يقف الأطفال مندهشين حينما يعبروا من جادة المزرعة القديمة التي أحيتها مشاركة منطثة جازان في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 32. وقدمت المنطقة خلال مشاركتها "المزرعة القديمة" التي تحاكي الحياة الزراعية في جازان التي كانت عليها المنطقة منذ القدم وسط معايشة لذكريات الأجداد والحنين للماضي. وجسدت الفعاليات التي ينفذها القائمين على المزرعة لزوار الجنادرية كيفية حصد الحبوب وبذرها وحرث الأرض بالثيران وسقايتها بمياه الأمطار والطرق البدائية المعروفة، وأشرك في أعمال المزرعة بالجنادرية كبار السن ممن يملكون المهارة والحرفة في زراعة الأراضي وبذرها ورعايتها وجني الحبوب ، والحرص على محاكاة البيئة الحقيقة في جازان المنتجة والمثمرة التي لا زالت إلى الآن مستمرة في تطوير الزراعة والاهتمام بالتنمية الزراعية وتنويع مجالاتها. وتهدف "المزرعة القديمة" للتعريف بالبيئة الزراعية القديمة وطريقة المحافظة على الإنتاج الزراعي حيث يتم شرح طرق الحفاظ على التربة أثناء هطول الأمطار بعد الري ، واستعراض الأدوات الزراعية المستخدمة في زراعة وحرث الأرض منها : الضماط والوشل والجهال والسحب والساقة والوصل والمحر والمحراث ، كما يردد المزارع خلال الحرث بعض الأهازيج المستخدمة سابقاً كوسيلة لقضاء الوقت وعدم الإحساس بالعناء والتعب. وتجذب المزرعة الجيل الحالي لعبق الماضي بكل ما فيه من تفاصيل وذكريات حيث حقول القمح والذرة والماء واخضرار الأرض والمجاري المائية واستخراج الماء من البئر ، حيث تحكي هذه الصورة المبسطة صور الماضي ومعاناة الأجداد في استخراج الماء من البئر بعد حفرها وتكسيتها بالحجارة وصنع "قِرب الروى " التي تُربط على الماشية بواسطة دائرة خشبية تسمى " السواني " تنزل إلى البئر لترفع قليلاً من الماء لسقيا الحرث والزرع. ولا تخلو المزرعة مما يسمى ب "الدّياسة" وهي مرحلة هرس المحصول لفصل الحب عن السيقان والسنابل، حيث يحمل المحصول بعد حصاده إلى مكان بجانب المزرعة ويوضع بشكل دائري ويحاط برصيف دائري من الحجارة والجص، ثم يترك المحصول حتى يجف تحت أشعة الشمس وتتم عملية الدياسة بواسطة البقر أو الحمير وضمدها في حبال واحد بطريقة هندسية تتيح لها التعاون على جر المدوسة.
