في وقت سابق لم يكن لجبل دخان أهمية تذكر سوى أنه يقع في الحد الفاصل بين السعودية واليمن ويقسم دولتين، فغربه ضمن الأراضي السعودية، وشرقه يتبع اليمن. ويرتفع الجبل الممتد من جبال السروات قرابة ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر، ويطل على قرية الغاوية، التي يفصلها عنه كيلومتر واحد فقط، فيما يبعد عن المضبر والقرن ومدينة الخوبة وقراها خمسة كيلومترات. ولم يكن الجبل ذا أهمية كبيرة وكانت الاستفادة منه لأهالي المنطقة محدودة جدا، لكن صيته ذاع وأصبح معلما مهما بعد أحداث التسلل الأخيرة وحادثة الثلاثاء قبل الماضي، حيث إطلاق النار على دوريات سعودية تابعة لحرس الحدود تقوم بحراسة الحدود الجنوبية الغربية للسعودية، مسببة مقتل جندي حرس حدود وإصابة 11 من رفاقه، وأعلن المعتدون بذلك التمرد على جبل دخان بالكامل والتدخل في أرض الوطن وإعلان حرب ضد السعودية؛ ما تسبب في إثارة الرعب في نفوس ساكني القرى المحيطة بالجبل. ويشير المواطن محمد بن عبده سلامي أحد سكان قرية المضبر إلى أنه “في وقت سابق وضعت علامات حدودية على الجبل؛ كونه يفصل بين السعودية والأراضي اليمنية، وعشنا وآباؤنا وأجدادنا دهورا دون أية مشكلات، بل لنا علاقات مع هذا الجبل الذي نستفيد من خيرات الأمطار التي تهطل عليه؛ كونه موردا رئيسا للسيول التي تأتينا بالمياه لنستفيد منها في ري الأراضي، حيث المزارع الخاصة بالأهالي، كما يشكل مخزونا مائيا جيدا للمواشي التي تجد لها متنفسا في معظم فصول السنة، حيث المراعي تنتشر حوله”. ويضيف، أن القبائل فيما بينها (السعودية واليمنية) مع الأزمنة كافة كانت لها علاقات قربى وتواصل اجتماعي، وما حدث أثار البلبلة بين الجميع، واعتبر أن المتسللين أرادوا السيطرة على بقعة غالية من هذا الوطن، والحمد لله تم تطهير الجبل منهم ووضع العلم السعودي على سفحه المطل على الأرض السعودية كإعادة للسيادة لأرض الوطن”. شيوخ قبائل الهزاهيز والحرث وآل زاهر وهم ساكنو قرية الغاوية آخر القرى السعودية على الحدود والمطلون مباشرة على جبل دخان وأوائل النازحين منه، أشاروا إلى أن منازلهم استهدفت من خلال محاولة استيلاء المتسللين على الجبل، وتم وضع كمائن وذخائر وبذلك قضت خطتهم في السيطرة على الجبل المتمركز تماما على الأراضي السعودية، فهو يطل بشكل كامل على مدينة الخوبة وقراها ويصلح ليكون منصة متابعة للعمليات. وقال الشيخ جبران بن حنش الحارثي، أحد سكان قرية الغاوية: “إنهم لم يرغبوا في ترك قريتهم، لكنهم أخلوها بناء على تعليمات عليا تتحقق معها مصلحة الوطن”، وأشار إلى أنهم مطمئنون لوجود جنود الوطن في تلك المنطقة للدفاع على الأرض الغالية. وأضاف: “نحن أهالي الغاوية مستعدون للدفاع عن أراضينا حتى لو دفعنا أرواحنا ثمنا لذلك، فليس من السهل أن يغادر الإنسان منزله وقريته التي ولد وترعرع فيها، لكن أملنا لم يخب في جنود الوطن الذين طهروا هذه البقعة الغالية من الوطن، من المتسللين المغتصبين”.