"ريف السعودية": عدد مستفيدي البرنامج يتجاوز 87 ألف مستفيد تعزيزًا لاستقرار المجتمع الريفي    اعتمدت هيئة التنظيم الأوروبية رأيًا إيجابيًا بشأن تحديث نشرة حقن سيماغلوتيد 1.0 ملغ لتعكس انخفاض مخاطر حدوث مضاعفات مرتبطة بأمراض الكلى    القيادة تهنئ رئيسة سلوفينيا بذكرى اليوم الوطني    الظبي الجفول رمز الصحراء وملهم الشعراء    تهاني البيز مبتعثون سعوديون من الجامعات العالمية إلى صناعة الحضور الرياضي الدولي    رئيس جامعة أم القرى يترأس الجلسة العاشرة لمجلس الجامعة للعام الجامعي 1446ه    الأمير سعود بن نهار يبحث مع أمين الطائف المبادرات والفعاليات المقدمة في الصيف.    الجوازات تواصل جاهزيتها لاستقبال ضيوف الرحمن القادمين لأداء مناسك العمرة لعام 1447ه    استقرار أسعار الذهب    تقرير استخباري أميركي يشير إلى أن الضربات لم تدمّر البرنامج النووي الإيراني    الرئيس الأميركي: لا أريد «تغيير النظام» في إيران    «الوزاري الخليجي» يدين الهجمات الإيرانية على قطر    أمير الجوف يبحث تحديات المشروعات والخدمات    بنفيكا يكسب البايرن ويتأهلان لثمن نهائي مونديال الأندية    إنتر ودورتموند لتجنب المواجهة في ثمن النهائي    بايرن يتخلى عن التحضير للموسم المقبل    أخضر البليارد والسنوكر يحصد 6 ميداليات في بطولة كأس الاتحاد العربي    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الدولية لحماية الطبيعة    مؤشرات قوية لحضور القطاع السياحي في تنويع الموارد    مبادرة السلامة المرورية على طاولة نائب أمير الرياض    حوافز ومزايا لرفع نسبة مستخدمي مشروعات النقل العام    أمير الشمالية يكرّم الطلبة المتفوقين    «الرواشين».. فن العمارة الخشبية في المدينة    حرفة تُعيد الآبار إلى الواجهة بالجوف    الشؤون الإسلامية بالمدينة تكثف جهودها التوعوية    خدمات نوعية لكبار السن وذوي الإعاقة بالمسجد النبوي    جولات رقابية نسائية على جوامع ومساجد المدينة    108.5 آلاف وحدة سكنية فرزتها الهيئة العامة للعقار خلال عام    إعلان نتائج القبول في البورد السعودي    أقوى كاميرا تكتشف الكون    انحسار السحب يهدد المناخ    العثور على سفينة من القرن ال16    جمعية لدعم المباني المتعثرة في الأحساء    الذكاء الاصطناعي والتعليم.. أداة مساعدة أم عائق للتفكير النقدي    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الميتوكوندريا مفتاح علاج الورم الميلانيني    استشارية: 40% من حالات تأخر الإنجاب سببها الزوج    الطائف تستضيف انطلاق بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة 2025    برامج التواصل الاجتماعي.. مفرقة للجماعات    47 أسيرة في السجون الإسرائيلية.. الاحتلال يواصل انتهاكاته في غزة والضفة والقدس    ولي العهد لأمير قطر: عدوان إيران سافر لا يمكن تبريره    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فيصل بن خالد    أشاد بالتسهيلات خلال المغادرة.. القنصل العام الإيراني: ما قدمته المملكة يعكس نهجها في احترام الشعوب وخدمة الحجاج    الإطاحة ب 4 أشخاص لترويجهم أقراصاً خاضعة للتداول الطبي    شدد على تطوير "نافس" وحضانات الأطفال.. "الشورى" يطالب بربط البحث العلمي باحتياجات التنمية    بعد حلوله وصيفاً ل" الرابعة".. الأخضر يواجه نظيره المكسيكي في ربع نهائي الكأس الذهبية    سمو ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية    قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم على قاعدة العديد الجوية    أسرة الفقيد موسى محرّق تشكر أمير المنطقة على مشاعره النبيلة وتعزيته    أول ورشة متنقلة لصيانة مساجد وجوامع مكة في "جمعية تعظيم"    نائب أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير السنوي لسجون جازان للعام 2024م    صور إنسانية من الماضي عن مدينة أبها    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمين منطقة القصيم يوقع عقد مشروع صيانة الشوارع غرب مدينة بريدة بأكثر من 17 مليون ريال    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك الأردن : بحجم المشاركة في الانتخابات سيكون حجم التغيير
نشر في عاجل يوم 26 - 10 - 2012

أكد الملك عبدالله الثاني ملك الأردن أن صوت المواطن في الانتخابات النيابية القادمة هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة البرلمانية، وبالتالي السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة جميع المواطنين.
وشدد جلالته، في كلمة خلال لقائه في الديوان الملكي الهاشمي ما يزيد على ثلاثة آلاف من أبناء الأردن من مختلف مناطق المملكة: "رسالتي لكم، ولكل الأحزاب والقوى السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة، ومن خلال البرلمان القادم، ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير قانون الانتخاب، فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تجسد إرادة الشعب".
وانطلاقا من مسؤولية الملك في تشجيع سائر القوى على ممارسة حقهم في المشاركة في العملية الديمقراطية وتحمل المسؤولية الوطنية في بناء مستقبل الأردن، لفت جلالته إلى ضرورة أن تنظم "القوى السياسية والأحزاب والقوائم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع سنوات، وأن يطرحوا فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة".
وقال إن من حق المواطن الحصول على إجابات واضحة حول العديد من الأسئلة التي تدور في ذهنه "من خلال برامج عملية تستند إلى الواقع، وبعيدة عن التنظير، وعندها سيتمكن الناخبون من اختيار من يريدون عبر صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة الوطنية والدستورية القادرة على إحداث التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة الحوار، والنقاش المنتج على أحسن المستويات".
ولفت إلى أن مسؤوليته، "ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية، فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة، الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن".
وأوضح الملك الأردني أن "الطريق مفتوح أمام الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم، وطريق المشاركة السياسية، ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلا لا قولا".
ولفت في الكلمة إلى ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن، قائلا "المعارضة البناءة والحراك الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي، والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الحل، وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة غير أمينة على مستقبل أبنائنا".
وقال "نحن نؤمن بحق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية، بعيدا عن الانتهازية، والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف الناس، لكن لا يجوز لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل الشعب".
وبين أن "الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة والحضور في البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات البرلمانية".
وحول مشكلة الفساد، أشار إلى الجهود التي تبذل "لاجتثاث الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة مكافحة الفساد، ولا بد من إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها".
أما بالنسبة لعجز الموازنة والمديونية، أوضح "علينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على النفط من العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولار للبرميل، والآن نشتري النفط بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام كان ضمن المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط والغذاء، ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد الأساسية، والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه جميعها زادت من حجم الدين"، مضيفا جلالته "وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع غير مسبوق في الدين والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر السنتين الماضيتين، ولغاية الآن حوالي 4 مليار دولار، وكعجز ودين إضافي سنوي".
وفي إشارة إلى شعارات رفعت مؤخرا من قبل عدد محدود من المشاركين خلال المسيرات، استعرض جلالة الملك رؤيته لطبيعة الحكم في الأردن، ودور القيادة الهاشمية، ومسؤوليات جلالته تجاه الشعب والدولة.
وأكد جلالته أن النظام في الأردن "هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر التي تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع الأردني... النظام هو المؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام".
وتأتي تصريحات الملك عبدالله الثاني حول النظام في الأردن وما رفع من شعارات معزولة حرصا من جلالته على وضع الأمور في نصابها، وفتح الحوار الوطني حول مستقبل الأردن لتشمل مناقشة جميع القضايا دون أية تابوهات.
وبين جلالة الملك أن الأردن "الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل".
وقال جلالته "الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من الأيام مغنما نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها. وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور. وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى اليوم".
وأضاف جلالة الملك "أما بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج، والمُلْكُ بالنسبة لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالملك لله وحده. والذي أعتز به هو أولا شرف النسب لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب الشريف، وما يترتب عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة المسؤولية، ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز".
وفيما يلي النص الكامل لكلمة جلالة الملك الأردني :
الله يعطيكم العافية، وأهلا وسهلا بالجميع، في بيتكم، بيت الأردنيين جميعا.
أخواتي وإخواني،
أحببت أن التقي معكم اليوم، حتى نتحدث بصراحة، في هذه المرحلة، التي يمر بها وطننا العزيز، وللتأكيد على خارطة الطريق لمسارنا الإصلاحي.
أدرك تماما يا إخوان أن كل عملية تحديث أو تغيير يرافقها بعض القلق من المجهول، وهذا أمر طبيعي. المطالب الشعبية تركزت خلال العام والنصف الماضيين على تعزيز حق المواطنين في المشاركة الفاعلة في عملية صنع القرارات، التي تؤثر عليهم وعلى مستقبلهم، ونحن ملتزمون بضمان هذا الحق للجميع.
وكانت الانطلاقة في هذه المرحلة وفق خارطة الطريق التي تم الاتفاق على مسارها قبل عام ونصف تقريبا، والتي تضمنت تعديلات دستورية جعلت من الشعب شريكا حقيقيا في العملية السياسية، ومن أبرزها: المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة للانتخاب، والقوانين الناظمة للحياة السياسية، ومنها قانون الانتخاب، وقانون الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة تفرز مجلسا نيابيا يؤسس لتجربة الحكومات البرلمانية.
وأؤكد لكم هنا بأن بلدنا يسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الإصلاح المنشود، وأعود وأشدد أنه سيكون لدينا برلمان جديد بحلول العام القادم بعد إجراء الانتخابات النيابية، التي ستكون بعون الله، في أعلى درجات النزاهة والشفافية.
ومثلما ذكرت من قبل: رسالتي لكم، ولكل الأحزاب والقوى السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة، ومن خلال البرلمان القادم. ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير قانون الانتخاب، فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تجسد إرادة الشعب.
إخواني وأخواتي،
إن مسؤوليتي، ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية، فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة، الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن.
صوت المواطن يا إخوان في هذه الانتخابات هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة البرلمانية، وبالتالي سيحدد السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة كل مواطن. لذلك، يجب أن لا يسمح المواطن، لأي أحد، أن يصادر حقه في الاقتراع والتغيير.
ويجب على القوى السياسية والأحزاب والقوائم أن تنظم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع سنوات، وأن يطرحوا فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة ، ومن ذلك على سبيل المثال:
كيف ستكون معالجة مشكلة الفقر والبطالة؟
كيف سيتم حل مشكلة المديونية وعجز الموازنة؟
ما هو الإصلاح الضريبي الأفضل؟
كيف سيتم تطوير النظام الانتخابي؟
كيف ستتم معالجة تحديات المياه والطاقة؟
كيفية تحسين نوعية الخدمات في المجالات الصحية والتعليمية والمواصلات؟
ومن حق المواطن الحصول على إجابات واضحة لهذه الأسئلة وغيرها من خلال برامج عملية تستند إلى الواقع، وبعيدة عن التنظير، وعندها سيتمكن الناخبون من اختيار من يريدون عبر صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة الوطنية والدستورية القادرة على إحداث التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة الحوار، والنقاش المنتج على أحسن المستويات.
إخواني وأخواتي،
أصبح من الضروري أن نميز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن. المعارضة البناءة والحراك الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي، والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الحل، وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة غير أمينة على مستقبل أبنائنا.
دعونا نقف أيضا عند الشعارات التي رفعت ضد الفساد، وأنا معكم في التصدي له، وهناك جهود كبيرة لاجتثاث الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة مكافحة الفساد، ولا بد من إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها. لكن للأسف، هناك جزء من الشعارات يقوم على الشخصنة والتجريح والتشهير، واستباق العدالة، وتحويل الموضوع إلى محاكمات شعبية على حساب العدالة.
أما بالنسبة لعجز الموازنة والمديونية، فعلينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على النفط من العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولار للبرميل، والآن نشتري النفط بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام كان ضمن المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط والغذاء، ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد الأساسية، والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه جميعها زادت من حجم الدين.
وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع غير مسبوق في الدين والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر السنتين الماضيتين، ولغاية الآن حوالي 4 مليار دولار، وكعجز ودين إضافي سنوي! حتى دعم الأخوة في المملكة العربية السعودية لنا العام الماضي، ولهم منا كل الشكر والتقدير، بالكاد غطى العجز الإضافي الناجم عن توقف الغاز المصري عام 2011.
لذلك، يجب أن نكون موضوعيين يا إخوان، ونحرص على الحقيقة في تفسير الأمور، وأن نتقي الله فيما نقول.
نحن نؤمن بحق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية، بعيدا عن الانتهازية، والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف الناس، لكن لا يجوز لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل الشعب.
إن الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة والحضور في البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات البرلمانية.
إخواني وأخواتي،
هناك مجموعه قليلة ممن خدموا في مواقع المسؤولية، وكان لهم دور رئيسي في صناعة القرارات والسياسات والبرامج والقوانين المؤقتة، وبعضهم استفاد من تقديم خدمات استشارية وقانونية في هذا الإطار، نراهم اليوم ينتقدون هذه السياسات والقرارات، ويدافعون عن تجربتهم وأدائهم، مع أنهم هم من وضع هذه السياسات، وهذه البرامج، وهذه القوانين بكامل حريتهم. "يعني لما يكونوا في موقع المسؤولية، كل شيء صحيح وعال العال، ولما يكونوا خارج مواقع المسؤولية، كل شيء غلط، والدنيا خربانه".
ودعونا نتحدث اليوم أيضا عن بعض الشعارات، والتي رفعها عدد قليل من المتظاهرين. إسقاط النظام: من المؤسف أن عدد قليل جدا من المشاركين في الحراك، رفعوا هذا الشعار، ودعونا نقف عند هذا الموضوع، ونضع النقاط على الحروف. أولا ما هو النظام؟ النظام هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر التي تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع الأردني.
لا أحد يحتكر مكونات الدولة. النظام هو المؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام. وهذا البلد، الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل.
أما إذا كان الهدف من هذه الشعارات التشكيك بالرعاية الهاشمية لهذه الدولة، فدعوني أتحدث بمنتهى الوضوح: الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من الأيام مغنما نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها. وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور. وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى اليوم.
أما بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج، والمُلْكُ بالنسبة لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالملك لله وحده. والذي أعتز به هو أولا شرف النسب لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب الشريف، وما يترتب عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة المسؤولية، ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز.
علمني الحسين رحمة الله عليه، وعلمنا جميعا أن رضا الله سبحانه وتعالى، وخدمة هذه الأمة هي غايتنا الوحيدة في هذه الدنيا. وكلكم تعلمون أنني ابن القوات المسلحة والجيش العربي: هذا الجيش الذي فيه من كل مكونات الشعب الأردني. قضيت في الجيش شبابي بين الزرقاء والقطرانة والبادية، وفي كل مكان في الأردن. لذلك أنا أعرف أبناء شعبي، لأني عشت بينهم ومثل أي واحد منهم، وأعرف همومهم، وطموحاتهم. ومنذ اليوم الأول من شرف الخدمة في الجيش العربي، نذرت نفسي لخدمة هذا الوطن، الذي يستحق من كل واحد منا، أن يخدمه بكل ما يستطيع.
وأعود وأكرر إخواني وأخواتي، أريد من كل أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة الحرص على المشاركة في الانتخابات القادمة، لتحقيق التغيير والإصلاح المنشود، والوقوف جنبا إلى جنب، في التصدي لكل من يحاول التشكيك بإنجازات الدولة الأردنية أو تهديد وحدتها أو عرقلة مسيرتها، أو العبث بأمن الوطن واستقراره.
والطريق مفتوح أمام الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم، وطريق المشاركة السياسية، ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلا لا قولا، وكلي ثقة بأن المستقبل الذي نريده لشعبنا وللأجيال القادمة سيكون مشرقا بعون الله.
إخواني وأخواتي،
نحن على أبواب عيد الأضحى المبارك. وبهذه المناسبة، أتوجه بالتهنئة والمباركة لكل أبناء وبنات الأردن العزيز. وكل عام وأنتم جميعا والأردن الغالي بألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.