إذا قدِّر للمؤرخين والسياسيين والأنثربولوجيين والمفكرين بمختلف مشاربهم الأيديولوجية، أن يعدوا قراءة متأنية لقرن كامل، وآثاره على تقدم البشرية، فالأمر يبدو أكثر سهولة من محاولة استنباط جزء من التحولات السريعة الكبرى، التي حدثت في كل أصقاع العالم، فيما بعد مشهد اختراق الطائرات لبرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، قبل عقد من الزمان، من هذا اليوم. باختصار، الأمر أكثر غموضا وتعقيدا واستفزازا؛ لأن مشهد «11 سبتمبر» لا يزال يمد ذراعيه الطويلتين جدا، مع برجيه المحترقين، إلى العالم بأسره. شبكة الإنترنت ليست اختراعا حديثا، فهي بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، وبدأ تفعيلها في الغرب بعد ذلك بنحو 20 عاما. وبدأ استخدام «النت» عربيا، قبل عقد كامل من الزمان سبق صرخة 11 سبتمبر، وحينها كانت تونس أول دولة عربية تستخدمه في 1991، وبعدها بدأ السباق العربي الإلكتروني. كل هذا يعني، أن منطلقات الحداثة التقنية بين العالم كانت موجودة عربيا، والثورة الإعلامية الفضائية كانت في أوجها، وغيرها من معالم وسائل الاتصال الحديثة. إلا أن حركة التحول بسرعة لا مثيل لها، نحو المستوى الحالي من «وعي الجماهير» على امتداد خريطة العربان، عبر تواصل الجماهير تقنيا، وفق مرئيات جديدة تشبعت بفكرة الحوار، وقناعات لتبديل موروثات «السكون والركون» في خلايانا العربية، تجلت بشكل أكثر وضوحا فيما بعد مشهد دخان البرجين في موقعة «مانهاتن» الشهيرة. كان من قدر العرب، ارتباط تلك الحادثة الكونية ب19 شابا عربيا، ما جعل النطق بمفردة «عرب» أو «عربي» متداولة بشكل غير مسبوق عبر تاريخ البشرية، من خلال جميع لغات ولهجات العالم. شباب العرب قبل مفكريهم ومثقفيهم، أدركتهم يقظة غير مسبوقة حينذاك، وتنامت في ذهنياتهم رغبات الحوار مع كل الأطراف: الآخر قبل الأنا، والبعيد قبل القريب. ولعل من نتائج استمرار الاستخدام المناسب للوسائط التقنية الحديثة تكريسا للتحاور والتثاقف والتلاقح الفكري، خلال تسعة أعوام، أفرزت حركة في الشوارع العربية، أنتجت تغييرات ما يسمى حاليا ب«الربيع العربي». ربما لم يخطر ببال أحد، أن ينبش في ارتباطات تتعلق ب11 سبتمبر، كيوم من التاريخ. قليل من البحث والتنقيب، أفرز عن بعض الأسماء العربية الشهيرة، تسجل ميلاد أصحابها حين جاؤوا إلى الدنيا في مثل ذلك اليوم الشهير في أعوام سابقة، ولعل أشهر هؤلاء الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، الذي ولد في 11 سبتمبر 1965.