«إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، يرددها كثيرا، ويثرثر كثيرا عن ثقافة الإنسان وحقوقه، عن الحرية، والعدل، والمساواة. وكثيرا ما يرفض «خطاطيب» ابنته بسبب «عدم توافق الكهرباء»! بعد أن أسدل الليل أهدابه عليه، وراح يغرق في الظلام، بدأت ألفاظ اللعن تتهافت على عقله، ليتذكر فجأة مقولة سمعها ذات صدفة بأن إشعاله لشمعة خير من لعنه للظلام. وعلى الرغم من اللعن الذي اعتاده طوال حياته قرر أن يتفاءل للمرة الأولى، فبحث عن شمعة وعيدان ثقاب، ولم يستطع العثور على شيء، فاكتشف حاجته للنور كي يشعل شمعة، لينهال بعدها باللعنات على الظلام والشمعة وعيدان الثقاب!. سأل عن أكثر الطرق إطالة للعمر، فأخبروه بأن يسير «جنب الحيط». في الأمس حضروا جنازته بعد أن لفظ أنفاسه نتيجة لانفجار «طفاية حريق» لم تذهب للصيانة منذ العصر الفيكتوري أثناء رحلة سيره بجانب الجدران!. بعد أن مدت بريالها إلى متسولة لجأت إلى أحد الأرصفة في صيف المدينة الذي لا يرحم، استشاط والد الفتاة الصغيرة غضبا من تصرفها اللامسؤول!. وراح يشرح لطفلته الصغيرة عن مكر هذه الفئات التي غاصت بها أركان مدينته الجميلة، وراح يقنعها بأن هذه المرأة توسدت هذا الرصيف الحارق طمعا في جمع قيمة تذاكر إركاب على الدرجة الأولى إلى سويسرا! وبأنها أبعد ما تكون عن الفقر والحاجة. قطع حديثه الوعظي لطفلته مكالمة هاتفية كان يكرر في معظمها: «خذها مني طال عمرك.. وعد المناقصة ما راح ترسي إلا عليك»!. يظل الموت عادلا أيا كان مبكيا، إذ لا نستطيع إنكار جانبه المشرق. ومهما اهتزت قيم العدل في مجتمع، ونخر الفساد أركانه، يأتي الموت في موعده. هذا الموعد لا تستطيع تأخيره مليار مكالمة من أطول الشيوخ «شنبا»، ولا من أوسع المسؤولين صلاحية!. يأتي تماما في موعده، ينفذ مهمته دون أن يلتفت لرصيد الشخص البنكي، أو كمية الكافيار في عشائه البارحة! تحويلة: يقول الفيلسوف «أنا»: « نبتة البطيخ لا تنبت «الكوسة» حتى لو أسقيناها اللبن».