لم تعد الشهرة حكرا على أصحاب العقول المبصرة أو ذوي المواهب النادرة أو المواقف البطولية بل شاركهم فيها من لا يملك شيئا من كل ذلك !!! الشهرة التي كانت حلما مستعصيا على باحثيه ، و أملا ضعيفا لدى منتظريه ، أصبحت قطعة بخيسة الثمن في متناول الكثير .. "حتى تصبح مشهورا " هناك خطوات يجب أن تخطوها حتى تصل إلى هدفك القريب و الأقرب من أخمصك وربما يكون أهون من مجرد الخطوة . فقط كل ما عليك فعله أن تتخلى عن الأدب أولا و ألا تراعي الذوق العام ثانيا و تتحول إلى مهرج ثالثا .. لا تحتاج إلى قناة تلفزيونية لأن قناتك في يدك ،ولا تحتاج لمقابلة جمهور فجمهورك يصلهم جديدك وأنت مستلق على ظهرك ، ولا تحتاج إلى "هندام" لأنك ستظهر بقميص النوم أو بملابسك الداخلية لأنك قبل ذلك نزعت ثوب الحياء ، ولا تحتاج إلى معد حوار للخطاب فالكلمات التي جمعتها من شارع الحارة كفيلة أن تقدمك بمستوى ثقافي سخيف . كثير هم مشاهير التواصل الاجتماعي " الفاشلون مضمونا الناجحون جمهورا" . جماهيريتهم طاغية رغم أنهم لا يقدمون إلا سماجات فكرية و أدبية .. "ست وثلاثون ثانية" نصفها "ضحكة عريضة" و باقيها "استهبال على الدقون" تختصر عليك ما فعله عالم فيزيائي طيلة ستة وثلاثين عاما. "خمس عشرة ثانية " تقدم من خلالها كلمة نابية و "مدة لسان "تعادل ما قضاه نجم سينمائي خلال خمسة عشر عاما. "عشر ثوان "تهدي فيها جمهورك العظيم غمزة عين ، كافية بأن تسحب البساط من تحت قدم عالم ذرة أفنى عمرا لأجل الكون. مشاهيرنا أوسخ ألفاظا و أضحل ثقافة و أسقم حالا هم من يوجهون أذواقنا نحو الغث الذي لا يملكون سواه . ليس غريبا أن يكون ذلك المريض ضيفا في حفل زفاف أو مناسبة خاصة لأن "الطيور على أشكالها تقع" لكن الغريب و الغريب جدا أن يكون متواجد في احتفال رسمي يمثل جهة حكومية تحت مظلة وزارة تعنى بالتربية أو بالفنون والثقافة أو حتى بالسياحة و بمجرد أن يستلم المايكروفون لتقديم فقرته المنتظرة يبدأ التصفير و التصفيق ليبدأ بعدها بتوزيع عبارات السخافة والحمق تحت رعاية صاحب المعالي أو السعادة. لا أعمم الحكم السابق على جميعهم لأن بينهم أصحاب رسالة و فكر يقدمون خدمات اجتماعية و إنسانية جليلة يشكرون عليها ،بل إنهم قبل ذلك أصحاب مبدأ متزن و مستقيم ،لكن يجب أن يكون هناك فرز لأسماء أولئك من الجهات المشرفة على الاحتفالات الرسمية ومنح رخصة لمزاولة هذه المهنة الشريفة والحفاظ على الإطار الثقافي و الديني قبل ذلك شأنها شأن تلك الوزارة التي تصدر لائحة بأسماء المشايخ المسموح لهم بمزاولة العمل الدعوي . أولئك السامجون مؤثرون غاية التأثير في خدش جسد التربية وتكسير قواعد الهوية و انتزاع شجرة الأداب من جذورها .. أيتها الوزارات المعنية أولئك المشاهير لا يلامون لأنهم يجدون في ذلك متنفسا من ربو الحياة لكن اللوم كل اللوم عليكم في منحهم منصة التربية و مسرح الثقافة..