ترقُّب خفض الفائدة يهبط بالذهب    توطين وتخطيط.. أدوار الهيئة السعودية للمياه    الجلاجل: تنظيم "وقاية" خطوة لمجتمع صحي    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    «أرامكو» تواصل أرباحها التاريخية لمساهميها.. بقيمة 116.5 مليار ريال    «الشورى» يسأل «الأرصاد»: هل تتحمل البنى التحتية الهاطل المطري ؟    «إنفاذ»: 30 مزاداً لبيع 161 عقاراً    عدالة ناجزة وشفافة    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    إطلاق برنامج تطوير طرق الخبر    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    مساعد رئيس الشورى تلتقي وفداً قيادياً نسائياً هولندياً    أمير المدينة يستعرض جهود جمعية «لأجلهم»    أمير نجران يقلد مدير الجوازات رتبة لواء    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    جامعة طيبة تختتم مسابقة «طيبة ثون»    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    تحذير قوي    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    اقتصاد المؤثرين    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر" العلوم الإدارية"    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    عبدالغني قستي وأدبه    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    رحلة استجمام الى ينبع البحر    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    الفوائد الخمس لقول لا    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدينة المنورة.. تاريخ ومعالم (الحلقة الثانية)
نشر في البلاد يوم 25 - 01 - 2014

هناك مدن لها طابعها ولها حساسيتها في النفس . فلكل مدينة عبقها الذي لا يشابهها فيه مدينة أخرى.. فهذه المدن تعطيك انطباعاً زاهياً بأنك أحد أبنائها منذ أن تطأ قدمك لترابها .. فتشعر بحميميتها لك فتحتضنك أو أنت الذي تحتضنها.. هذه هي المدينة الطيبة .. بذلك الاحساس الغامر الذي يفيض عليك سكينة ورضا بما يضفيه عليك من هدوء وراحة.. لا تعرف كيف توصفها إنها مدينة الإيمان التي يأرز إليها.. دعونا نعيش في أرجائها عبر هذه السياحة المكانية العمرانية لنلتقط من على دروبها بعضاً من ذلك العشق لها ولهواها. أسماء المدينة للمدينة أسماء كثيرة تدل على مكانتها العالية, أوصلها بعضهم إلى مائة اسم, غير أن الأسماء التي وردت في الآثار الصحيحة ستة, هي: 1) يثرب: وهو اسمها في الجاهلية, وقد غَيَّرَ رسول الله صل الله عليه وسلم هذا الاسم ووجه المسلمين إلى عدم استخدامه للدلالة عليها بعد الإسلام. 2) المدينة: وهو الاسم الذي اشتهرت به بعد الهجرة, وقد ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف عدة مرات. كما في قوله تعالى (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله .. ) التوبة 120. فضل المدينة المنورة ورد في فضل المدينة المنورة أحاديث نبوية كثيرة منها (1): روى البخاري أن النبي صل الله عليه وسلم قال: " إن إبراهيم حرّم مكة, ودعا لها, وحرمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة, ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة". روى البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها". روى البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " . روى الترمذي أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها, فإني أشفع لمن يموت بها" . روى البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال " . روى مسلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي " . روى البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال(لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء). روى الإمام البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وانقل حماها إلى الجحفة اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا ". روى البخاري أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول للمريض: "بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا". روى البخاري أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدلٌ". روى الإمام البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:" اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ماجعلت بمكة من البركة" . (1) وللتوسع في هذا الموضوع انظر. كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة . تحقيق ودراسة. د. صالح بن حامد سعيد الرفاعي. المدينة المنورة. 1415ه. وكتاب. فضائل المدينة المنورة . د. خليل إبراهيم ملا خاطر. دار القبلة . جدة 1413 ه. حرم المدينة المنورة تميزت المدينة المنورة مثل مكة المكرمة عن غيرها من المدن بكونها (حرماً) أي منطقة آمنة للمخلوقات, لا يُسفك فيها دم, ولا يُصاد صيد, ولا يقطع شجر. وقد تقررت هذه الحرمة في عدد من الأحاديث النبوية, منها ما رواه الإمام مسلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ( إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حراماً, وإني حرَّمت المدينة حراماً مابين مأزميها, ألاَّيُهراق فيها دم ولا يُحمل فيها سلاح لقتال, ولا يُْخبَطُ فيها شجُر إلا لِعَلَف). وبينت الأحاديث النبوية حدود حرم المدينة فقد روى الإمام البخاري أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:( المدينة حرم مابين عَيْر إلى ثور ) وقال : (إني أحرم ما بين لا بيتها) وبذلك شمل حرم المدينة المنطقة الممتدة من جبل ثور الواقع خلف جبل أحد شمالاً إلى جبل عَيْر جنوباً, ومن حرة واقم ( الحرة الشرقية ) شرقاً إلى حرة الوبرة (الحرة الغربية ) غرباً. وقد قامت لجنة رسمية بتحديد منطقة الحرم,وبنت أمانة المدينة المنورة علامات معمارية على شكل أقواس المسجد النبوي في أماكن عدة تبين هذه الحدود. 3) طابة: اسم ورد في الحديث النبوي الذي رواه الإمام أحمد أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ( إن الله سماها طابة ) 4) طيبة: اسم ورد في الحديث النبوي الذي رواه عبد الرزاق أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ( هي طيبة هي طيبة هي طيبة ). 5) الدار. 6) الإيمان: ورد هذان الاسمان في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَاُلَّذينَ تَبَوَّءُ و الدَّارَ وَالإِيمَنَ) سورة الحشر آية 9. أما الأسماء الأخرى فقد استمدها المؤرخون من بعض الأحاديث الآثار, ومن صفاتها, وبعض الأحداث الجليلة التي مرت بها, ومنها: المحبوبة, القاسمة, دار الأبرار, دار الهجرة , دار السلام, دار الفتح, المختارة, الصالحة, دار المصطفى, ذات الحرار, المرحومة, الخيرة, الشافعة, المباركة, المؤمنة, المرزوقة, المنورة ... الخ. الأماكن التي حض النبي صل الله عليه وسلم على زيارتها في المدينة أماكن حض رسول الله صل الله عليه وسلم على زيارتها, و كان يزورها بنفسه, وهذه الأماكن هي: المسجد النبوي, ومسجد قباء , ومقبرة البقيع, ومقبرة شهداء أحد, وفيما يلي عرض موجز لفضائلها وآداب زيارتها. المسجد النبوي الشريف: أهم معالم المدينة المنورة, وردت في فضائله والحض على زيارته والصلاة فيه عدة أحاديث نبوية منها: ما رواه الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: " لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام, ومسجدي هذا, والمسجد الأقصى ", وقال صل الله عليه وسلم " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام " آداب الزيارة تكون هذه الزيارة في أي وقت من الأوقات, وينبغي على الزائر أن يتأدب بآداب عامة,ومن ذلك: - أن يكون متطهراً, نظيفأ, طيب الرائحة, ويمشي إلى المسجد في سكينة ووقار,مظهراً الخشوع لله سبحانه وتعالى, ومكثراً من الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم. - أن يدخل المسجد بالرجل اليمنى قائلاً: بسم الله والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم, اللهم اغفر لي ذنوبي, وافتح لي أبواب رحمتك. تاريخ عمارة المسجد النبوي عندما وصل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً من مكة أسس المسجد النبوي في المكان الذي بركت فيه ناقته, وكان المسجد مربع الشكل تقريباً, مساحته: (1060)م2. وفي السنة السابعة للهجرة (628م) ضاق المسجد بالمسلمين فأمر رسول اللهصل الله عليه وسلم بتوسعته, فوسع من جهاته الشرقية والغربية والشمالية, وبلغت مساحته الكلية (2475)م2. وحدثت التوسعة الثانية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17ه 638م, حيث أعيد بناؤه وأضيفت إليه زيادات في الجهات الجنوبية والغربية والشمالية, فبلغت مساحته (3575)م2 وفي سنة 29ه 649م أعاد عثمان بن عفان رضي الله عنه بناءه بالحجارة, ووسعه من جهاته الثلاث الجنوبية والغربية والشمالية فبلغت مساحته (471)م2. وفي سنة88 ه 707م, أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك أمير المدينة آنئذ عمرَ بنَ عبد العزيز بإعادة عمارته وتوسعته, فَوُسِّع من جهاته الغربية والشمالية, والشرقية, وأدخلت الحجرات الشريفة فيه مع المحافظة على حجرة أم المؤمنين عائشة التي تضم قبر رسول الله صل الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وبلغت مساحته(6440)م2. وفي عام 161ه 777م, أمر الخليفة المهدي العباسي بترميمه وتوسعته, فُوسِّعَ من جهته الشمالية, وبلغت مساحته الكلية (8890 )م2, ثم أعيد بناؤه سنة654ه 1256م بسبب حريق ضخم شب فيه دون أية زيادة. وفي سنة 879 ه 1474م, ظهرت تشققات في بعض أجزائه فأمر السلطان المملوكي الأشرف قايتباي, بإعادة بنائه فأعيد بناؤه دون زيادة في مساحة المسجد, ثم سقطت صاعقة على المئذنة الرئيسة فشب فيه حريق ضخم سنة 886 ه. المملكة العربية السعودية شهدت المدينة المنورة خلال هذا العهد تطورات متلاحقة, فقد طويت صفحة المتغيرات السياسية واضطراباتها, واستتب الأمن, وتقدمت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وشهدت مواسم الزيارة المتعددة ازدهاراً في الحركة التجارية بعامة, أدى إلى ظهور أسواق تجارية كبيرة تتوزع في الجهات الأربع للمدينة المنورة. ولقي المسجد النبوي عناية كبيرة شهد فيها سلسلة متوالية من التوسعات, بدأت في عهد الملك عبد العزيز وتوالت في عهود أبنائه, ومازالت مستمرة حتى الآن, كما سنرى في فقرة تاريخ عمارة المسجد النبوي.كما شهدت المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي ملحمة عمرانية ضخمة مازالت امتداداتها مستمرة حتى الآن, حيث ظهرت مجمعات سكنية تجارية تستوعب مئات الآلاف من الزائرين, وتقدم لهم أرقى خدمات السكن والتسوق. وعلى بعد خمسة كيلو مترات شرقي المسجد النبوي يَََََََََََََََُنفَّذ الآن مشروع مدينة المعرفة الاقتصادية, لتقوم فيه ضاحية تستقطب العلماء والمبتكرين ومراكز البحوث والجامعات والمعاهد والمؤسسات الإنتاجية المتطورة ورجال الأعمال, وتوفر لهم أفضل الظروف للسكن والجوار الكريم والإبداع والتنمية الاقتصادية, وترتبط بالمسجد النبوي بخط نقل متطور(Metro ) وقد خططت هذه الضاحية لتكون في أعلى مستويات الإنجاز الحضاري. وفي سنة 1370ه 1950م, أمر الملك عبد العزيز آل سعود بتوسعته مع المحافظة على أروقته الجنوبية التراثية, فرممت هذه الأروقة ووسع المسجد من جهاته الشرقية والغربية والشمالية, فتم إنجازها في عهد الملك سعود سنة 1375ه 1955م, وبلغت مساحته (16327)م2. توالى ملوك آل سعود على الاهتمام بعمارة المسجد النبوي وإضافة مساحات تواكب الزيادة المتوالية في أعداد الزائرين ولاسيما في مواسم الحج والعمرة, ففي سنة 1393ه 1973م, أمر الملك فيصل بإضافة ساحة مظللة في جهته الغربية فأضيفت ساحة مساحتها(4,550)م2. وفي سنة 1398ه 1978م أمر الملك خالد بإضافة ساحة أخرى جنوبي ساحة المظلات فأضيفت ساحة بلغت مساحتها (4300), وفي عهد خادم الحرمين الملك فهد تضاعفت أعداد الزائرين أضعافا كثيرة فأمر عام 1405ه 1995م بإجراء توسعة ضخمة استغرقت عشر سنوات, وبلغت مساحة المسجد النبوي الكلية مع ساحاته(400327)م2 وأنشئت له مرافق متميزة أهمها, مواقف للسيارات تحت ساحاته الخارجية تتسع لحوالي خمسة آلاف سيارة, ومجمع لمحركات تكييف الهواء على بعد سبعة كيلو مترات تتصل بمبنى المسجد بواسطة نفق عريض تحت الأرض. وفي عام 1426ه 2005م, أمر خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإكمال ما يلزم لهذه التوسعة وأبرزها إنشاء مظلات حديثة في ساحات المسجد النبوي فركبت فيها 250 مظلة ضخمة وزودت بمراوح لتلطيف الهواء وترطيبه بالرذاذ, ثم صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بإجراء توسعة جديدة ضخمة ترفع الطاقة الاستيعابية للمسجد النبوي قرابة المليونين, ووضع الحجر الأساس لهذا التوسعة في الثامن من شهر ذي القعدة عام 1433ه الموافق 24 /9 /2012م, ويجرى العمل لتنفيذها وفق جدول زمني محدد. معالم في المسجد النبوي الحجرة الشريفة والقبور الطاهرة : الحجرة الشريفة هي البيت الذي كان النبي صل الله عليه وسلم يقيم فيه مع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما, ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد النبوي. بني هذا البيت مع بناء المسجد النبوي بالطين واللَبِن, تبلغ مساحته 40م2 تقريباً, ويتكون من غرفة واحدة وحوش صغير مسور بجريد النخل ومغطى بمسوح الشعر, وله بابان أحدهما يفتح للشمال والآخر يفتح غرباً إلى الروضة الشريفة بالمسجد النبوي. توفي رسول الله صل الله عليه وسلم في هذه الحجرة, ودفن فيها, وظلت السيدة عائشة ساكنة فيها بقية حياتها, وعندما توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه دفن خلف النبي صل الله عليه وسلم بذراع, ورأسه عند منكب النبي صل الله عليه وسلم, ولما توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه دُفن فيها أيضاً خلف الصديق بذراع, ورأسه عند منكبه, واتخذت السيدة عائشة رضي الله عنها ساتراً بينها وبين القبور,
وعندما توفيت دُفنت في البقيع, ولم تُسْكَن الحجرة من بعدها. وعلى مر التاريخ ظلت الحجرة الشريفة موضع عناية الخلفاء والسلاطين, ففي إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة 87 93ه 706 712م, أعيد بناؤها بالحجارة على شكل جدار مستطيل وأحيطت بجدار آخر ذي خمسة أضلاع, الروضة الشريفة : هي المكان الواقع بين بيت النبي صل الله عليه وسلم حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها والمنبر الشريف, وسميت بهذا الاسم لما ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري: " مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ". تبلغ مساحتها نحو( 330م2), وقد أخذ الجدار الغربي لمقصورة الحجرة الشريفة جزءاً منها, ويوجد في الروضة وعلى أطرافها معالم جليلة, أهمها: الحجرة الشريفة في الجهة الشرقية. ومحراب النبي صل الله عليه وسلم في وسط جدارها القبلي والمنبر الشريف في جهتها الغربية. وتنتشر فيها الأساطين( الأعمدة) الحجرية, وقد اشتهرت بعض هذه الأعمدة, وارتبطت بمآثر مدونة في كتب الحديث والتاريخ, وكانت في العهد النبوي من جذوع النخل. وهي : أسطوانة السيدة عائشة, وأسطوانة الوفود, وأسطوانة التوبة, والأسطوانة الُمخَلَّقة, وأسطوانة السرير, وأسطوانة المحرس أو الحرس. كانت الروضة, وماتزال, محل اهتمام ولاة المسلمين, فقد قام السلطان سليم العثماني بتلبيس أساطينها إلى النصف بالرخام الأبيض المطعَّم بالأحمر, ثم جدد السلطان عبد المجيد العثماني هذه الأساطين وأعاد ترخيمها, ثم كستها حكومة المملكة العربية السعودية سنة 1404ه (1994م) برخام أبيض مميز عن سائر أساطين المسجد, وفرشت أرضها بالسجاد الفاخر, وعلقت عليها الثريات النفيسة. المحاريب يوجد في المسجد النبوي حالياً خمسة محاريب : الأول : المحراب النبوي, ويقع في الروضة الشريفة, وقد أنشأه عمر بن عبد العزيز في المكان الذي كان رسول الله صل الله عليه وسلم يؤم فيه الصحابة بعد أن حولت القبلة إلى الكعبة المشرفة, ثم جدده الملك الأشرف قايتباي عام888ه 1483م, ولايزال حتى هذا اليوم. الثاني : المحراب العثماني, ويقع في مقدمة المسجد في جدار القبلة, وقد أقامه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في موضع مصلى سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بالناس بعد توسعته للمسجد الشريف, ثم جدده الملك الأشرف قايتباي عام 888ه 1483م , ولايزال هذا المحراب هو موضع الإمام حتى هذا اليوم. الثالث : محراب التهجد, ويقع في الجدار الشمالي للحجرة الشريفة داخل المقصورة, وقد أقيم هذا المحراب في المكان الذي كان يصلي فيه رسول الله صل الله عليه وسلم التهجد. الرابع : محراب السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها, ويقع داخل المقصورة أيضاً, في المكان الذي كان فيه بيتها. الخامس : المحراب السليماني أو المحراب الحنفي, ويقع عند الأسطوانة الثالثة بمحاذاة المنبر الشريف من الغرب, بناه( طوغان شيخ ) بعد سنة 860ه 1456م, وعين فيه إماماً حنفياً, ثم جدده السلطان سليمان القانوني سنة 938ه 1531م, فصار ينسب إليه. الصفة مكان في مؤخرة المبنى القديم من المسجد النبوي الشريف ، غرب ما يعرف اليوم بدكة الأغوات ، إلى الجنوب قليلاً ، وليس لها أية علامة مميزة حالياً . أمر صلى الله عليه وسلم بأن يظلل هذا المكان بجريد النخل ، وأطلق عليه اسم الصُفَّة أو الظلة ، وقد أعد لنزول العزاب من المهاجرين ، والفقراء ، والوافدين الذين لا مأوى لهم ، وكانوا يكثرون ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر أو يجد عملاً فيتخذ لنفسه منزلاً . وكان صلى الله عليه وسلم يجالسهم ويؤانسهم ويدعوهم إلى طعامه وشرابه ، وكان الموسر من الصحابة يأخذ الواحد منهم والاثنين والثلاثة فيطعمهم في بيته ، وكان أهل البساتين يأتون بأقناء الرطب فيعلقونها في سقف الصفة ليأكلوا منها . وكان جل عمل أهل الصفة تعلم القرآن والأحكام الشرعية ، من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ممن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فإذا جاءت غزوة خرج القادر منهم للجهاد فيها . وقد اشتهر منهم عدد من الصحابة ، من أبرزهم أبو هريرة رضي الله عنه . الساحات الداخلية و المظلات لم يمر عصر على المسجد النبوي إلا وفيه ساحة مكشوفة, فقد كانت زمن رسول الله صل الله عليه وسلم في مؤخرة المسجد, حيث سقف الجزء الأمامي منه, وبقي الجزء الخلفي على شكل رحبة مكشوفة, ولما تحولت القبلة إلى الكعبة المشرفة؛ سقف مما يليها وبقيت المساحة في منتصف المسجد على شكل ساحة مكشوفة, وهكذا في زمن الخلفاء الراشدين. وظلت هذه الرحبة تتسع مع التوسعات التي طرأت على المسجد عبر التاريخ وصارت تعرف بالحصوة, أو البحصة, لأنها تفرش بالحصى. وفي التوسعة السعودية الأولى عام 1370ه 1950م, صارت البحصة على قسمين, يفصل بينهما ثلاثة أورقة. وفي توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز 1405ه 1985م, تم تبليط هاتين الساحتين بالرخام الأبيض الواقي من الحرارة, ونُصبت فيهما اثنتا عشرة مظلة حديثة تفتحان وتغلقان بالكهرباء, لتقي المصلين من الشمس والمطر. القباب : بنيت أول قبة في المسجد النبوي الشريف فوق الحجرة النبوية الشريفة سنة 678ه1279م, بأمر السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي, وهي التي عرفت مؤخرًا بالقبة الخضراء, ثم تلتها قباب أخرى, وبلغت ذروتها في العمارة المجيدية 1265ه 1840م, حيث غُطي سقف المسجد كله بقباب مختلفة الأحجام, بلغ عددها 170قبة, مازالت حتى الآن في الرواق الجنوبي.وفي التوسعة الأخيرة بنيت 27 قبة, موزعة على أروقة التوسعة, تتميز بفخامتها وزخارفها البديعة وهي قباب متحركة تفتح وتغلق بمحركات كهربائية. المنبر كان النبي صل الله عليه وسلم يخطب مستنداً إلى جذع ثم صُنع له منبر من ثلاث درجات في السنة السابعة أو الثامنة من الهجرة628 أو 629م, ووُضع في الجانب الغربي من مصلاه, وظل هذا المنبر قائماً حتى عام 654ه 1256م, حيث احترق مع الحريق الذي شب في المسجد آنذاك. ويعود المنبر الحالي إلى عام 998ه 1590م, في عهد السلطان العثماني مراد. ولمنبر رسول الله صل الله عليه وسلم فضائل جاءت بها الأحاديث النبوية, منها: ما رواه البخاري ومسلم, أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال" مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة, ومنبري على حوضي" وروى الإمام أحمد أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال "إن منبري على ترعة من ترع الجنة". المآذن بُنيت المآذن أول مرة في المسجد النبوي الشريف في توسعة الوليد بن عبد الملك 88ه 706م,وقد شيدت أربع مآذن على أركانه الأربعة بارتفاع يتراوح بين (26,50 م) إلى (27,50 م) وبعرض 4م. وفي عام 96ه 714م, هُدمت المئذنة الجنوبية الغربية, وفي عام 706ه 1307م, بنى السلطان المملوكي الناصر بن محمد قلاوون واحدة في تلك الجهة, وأضيفت مئذنة خامسة قرب باب الرحمة في عهد الأشرف قايتباي سنة 887ه 1482م, وجددت في العمارة المجيدية , عام 1265ه 1828م. وفي التوسعة السعودية الأولى1370ه 1950م, أبقي على مئذنتي الجهة الجنوبية, وأزيلت الأخريات, وشيد عوضاً عنها مئذنتان في ركني الجهة الشمالية, وأضيف إليها في التوسعة السعودية الثانية 1405ه 1995م, ست مآذن, فأصبح عددها عشر مآذن, وهي الموجودة الآن, اثنتان قديمتان في مقدمة المبنى القديم, وثمانية حديثة موزعة على أركان التوسعتين السعوديتين.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.