يمر العديد من الشباب خلال فترة المراهقة بالكثير من الضغوط والعواقب النفسية وتحمل هذه الفترة بين طياتها كماً هائلاً من الأحاسيس الفوضوية يصعب على المراهق التعبير أو حتى الاستفسار عنها خوفاً من الآباء، وهنا تتضخم هذه الأحاسيس فتتجسد بطريقة عنيفة عبر موجات من التحدي السلبي لكل ما هو سائد من عادات اجتماعية وتربوية. وعندما يضيق الحال على المراهق يلجأ إلى أساليب عديدة للتعبير عن فرديته وهنا تأتي الأفلام الإباحية لتحتل مكانها وتشعر الشاب بأنه خرج من فترة الطفولة إلى سن الرشد حيث يشعر أن مشاهدة الأفلام الإباحية سيزيده نضجاً وتمكناً من التقنية الجنسية. وقد كشفت دراسة ميدانية من قبل أن 38 % من المراهقين في دول مجلس التعاون الخليجي ممن تتراوح أعمارهم بين 14و 20 عاماً يشاهدون القنوات الإباحية. وبينت الدراسة أن 90 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات يجلسون أمام التلفزيون من 5 إلى 6 ساعات في اليوم، و87 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 سنة يشاهدون القنوات الفضائية العالمية، و63 % في الفئة العمرية 12-14 سنة يشاهدون القنوات الفضائية بعد نوم آبائهم، وكانت الدراسة تحت عنوان "تأثير الفضائيات على سلوك الأطفال وانحراف المراهقين"، وتشير إلى أن الانفتاح الفضائي الكبير خلال السنوات العشر الماضية، أحدث تحولاً وانحداراً أخلاقياً خطيراً، وأن في العالم أكثر من 2520 قناة فضائية، حصة العالم العربي منها 485 فضائية. وهناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن هناك ارتباطاً قوياً بين تعرُّض المراهقين للمواد الإباحية والسلوك الجنسي المنحرف، وأن هناك حاجة ماسة إلى قوانين وتشريعات لحماية الشباب منها، وأوضحت أحد الدراسات الألمانية أن معدلات الجرائم الجنسية انخفضت بعد صدور تشريع يقنِّن مسألة المادة الإباحية. كما أكد علماء النفس أن الشباب الذين يمضون ساعات طويلة في مشاهدة الأفلام الإباحية، تظهر عندهم أعراض الاكتئاب أكثر من غيرهم، فقد قاموا بدراسة على أشخاص يمضون 12 ساعة أسبوعياً في مشاهدة الأفلام الإباحية، وتبين أن 30% منهم مصاب بدرجة عالية من القلق النفسي، و35% مصابون بدرجات مختلفة من التوتر النفسي. وأكدت الدراسات المتعددة أن التعرض المكثف نسبياً للأشكال المختلفة من المواد الإباحية له تأثير مأساوي على النظرة إلى المرأة والعلاقات الجنسية بصفة عامة، وقد أشار المختصون إلى أن الأطفال الذكور حينما يتعرضون لمدة 6 أسابيع على الأقل لمواد إباحية فاضحة تنمو لديهم الصفات التالية سلوكيات جنسية شديدة القسوة بالنسبة إلى المرأة، وإدراكات مشوهة عن النشاط الجنسي، ولا ينظرون إلى الاغتصاب على أنه اعتداء إجرامي، بل لا يعدّونه جريمة بالكلية، ويتكون لديهم الشهوة نحو سلوك جنسي أكثر انحرافاً وأكثر شذوذاً وأكثر عنفاً كما يرونه في المواد الإباحية، كما أنهم يفقدون الثقة بالزواج بوصفه مؤسسة حيوية ودائمة، كما ينظرون إلى العلاقات مع نساء غير زوجاتهم بوصفها أمراً عادياً وطبيعياً. والاستمرار في مشاهدة هذه النوعية من الأفلام يشعر المراهق بالاشمئزاز والإحساس بالإثم والخطيئة والخوف والقلق والاستغراق في أحلام اليقظة والانحراف الجنسي والاضطراب النفسي. ويقترح العديد من أساتذة علم الاجتماع بضرورة تنشيط دور الأهل في تعليم أبنائهم التربية الجنسية الصحيحة؛ لأن المعرفة الجنسية تقي الفرد من أخطار التجارب غير المسئولة قبل الزواج والتي يحاول خلالها الشاب أو حتى الفتاة استكشاف المجهول أو المحظور بدافع الحاح الرغبة الجنسية المتأججة أو المكبوتة لديه، ويعتبر المختصون أن الأسرة مسئولة بالدرجة الأولى عن انتشار هذه الظاهرة ويجب عليهم مراقبة أبنائهم فيما يشاهدونه وتخصيص وقت لهم لمشاهدة التلفاز مثلاً ومحاولة غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم وتوجيههم لمشاهدة المفيد والنقطة الأهم مراقبتهم في ساعات الليل في خفايا النوم وعدم منحهم الفرصة لمشاهدة التلفاز بحرية. كما يجب إكساب الابن أو الابنة التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي. وأيضاً المدرسة لها دور كبير حيث تعتبر البيئة الثانية بعد المنزل وعلى المعلمين والمعلمات الإرشاد والتوجيه ومحاولة تعديل سلوك الطالب وتوجيهه للأنشطة المفيدة ومتابعة الطالب وإرسال تنبيه إلى الأسرة للحضور للمدرسة ومناقشة مشاكل أبنائهم معهم ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة، وكذلك للمجتمع دور في ردع هذا الانحطاط بإقامة المحاضرات والإرشاد المستمر.