في مشهد يلخّص المأساة الممتدة، استشهدت الطفلة جنان صالح السكافي جوعًا في مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، أمس السبت، لتُضاف إلى قائمة ضحايا المجاعة التي تضرب القطاع، فيما أطلقت منظمات إغاثة دولية صرخة تحذير مدوية: "لم يتبق خيام ولا طعام.. والآلاف على حافة الموت". وبينما تتسارع التقارير عن نفاد الغذاء والدواء، وصفت الأممالمتحدة ما يجري بأنه "انهيار مدني مصنّع"، وسط حصار شامل تمنع فيه إسرائيل دخول أي مساعدات إنسانية منذ أكثر من شهرين. الطفلة جنان، التي لم تتجاوز سنواتها الأولى، أصبحت الضحية الرابعة والخمسين للجوع، في قطاع يعاني فيه نحو 60 ألف طفل من أعراض سوء تغذية متفاقمة. ومع استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الأساسية، بات الموت جوعًا مشهدًا متكررًا، تتوالى نسخه يومًا بعد يوم. وتعليقًا على استشهاد جنان، دوّنت فرانشيسكا ألبانيزي، مقررة الأممالمتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية، على منصة "إكس": "لماذا: بعد 19 شهرًا من عنف الإبادة و60 يومًا لم تدخل فيها حبة أرز واحدة إلى غزة، يُصوَّر الفلسطينيون وكأنهم يتدافعون كمن يلهث لالتقاط أنفاسه؟". وأضافت: "جوعكم اليوم هو عارنا… لا ينبغي أن نكتفي بمشاهدة معاناتكم إن كنا عاجزين عن وقفها". على الأرض، الصورة أكثر قتامة. قالت منظمات إغاثة، من بينها المجلس النرويجي للاجئين، إن غزة فقدت كل مقومات البقاء. لا طعام، لا وقود، لا مياه، ولا حتى خيام تأوي النازحين. وأوضح المجلس أن إسرائيل خلقت بيئة مستحيلة للزراعة أو الصيد، إذ استُهدفت الأراضي والمراكب، وتلاشى ما تبقى من سبل تأمين الغذاء الذاتي. وقال غافين كيليهر، مدير المساعدات بالمجلس، إن "الواقع في غزة هو انهيار مصنّع للمنظومة المدنية"، موضحًا أن الأزمة لا تقتصر على وقف دخول المساعدات، بل تشمل تدمير قدرة السكان على البقاء أصلًا. وفي تقارير متطابقة، كشفت "أوكسفام" عن أن أغلب الأمهات في غزة يُطعمن أبناءهن وجبة واحدة فقط في اليوم، فيما حذّرت شبكة المنظمات الفلسطينية من إغلاق 70 مطبخًا مجتمعيًا خلال أسبوع. الغذاء على وشك النفاد، والأسعار ارتفعت بنسبة 1400 %، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة تطال أكثر من مليوني إنسان وفي ظل صمت العالم، تموت غزة على مهل.. طفلًا بعد آخر، ومطبخًا بعد آخر، بينما يقترب القطاع من نقطة الانهيار الكامل بلا رجعة.