تعد فترة الستينات والسبعينات والثمانينات الهجرية ويقابلها الخمسينات والستينات والسبعينات الميلادية فترة "خصبة" للبحث عن الثقافة بما توفر تلك الفترة من وسائل قراءة وإذاعة قبل دخول التلفزيون الذي وصل على فترات في الدول العربية والمملكة كانت متأخرة مما رسخ في أذهان الناس الاعتماد على الراديو والكتب والقصص والمجلات "الثرية" تلك الفترة.. اتحدث عن "الثمانينات" الهجرية وقد كنا في مكةالمكرمة في اوائل الدراسة المتوسطة لكننا وجدنا من وجهنا للقراءة وتوفير القصص والمجلات تلك الفترة وكانت بداية تأسيس جيدة للاسف مع توفر الوسائل اليوم لا نجد من يهتم بهذا الأمر. هنا لندن مع محدودية ما تنشره مجلة "هنا لندن" من مواد ثقافية واعتمادها على البرامج التي تبثها الاذاعة البريطانية الا ان القائمين على هذه المجلة حرصوا على توزيعها مجاناً في اكثر دول العالم وكانت "هنا لندن" تصلنا الى العنوان البريدي بصفة دائمة وكذا كنا نقتني مجلة "العربي" وصحف البلاد والندوة وغيرها. قافلة الزيت اما مجلة "قافلة الزيت" والتي تصدر عن ارامكو في الظهران فهي الاخرى مصدر مهم للمعلومات توزع مجاناً منذ سنوات طويلة ونجد فيها الكثير من المعلومات المهمة اذا كان جيل "الأمس" يجد من يحثه على القراءة ومعرفة المعلومات من المصادر المتوفرة ولم تكن القراءة قاصرة على هذه المصادر كانت هناك القصص والكتب الأدبية القادمة من بيروت والشام ومصر رغم ان تلك الفترة لم تشهد قنوات اخرى الا انه وبمقارنة بسيطة نجد ان الاقبال في تلك الايام يفوق اليوم. البلاد مثلت (البلاد) تلك الفترة الصحيفة الاولى على مستوى المملكة لأقدميتها في الصدور وخبرتها في النشر وكانت تشمل اخبار الحجاز مكةالمكرمةوالرياضوالطائف والشرقية، ولم تكن الصحف والمجلات كما اسلفت سيدة الموقف منذ ظهرت كتب في مكتبات مكة حول المسجد الحرام - الثقافة - مكتبة شعيب في الجميزة وباعة الكتب على قارعة الطريق وكأنها وفق تنظيم واحد مختار والقصص والشعر والأدب والعبرات والنظرات وكتب العقاد وطه حسين والمنفلوطي والاغاني وكتب الاحاديث والتفسير. أبو حياة اما الاديب امين سالم رويحي يرحمه الله "ابو حياة" في الندوة فقد كان يمثل مدرسة معرفية بما يقدمه كل احد او يوم السبت صفحة كاملة يعالج فيها الكثير من المشاكل والقضايا الاجتماعية من واقع المجتمع واصبحت ثقافة طازجة تدخل البيوت وتلتقي حولها الأسرة الى جانب ما كانت تنشره الصحف من مواد ادبية جادة والتي من الممكن ان تكون قاعدة لصحافة الافراد ويشارك فيها ادباء وكبار الكتاب من جيل "العمالقة". صوت العرب على الجانب الآخر كان الناس يرتبطون بسماع الاذاعة عبر نشر الاخبار في "صوت العرب" واذاعة لندن واذاعة الكويت والبحرين والتي قامت برامجها تلك الفترة على اساس ثابت ومنطلقات واضحة حتى ان رب الاسرة مهما كانت ثقافته يستطيع ان يتحدث مع جاره او ابنه او سيدة البيت عن نشرة اخبار لندن والقضية الفلسطينية والعدوان الثلاثي مما يدل على متابعة واهتمام ورغبة لدى ذلك الجيل الذي لم تشغله الاعمال ومشقتها وقلة دخلها عن متابعة القاهرة وقراءة اخبار البلاد القديمة. أخبار زمان واليوم تعود (البلاد) لنشر ما سبق نشره منذ أكثر من 60 عاما من اخبار جميلة تنقل واقع الإدارات الحكومية بشكل طبيعي ومشاكل الناس مع المرور والصحة وعدم توفر الكهرباء في بعض المناطق وإعلانات بيع الشاي جنبا الى جنب مع سفر وعودة المسؤولين من مكة الى الطائف او الرياض او خارج البلاد.