في زاوية " ذكريات رمضانية " يقول الأستاذ غرم الله بن عبد الله المرشد العدواني مدير مركز التدريب التربوي بالأطاولة رئيس اللجنة الإعلامية بمحافظة القرى:"في قريتي الصغيرة قرية الكَلِبة ببني عدوان في محافظة القرى وكان يأتينا رمضان بفرح شديد فقد كنا اطفالا نفرح به لأننا نراه في أعين ابائنا حدثا كبيرا حيث تبدأ التهاني في ليلة رؤية الهلال وكانت الاخبار تأتينا عن طريق الاذاعة السعودية وغالبا ما يأتي الخبر قبل صلاة العشاء وحيث تبدأ التراويح ونجتمع ونحن صغار امام المسجد في بهجة وحبور. من ذكرياتي الجميلة أن والدي، رحمه الله، ايقظني للسحور لأول مرة وكم كانت تلك "الايقاظة" ولا تزال في ذاكرتي حيث احسست انني سأشاركهم في الصوم حيث كنت في المرحلة الابتدائية اتممت ذلك اليوم والحمد لله وكان ابي رحمه الله مسرورا ويشجعني كنت أراه يقرأ القرآن كثيرا فأدركت أنه فعلا شهر القرآن . الانطلاق في ساحات القرية ابتهاجاً بقدوم الشهر، ويبدأ الرجال بتنظيف المسجد وفرشه وساحته لاستقبال المصلين، وتبدأ النساء في الاستعداد لإفطار رمضان، فتشم رائحة الأكل المميزة لهذا الشهر الفضيل من تلك الليلة . وفي أول أيام الشهر الكريم كان الجيران يتبادلون أطباق الأطعمة بينهم، وكان الأهل والأقارب يتجمعون بجوار مسجد القرية قبيل المغرب ثم تناول الإفطار وبعد ذلك يؤدون صلاة العشاء والتراويح ، ثم تتجمع النساء مرة أخرى مع النساء في المنازل ويتجمع الرجال أمام المسجد حيث يتحدثون ويتسامرون حتى وقت متأخر من الليل ، أما الشباب والأطفال فينتشرون في ساحات القرية يلعبون ويمرحون . من الذكريات تجمع الأطفال في الساحة مقابل المسجد لانتظار أذان المغرب لينطلقوا بعد سماع الأذان مسرعين وفرحين إلى منازلهم وهم يرددون (أذن أذن) وكأنهم اعلانات مفتوحة ليسمعها الجميع. رمضان القديم أكثر حبا وعملا وجهدا بينما نعيش اليوم في مرحلة جديدة تختصر مسافة العطش والجوع لم يبق لنا من رمضان سوى الروح والروحانية التي تتجلى في نفوس المسلمين. ذكرياتي العالقة عن رمضان في شخصية والدي، رحمه الله، التي استمديت منها الكثير حيث عمل مصلحا لذات البين فيجتهد في رمضان مع الاقارب في الاقتراب اكثر بالصلح وتقارب وجهات النظر وحل القضايا العالقة في هذا الشهر الفضيل وذلك كي يصوم الجميع وهم في ود وسرور استعدادا لتبادل الزيارات في العيد السعيد بكل صفاء ومحبة . ومرت بي مرحلة الشباب فتربطني فيها برمضان أجواء الرياضة الرمضانية و الدورات الرمضانية بحلوها ومرها والتنافس الشريف بين القرى المتجاورة حيث كنت المشرف على اقامة تلك البطولات والاهتمام بها ولازالت ذكرياتها لدى كل شباب بني عدوان الرياضيين محفورة في الذاكرة ولن تزول.في رمضان اطرب لسماع السديس والشيخ سعود الشريم والمعيقلي كل هؤلاء يعيدون ترتيب العبادة بلغة الايمان المفعمة بأنفاس الشهر المبارك ولا أنسى زيارات الأحبة والاقارب خلال شهر رمضان وفضلها العظيم في تهذيب النفوس وكسر حاجز الخلافات كما ان رمضان يخلد في ذاكرتنا جميعا حب الصدقة حيث تتحول بعض القرى والأحياء الى خلية نحل عندما توحد الصفوف لمخيم افطار يوفر لغالبية المقيمين سفرة هنيئة مكتوبة الاجر بإذن الله .لقد كان أحلى ما في تلك الأيام البساطة في كل شيء مفيد ، في العلاقات بين الناس ، في المحبة ، في التراحم ، والمودة ، والصدق ، و الإيثار ، والترابط فيما بينهم ، والتسابق في عمل الخير ، بالرغم من ضيق ذات اليد، من عاصرها يتمنى أن تعود.شكرا صحيفة (البلاد) السعودية على منحي هذه الاطلالة الرمضانية التي انتهزها لأهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الحزم وولي عهده الأمين وولي ولي العهد بحلول شهر رمضان المبارك.