كنت ولا زلت أول المتحمسين والمؤيدين لخصخصة قطاعات ومؤسسات الخدمات في الدولة؛ حيث أثبتت الأحداث والتاريخ أن وظيفة الدول والحكومات قد تطورت، وأصبحت تختص بالأمن ،والحفاظ على البيئة، وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة ومصادر المياه والغذاء، وأن تهتم بدور العلم والبحث والإبداع.. والريادة ..وأن تعزز الهوية الوطنية .. عبر التشريعات التي تحفز الفنون وعلوم المستقبل والانطلاق إلى المستقبل بعقلية مختلفة وجديدة، تحاكي وتعزز توجهات القرن الواحد والعشرين .. إلا أن محاولاتنا الخجولة في الخصخصة تحتاج إلى إعادة تقييم ودراسة ..حيث إنها لم تفرز لنا النجاحات المأمولة في التحول والتطوير والإبداع وكسب رضا العملاء، ورفاهية العيش للموظفين .. كما لم يرض عنها المجتمع على الإطلاق .. ! وخير دليل على ما أقول هو ما سأسرده عليكم من أحداث وأخبار صدمتني واستوقفتني قبل عدة أيام ..وهي أن مجموعة كبيرة من موظفي شركات خدمات النقل الجوي (المنسلخة عن الخطوط السعودية وفق برنامج الخصخصة التي تبنتها وأقدمت عليها السعودية) .. قد كسبوا بامتياز قضية استحقاقهم لبعض الحقوق المسلوبة منهم بعد الخصخصة ..وذلك من قبل شركاتهم ورؤسائهم .. والغريب أن شركاتهم فشلت في الوصول معهم إلى توافق يرضي كل الأطراف ..ما اضطر الموظفين للجوء إلى القضاء لإنصافهم، ووفقوا في ذلك.. والآن وبعد صدور القرار لصالح الموظفين ..أتساءل (فين تودي هذه الشركات وجهها من موظفيها؟ ) وكم من الجهد والوقت يحتاجه المدراء والقائمون على هذه الشركات لرأب صدع العلاقة بينهم وبين موظفيهم؟ ! وبين المجتمع ككل؟ ! وتتوالى الأحداث من هذا النوع بمفاجأة أخرى أقدمت عليها شركة عبداللطيف جميل بفصل ما يقارب من الألف موظف دون سابق إنذار ..كما ورد في الأخبار التي تناقلتها الصحافة ووسائط التواصل والاجتماعي.. ويبدو أن القادم أسوأ . هذا يقودني لأن أقول: إنه للأسف لا زالت شركاتنا ومنظماتنا محلية الطموح والأداء ..والإدارة ..والتشغيل وتعتقد أنها في مأمن من المنافسة العالمية .. ولكن على هذه الشركات أن تدرك ( أن القمر ينتظر علي الباب بالنسبة للعميل والموظف) وأقصد أن المنافسة العالمية تطرق أبوابنا وفق رؤية ،2030 وهو قدوم الشركات والممارسات العالمية دون وكيل أو كفيل محلي ..والتي تحكمها منظمات المجتمع المدني العالمية لحفظ حقوق جمهور المستهلكين والموظفين والعمال المنتسبين إليها. ! هل تعلم شركاتنا ومنظماتنا أن أحد مقاييس ومعايير نجاحها هو قياس مدى ولاء موظفيها لشركتهم ؟ وأن الولاء وحده لا يكفي. بل يجب أن يتخطى ذلك إلى المشاركة والانصهار في الحب والاعتزاز بالشركة ..بل ويشارك الموظف مشاركة فعلية في تحقيق أهداف الشركة. وهل يعلم رؤساء الشركات والمنظمات والمديرون أن رضا الموظفين عن عملهم لا يعني بالضرورة أنه يحقق الولاءات المطلوبة؟ فهناك بون شاسع بين الرضا والولاء والانصها ! إن المقصود بالرضا هنا ..هو أن يكون الموظف قانعا بمرتبه ..وظروف عمله والمميزات التي يجنيها من وظيفته .. لكن ليس بالضرورة ان يكون هناك تطابق بين أهداف الموظف والمنظمة ..فهم على طرفي نقيض ! وفي هذه الحالة نجد أن كل طرف يعمل كي يطرح الطرف الآخر أرضا بالضربة القاضية .. إنه تنافر وتضاد المصالح . أما مفهوم الولاء والانتماء والانصهار في دهاليز الشركة التي يعملون فيها ..فيعني أولا أن هناك توازنا بين اهداف الموظف والشركة من حيث المزايا والمرتبات والمكاسب والأرباح والسمعة وعلو الشأن، وان لدى الموظف قناعة تامة بتحقيق أهداف المنظمة التي هي بالضرورة سبب في سعادته وتلبية احتياجاته .. وأن يحس ويشعر أنه من مالكي أو من حملة أسهم الشركة أو أحد مؤسسيها. وأن هناك أملا في تحقيق ذات الموظف وتطويره وتنميته والاهتمام بعائلته ورفاهية عيشه .. وأخيرا يجب علي الشركات والمنظمات أن تدرك أن نجاحها في الاستمرار والاستحواذ على ولاءات موظفيهم سيكون عاملا حاسما في تحقيق ولاء العملاء المستهلكين للمنتج والماركة والخدمات التي تنتجها الشركات .. إنها علاقة طردية بامتياز .. عزيزي رئيس الشركة.. أعد اكتشاف ولاء موظفيك ..وانفض عنهم ما علق بهم من تعسف أنظمتك .. وإدارتك .. وتعاملك معهم. موظفوك هم الكنز الدفين ..هم الذين يحققون لك أهدافك وأرباحك .. إن العالم يتغير …. مرتبط