أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس 48 مشروعًا بيئيًا ومائيًا وزراعيًا    "السعودية للكهرباء" تحقق نمواً بنسبة 22% في صافي الربح خلال الربع الثاني    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضًا ب31 نقطة عند 10899    اهتمام عالمي بتعاقد الهلال مع داروين نونيز    "الهلال الأحمر بجازان" يحقق المركز الأول في مؤشرات تجربة المستفيد على مستوى المملكة    جناح "صقار المستقبل" يجذب الأطفال في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    تطورات مفاوضات النصر ضم كينجسلي كومان    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    استجابة طبية عاجلة تنقذ أربعينية بعد توقف قلبها في الأفلاج    جامعة الملك فيصل تعلن تفتح التسجيل الالكتروني في البرامج المدفوعة    اينيجو مارتينيز صخرة دفاع النصر الجديدة    الروبوتات التفاعلية تخدم زوار ومشاركي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة    القادسية يختتم جولته التحضيرية في المملكة المتحدة بتعادل سلبي مع نوتنغهام فورست    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    تحذير أممي من المجاعة وسوء التغذية في الفاشر    رفض عربي وعالمي لخطة إسرائيل بالاستيلاء على غزة    اكتشاف قطع فخارية وأدوات حجرية تعود إلى 50 ألف سنة في القرينة بالرياض    رئيس بلدية محافظة صبيا يُجري جولة ميدانية لمتابعة مشاريع التنمية والخدمات    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    الجزائر تدين المخططات الإسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة    فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    السعودية تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    إحباط تهريب وترويج 419 كجم مخدرات وضبط 14 متورطاً    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    المملكة تعزي في ضحايا انفجار مخلفات الذخائر.. لبنان.. توترات أمنية والجيش يحذر    أخضر ناشئي اليد يتأهل لثمن نهائي بطولة العالم    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    ناتشو: الدوري السعودي بين الأفضل في العالم    قبل قمة بوتين وترمب.. زيلينسكي يحذر من استبعاد أوكرانيا    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    نجاح استمطار السحب لأول مرة في الرياض    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إكرام الضيف خلق أصيل    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك الأردن : بحجم المشاركة في الانتخابات سيكون حجم التغيير
نشر في عاجل يوم 26 - 10 - 2012

أكد الملك عبدالله الثاني ملك الأردن أن صوت المواطن في الانتخابات النيابية القادمة هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة البرلمانية، وبالتالي السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة جميع المواطنين.
وشدد جلالته، في كلمة خلال لقائه في الديوان الملكي الهاشمي ما يزيد على ثلاثة آلاف من أبناء الأردن من مختلف مناطق المملكة: "رسالتي لكم، ولكل الأحزاب والقوى السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة، ومن خلال البرلمان القادم، ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير قانون الانتخاب، فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تجسد إرادة الشعب".
وانطلاقا من مسؤولية الملك في تشجيع سائر القوى على ممارسة حقهم في المشاركة في العملية الديمقراطية وتحمل المسؤولية الوطنية في بناء مستقبل الأردن، لفت جلالته إلى ضرورة أن تنظم "القوى السياسية والأحزاب والقوائم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع سنوات، وأن يطرحوا فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة".
وقال إن من حق المواطن الحصول على إجابات واضحة حول العديد من الأسئلة التي تدور في ذهنه "من خلال برامج عملية تستند إلى الواقع، وبعيدة عن التنظير، وعندها سيتمكن الناخبون من اختيار من يريدون عبر صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة الوطنية والدستورية القادرة على إحداث التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة الحوار، والنقاش المنتج على أحسن المستويات".
ولفت إلى أن مسؤوليته، "ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية، فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة، الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن".
وأوضح الملك الأردني أن "الطريق مفتوح أمام الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم، وطريق المشاركة السياسية، ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلا لا قولا".
ولفت في الكلمة إلى ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن، قائلا "المعارضة البناءة والحراك الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي، والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الحل، وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة غير أمينة على مستقبل أبنائنا".
وقال "نحن نؤمن بحق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية، بعيدا عن الانتهازية، والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف الناس، لكن لا يجوز لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل الشعب".
وبين أن "الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة والحضور في البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات البرلمانية".
وحول مشكلة الفساد، أشار إلى الجهود التي تبذل "لاجتثاث الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة مكافحة الفساد، ولا بد من إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها".
أما بالنسبة لعجز الموازنة والمديونية، أوضح "علينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على النفط من العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولار للبرميل، والآن نشتري النفط بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام كان ضمن المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط والغذاء، ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد الأساسية، والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه جميعها زادت من حجم الدين"، مضيفا جلالته "وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع غير مسبوق في الدين والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر السنتين الماضيتين، ولغاية الآن حوالي 4 مليار دولار، وكعجز ودين إضافي سنوي".
وفي إشارة إلى شعارات رفعت مؤخرا من قبل عدد محدود من المشاركين خلال المسيرات، استعرض جلالة الملك رؤيته لطبيعة الحكم في الأردن، ودور القيادة الهاشمية، ومسؤوليات جلالته تجاه الشعب والدولة.
وأكد جلالته أن النظام في الأردن "هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر التي تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع الأردني... النظام هو المؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام".
وتأتي تصريحات الملك عبدالله الثاني حول النظام في الأردن وما رفع من شعارات معزولة حرصا من جلالته على وضع الأمور في نصابها، وفتح الحوار الوطني حول مستقبل الأردن لتشمل مناقشة جميع القضايا دون أية تابوهات.
وبين جلالة الملك أن الأردن "الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل".
وقال جلالته "الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من الأيام مغنما نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها. وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور. وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى اليوم".
وأضاف جلالة الملك "أما بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج، والمُلْكُ بالنسبة لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالملك لله وحده. والذي أعتز به هو أولا شرف النسب لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب الشريف، وما يترتب عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة المسؤولية، ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز".
وفيما يلي النص الكامل لكلمة جلالة الملك الأردني :
الله يعطيكم العافية، وأهلا وسهلا بالجميع، في بيتكم، بيت الأردنيين جميعا.
أخواتي وإخواني،
أحببت أن التقي معكم اليوم، حتى نتحدث بصراحة، في هذه المرحلة، التي يمر بها وطننا العزيز، وللتأكيد على خارطة الطريق لمسارنا الإصلاحي.
أدرك تماما يا إخوان أن كل عملية تحديث أو تغيير يرافقها بعض القلق من المجهول، وهذا أمر طبيعي. المطالب الشعبية تركزت خلال العام والنصف الماضيين على تعزيز حق المواطنين في المشاركة الفاعلة في عملية صنع القرارات، التي تؤثر عليهم وعلى مستقبلهم، ونحن ملتزمون بضمان هذا الحق للجميع.
وكانت الانطلاقة في هذه المرحلة وفق خارطة الطريق التي تم الاتفاق على مسارها قبل عام ونصف تقريبا، والتي تضمنت تعديلات دستورية جعلت من الشعب شريكا حقيقيا في العملية السياسية، ومن أبرزها: المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة للانتخاب، والقوانين الناظمة للحياة السياسية، ومنها قانون الانتخاب، وقانون الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة تفرز مجلسا نيابيا يؤسس لتجربة الحكومات البرلمانية.
وأؤكد لكم هنا بأن بلدنا يسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الإصلاح المنشود، وأعود وأشدد أنه سيكون لدينا برلمان جديد بحلول العام القادم بعد إجراء الانتخابات النيابية، التي ستكون بعون الله، في أعلى درجات النزاهة والشفافية.
ومثلما ذكرت من قبل: رسالتي لكم، ولكل الأحزاب والقوى السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة، ومن خلال البرلمان القادم. ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير قانون الانتخاب، فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تجسد إرادة الشعب.
إخواني وأخواتي،
إن مسؤوليتي، ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية، فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة، الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن.
صوت المواطن يا إخوان في هذه الانتخابات هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة البرلمانية، وبالتالي سيحدد السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة كل مواطن. لذلك، يجب أن لا يسمح المواطن، لأي أحد، أن يصادر حقه في الاقتراع والتغيير.
ويجب على القوى السياسية والأحزاب والقوائم أن تنظم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع سنوات، وأن يطرحوا فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة ، ومن ذلك على سبيل المثال:
كيف ستكون معالجة مشكلة الفقر والبطالة؟
كيف سيتم حل مشكلة المديونية وعجز الموازنة؟
ما هو الإصلاح الضريبي الأفضل؟
كيف سيتم تطوير النظام الانتخابي؟
كيف ستتم معالجة تحديات المياه والطاقة؟
كيفية تحسين نوعية الخدمات في المجالات الصحية والتعليمية والمواصلات؟
ومن حق المواطن الحصول على إجابات واضحة لهذه الأسئلة وغيرها من خلال برامج عملية تستند إلى الواقع، وبعيدة عن التنظير، وعندها سيتمكن الناخبون من اختيار من يريدون عبر صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة الوطنية والدستورية القادرة على إحداث التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة الحوار، والنقاش المنتج على أحسن المستويات.
إخواني وأخواتي،
أصبح من الضروري أن نميز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن. المعارضة البناءة والحراك الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي، والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الحل، وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة غير أمينة على مستقبل أبنائنا.
دعونا نقف أيضا عند الشعارات التي رفعت ضد الفساد، وأنا معكم في التصدي له، وهناك جهود كبيرة لاجتثاث الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة مكافحة الفساد، ولا بد من إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها. لكن للأسف، هناك جزء من الشعارات يقوم على الشخصنة والتجريح والتشهير، واستباق العدالة، وتحويل الموضوع إلى محاكمات شعبية على حساب العدالة.
أما بالنسبة لعجز الموازنة والمديونية، فعلينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على النفط من العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولار للبرميل، والآن نشتري النفط بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام كان ضمن المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط والغذاء، ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد الأساسية، والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه جميعها زادت من حجم الدين.
وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع غير مسبوق في الدين والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر السنتين الماضيتين، ولغاية الآن حوالي 4 مليار دولار، وكعجز ودين إضافي سنوي! حتى دعم الأخوة في المملكة العربية السعودية لنا العام الماضي، ولهم منا كل الشكر والتقدير، بالكاد غطى العجز الإضافي الناجم عن توقف الغاز المصري عام 2011.
لذلك، يجب أن نكون موضوعيين يا إخوان، ونحرص على الحقيقة في تفسير الأمور، وأن نتقي الله فيما نقول.
نحن نؤمن بحق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية، بعيدا عن الانتهازية، والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف الناس، لكن لا يجوز لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل الشعب.
إن الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة والحضور في البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات البرلمانية.
إخواني وأخواتي،
هناك مجموعه قليلة ممن خدموا في مواقع المسؤولية، وكان لهم دور رئيسي في صناعة القرارات والسياسات والبرامج والقوانين المؤقتة، وبعضهم استفاد من تقديم خدمات استشارية وقانونية في هذا الإطار، نراهم اليوم ينتقدون هذه السياسات والقرارات، ويدافعون عن تجربتهم وأدائهم، مع أنهم هم من وضع هذه السياسات، وهذه البرامج، وهذه القوانين بكامل حريتهم. "يعني لما يكونوا في موقع المسؤولية، كل شيء صحيح وعال العال، ولما يكونوا خارج مواقع المسؤولية، كل شيء غلط، والدنيا خربانه".
ودعونا نتحدث اليوم أيضا عن بعض الشعارات، والتي رفعها عدد قليل من المتظاهرين. إسقاط النظام: من المؤسف أن عدد قليل جدا من المشاركين في الحراك، رفعوا هذا الشعار، ودعونا نقف عند هذا الموضوع، ونضع النقاط على الحروف. أولا ما هو النظام؟ النظام هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر التي تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع الأردني.
لا أحد يحتكر مكونات الدولة. النظام هو المؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام. وهذا البلد، الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل.
أما إذا كان الهدف من هذه الشعارات التشكيك بالرعاية الهاشمية لهذه الدولة، فدعوني أتحدث بمنتهى الوضوح: الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من الأيام مغنما نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها. وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور. وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى اليوم.
أما بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج، والمُلْكُ بالنسبة لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالملك لله وحده. والذي أعتز به هو أولا شرف النسب لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب الشريف، وما يترتب عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة المسؤولية، ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز.
علمني الحسين رحمة الله عليه، وعلمنا جميعا أن رضا الله سبحانه وتعالى، وخدمة هذه الأمة هي غايتنا الوحيدة في هذه الدنيا. وكلكم تعلمون أنني ابن القوات المسلحة والجيش العربي: هذا الجيش الذي فيه من كل مكونات الشعب الأردني. قضيت في الجيش شبابي بين الزرقاء والقطرانة والبادية، وفي كل مكان في الأردن. لذلك أنا أعرف أبناء شعبي، لأني عشت بينهم ومثل أي واحد منهم، وأعرف همومهم، وطموحاتهم. ومنذ اليوم الأول من شرف الخدمة في الجيش العربي، نذرت نفسي لخدمة هذا الوطن، الذي يستحق من كل واحد منا، أن يخدمه بكل ما يستطيع.
وأعود وأكرر إخواني وأخواتي، أريد من كل أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة الحرص على المشاركة في الانتخابات القادمة، لتحقيق التغيير والإصلاح المنشود، والوقوف جنبا إلى جنب، في التصدي لكل من يحاول التشكيك بإنجازات الدولة الأردنية أو تهديد وحدتها أو عرقلة مسيرتها، أو العبث بأمن الوطن واستقراره.
والطريق مفتوح أمام الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم، وطريق المشاركة السياسية، ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلا لا قولا، وكلي ثقة بأن المستقبل الذي نريده لشعبنا وللأجيال القادمة سيكون مشرقا بعون الله.
إخواني وأخواتي،
نحن على أبواب عيد الأضحى المبارك. وبهذه المناسبة، أتوجه بالتهنئة والمباركة لكل أبناء وبنات الأردن العزيز. وكل عام وأنتم جميعا والأردن الغالي بألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.