يحكى أن امرأة نذرت بأن تذبح حمارا في حال وفاة زوجها من شدة الويلات والعذاب الذي طالها وأبناءها منه. وعندما دقَت الساعة وحان وقت الوفاء بالنذور قامت بالإتصال بشيخ، ووجَهت له السؤال بهذه الصِيغة: هل يجوز الوفاء بنذري؟ فأجاب بعيدا عن صيغة السؤال بقوله تعالى: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله". في الحقيقة لا يلام الشيخ المفتي في إجابته غير الشافية ولا الوافية، فقد أتاه السؤال من حيث لا يحتسب، سؤال مبتكر وفيه قضية غير مسبوقة مثل ما اعتدنا ان يعاد على أسماعنا من أسئلة وأجوبتها مرارا وتكرارا في مثل هذه البرامج. وأكاد أجزم بأنَه اضطر بعد الحلقة _ وبعد أن تمكَن من ضبط ضحكاته ببراعة لا أملكها شخصيَا_ للرجوع الى بعض المصادر والوقوف على أدلة يقيس عليها ردَا للأسئلة المستقبلية المماثلة..! مثلا: هل يجب الوفاء بالنذر مهما كان نوعه؟ وهل يسقط النذر لأي سبب؟ وهل هناك كفَارة لعدم الوفاء به طوعا؟ ماذا في حال عدم الوفاء به بناء على فتوى؟! وبعد البحث والتَقصي ربَما تكون الإجابة المثلى لسؤال الحائرة: ان هذا النوع من النذور لا يقع تحت نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به أو نذر المعصية الذي يجب عدم الوفاء به والتَكفير عنه، إنَما هو نذر مكروه بما هو مباح _في حال كان الحمار سائبا ميؤوسا منه لا يرجى منه منفعة_، ولذلك فهي مخيَرة بين الوفاء به أو عدمه، لكن في حال عدم الوفاء به وجبت عليها كفَارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام. والآن على تلك الأرملة السَعيدة أن تختار بين أن تؤدي الكفَارة وتكسب الأجر لنفسها، وربَما تشعر بهذه الأعمال الإنسانية مايفيد في رفع معنوياتها وشفاء جراحها، أو أن تعاقب الحمار المسكين على ما فعله بها آدمي قد فنى ولن يفنى حسابه عند الله. لكن صدقا، ما ذنب الحمار؟ _لا أتحدَث عن المذنب هنا_ ذلك الحمار المجهول ذو الأذنان الطويلتان بريء كل البراءة من ايذائها أو أولادها، فلم تنتقم منه خصوصا ان أخذنا بعين الإعتبار عدم صلاحية لحمه للإستهلاك الآدمي أو جلده أو حتى رأسه الفارغ..! وختاما أوجه عتبي للأرملة على ضعفها أمام معنِفها واستقوائها على حمار ليس له ناقة في قضيَتها ولا جمل، وأهنيء الحمار المطيَة على عتق رقبته بفتوى معتبرة. @tamadoralyami [email protected]