى جنوب القطاع، الأمر الذي يهدد بمفاقمة النزوح القسري وتدهور الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يمر بها سكان غزة. مخاوف دولية وواجهت الخطة انتقادات حادة من منظمات حقوقية دولية، لا سيما في ظل ما تضمنته من مقترحات حول «الهجرة الطوعية» للفلسطينيين، التي وُصفت بأنها قد تشكل «جريمة حرب» بموجب القانون الدولي. وتفيد مصادر مطلعة بأن إسرائيل تُجري اتصالات مع عدد من الدول لبحث تنفيذ هذه الخطط ضمن ما يُعرف ب«رؤية ترمب» للمنطقة. وأفادت الأممالمتحدة، في بيان أصدرته، بأنها ترفض المشاركة في آلية توزيع المساعدات التي تضمنتها الخطة، معتبرة أنها تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية. وذكرت مذكرة مسرّبة اطلعت عليها وكالة «أسوشيتد برس» أن إسرائيل تعتزم توظيف شركات أمنية خاصة للإشراف على توزيع المساعدات عبر نقاط محددة تُدار عسكريًا، باستخدام تقنيات التعرف على الوجه، وتنبيهات نصية لتحديد المستفيدين. جدل داخلي وتسببت الخطط الحكومية الجديدة في انقسام داخلي داخل إسرائيل، خاصة بين عائلات الرهائن الذين طالبوا الحكومة بإعطاء الأولوية لإبرام اتفاق يُنهي القتال ويضمن عودة أحبائهم. وقال إيناف زانجاوكر، والد أحد الرهائن، خلال اجتماع للجنة في الكنيست، إن على الجنود رفض الخدمة الاحتياطية ل«أسباب أخلاقية». كما أشار بعض جنود الاحتياط إلى نيتهم رفض الخدمة، معتبرين الحرب ذات «طابع سياسي متزايد» وليست مدفوعة بأهداف أمنية واضحة. عسكرة المساعدات وأثارت خطط إسرائيل للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية عبر قنوات عسكرية انتقادات منظمات الإغاثة التي أكدت رفضها التعاون مع أي آلية تُشرف عليها جهات عسكرية أو أمنية. وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، إن إسرائيل تحاول «عسكرة المساعدات والتلاعب بها»، مؤكدًا أن المجلس لن يشارك في أي خطة تُفقد المساعدات إنسانيتها. ويُشار إلى أن نحو 500 شاحنة مساعدات كانت تدخل غزة يوميًا قبل الحرب، في حين تتوقع الخطة الجديدة خفض هذا الرقم إلى 60 شاحنة فقط، ما يهدد بمزيد من التدهور في الأوضاع المعيشية. تصعيد عسكري وتأتي هذه التطورات في وقت تُواصل فيه القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية المكثفة داخل غزة، بعد انهيار الهدنة في منتصف مارس. وبحسب مسؤولين صحيين فلسطينيين، فقد تجاوز عدد القتلى في القطاع 52 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فيما تعيش أكثر من 90 % من السكان في ظروف نزوح قسري، مع توقف دخول الغذاء والوقود والمياه منذ أسابيع. وذكرت وزارة الصحة في غزة، الإثنين، أن المستشفيات استقبلت خلال 24 ساعة فقط جثامين 32 قتيلاً سقطوا في غارات إسرائيلية. تفاصيل الخطة الإسرائيلية الجديدة للسيطرة على قطاع غزة: 1. السيطرة الكاملة على القطاع • الخطة تقضي بالاستيلاء الكامل على غزة، والبقاء فيها عسكريًا إلى أجل غير مسمى 2. نقل جماعي للسكان • تشمل نقل مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى جنوب القطاع، مما قد يؤدي إلى نزوح قسري واسع النطاق 3. تفكيك حكم حماس • تهدف الخطة إلى القضاء على البنية الحاكمة والعسكرية لحركة حماس، وإنهاء سيطرتها على القطاع 4. فصل حماس عن المساعدات • منع حماس من الوصول إلى المساعدات عبر آلية توزيع تُشرف عليها إسرائيل بالكامل 5. استخدام شركات أمنية خاصة • مراقبة توزيع المساعدات من خلال شركات أمنية خاصة بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي 6. مراكز لوجستية خاضعة للرقابة العسكرية • إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبوسالم وتوزيعها من خلال مراكز محددة تحت إشراف إسرائيلي 7. تقنيات متقدمة لتحديد المستفيدين • استخدام تقنيات التعرف على الوجه والرسائل النصية لتحديد هوية المستفيدين من المساعدات 8. خفض عدد شاحنات الإغاثة • تقليص عدد الشاحنات اليومية من 500 إلى نحو 60 فقط، ما يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية 9. رفض أممي للمشاركة • الأممالمتحدة ترفض المشاركة في الخطة بصيغتها الحالية وتصفها بأنها «تكتيك ضغط عسكري» 10. ترويج ل«الهجرة الطوعية» • تتضمن الخطة بندًا حول نقل السكان الفلسطينيين خارج غزة، مما أثار انتقادات دولية واسعة 11. تنفيذ الخطة بعد زيارة ترمب • تأجيل البدء بالخطة إلى ما بعد زيارة ترمب المرتقبة، مع احتمال قبول تهدئة مؤقتة