كل من يدرس تاريخ فلسطين العربية منذ وعد بلفور المشؤوم البريطاني وحتى اليوم الذي نحن فيه لن يجد أية صعوبة في معرفة ان الشعب الفلسطيني المقدام قادر على القيام بجميع انواع الجهاد والكفاح المسلح او السلمي، بالرغم من عدم الاسلحة والذخائر والمعدات الضرورية لعمليات المقاومة التي قام بها دفاعا عن حياته وكرامته، وعن وطنه، وعن مصيره ومستقبله. لقد اثبت الشعب الفلسطيني أنه قادر على التضحيات بأعز ما لديه في سبيل النصر الذي ينشده في حياة حرة كريمة ، واقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة المطلقة على ارضه الوطنية، ارض آبائه واجداده ، وعاصمتها القدس الشريف. لقد اثبت غالبية قادة الشعب الفلسطيني قدرتهم على تقدير المواقف المعقدة ، ودراسة الخطط الاسرائيلية الصهيونية العدوانية الاجرامية ونوايا اسرائيل اليهودية اللئيمة من شدة الحقد العنصري ، وتقدير موقف الاحوال العربية والعالمية، وفهم التغيرات والتطورات الدولية. ويبدو أنهم قرروا في هذه المرحلة الخطيرة التحول من الكفاح العنيف الى الكفاح الروحي السلمي، أسمى درجات الكفاح، واكبرها حاجة الى المزيد من الصبر والاحتمال والشجاعة والإقدام . ان اهم من ذلك ما يحتاجه الشعب الفلسطيني من الامة العربية والاسلامية حيث يعاني اشد المعاناة من حالة اقتصادية منهارة خلال حرب الحصار والتجويع التي تفرضها اسرائيل بكل وحشية واستبداد وظلم . وغني عن الذكر ان مسؤولية العرب والمسلمين في هذا المجال الخطير مسؤولية واضحة. وقد آن الاوان ان تنفذ الامة العربية والاسلامية قرارات القمم التي اتخذتها فتقوم بواجبها المقدس نحو الشعب الفلسطيني العربي المسلم والقدس الشريف، خاصة فيما يتعلق بالبطالة التي ستنجم عن مقاطعة العمال الفلسطينيين للعمل في اسرائيل وفصل الاقتصاد الفلسطيني فصلا كاملا عن الاقتصاد الاسرائيلي وعدم التعامل بالعملة الاسرائيلية والامتناع عن شراء البضائع الاسرائيلية مما يحتاج الى دعم عربي واسلامي عظيم للشعب الفلسطيني. ان واجب دعم اسر الشهداء الفلسطينيين واجب مقدس على كل وزارة اوقاف في العالم العربي والاسلامي، وتأمين المبالغ الضرورية الشهرية لهم امانة مقدمة بواسطة وزارة الاوقاف الفلسطينية. ولابد من اخراس دعوى اسرائيل بمنع مثل تلك المعونات للارامل والايتام الذين فقدوا رب بيتهم وحاميهم وراعيهم. كما لابد من تدمير عمليات الفساد التي قيل أو يشتبه بوجودها في ايصال المعونات الى مستحقيها، ومنع التبذير والهدر المألوف في اقتناء السيارة الفارهة الثمينة وغيرها من الكماليات المذمومة. واخيراً، واجب الكفاح السياسي السلمي الروحي من أجل تحرير القدس الشريف، والضفة الغربية، وقطاع غزة ، امانة مقدسة عند كل عربي مسلم او مسيحي ، أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وامام سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام. اما اذا لم تحقق مرحلة الكفاح السلمي هدفها الوطني، واذا تمادت اسرائيل الظالمة في غيها الاجرامي، سينفجر السؤال الرهيب: إلى متى سيقدر الشعب الفلسطيني على الصبر والاحتمال والصمود. مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد