القبر.. سيارة مكشوفة

في بريطانيا تقاليد دفن غريبة حتى بالنسبة إلى بلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا، تقاليد تسمح بإضفاء الذاتية على صاحب القبر، وهو شيء لا يتخيل في ألمانيا على سبيل المثال. سيارة مكشوفة أنيقة ذات لون أسود لامع وعلامة جيدة، ومع ذلك فإنها لا تسير، إنها تعمل عمل اللافتة الرخامية التي توضع عند القبر وعليها بيانات صاحب القبر، كل ذلك في لندن.
عرف عن البريطانيين حب التميز، في أشياء قد تبدو غريبة لآخرين ولكنها عادية في بريطانيا. وآخر الصرعات وصلت إلى ساحات المقابر، إنه قبر البريطاني ستيف مارش الذي توفي في أبريل 2009. وتعلو هذا القبر سيارة بي إم دابليو مكشوفة. ولا تخفي جانيت بريجس، مسؤولة المقابر أن هذا النوع من القبور «شيء مستجد، ولكن أسرة المتوفى ترى أن له قيمة».
كان صاحب القبر الغريب شديد الغرام بالسيارات وكانت هذه رغبته, وهذه السيارة تقليد للسيارة التي كان يمتلكها المتوفى فعلا. ولا يعرف أحد على وجه اليقين سعر هذا التقليد ولكن هناك شائعات بين العاملين في المدافن مفادها أن أرملة المتوفى دفعت 50 ألف جنيه إسترليني، «نحو 350 ألف ريال سعودي» مقابل هذه السيارة المقلدة المصنوعة من الرخام الأسود، التي وضعت صورة زوجها فوق مقعد السائق. ورغم وجود بعض التحفظ من جانب أهالي بعض المتوفين الآخرين إلا أن رئيسة المدفن بريجس وافقت في النهاية على هذه الفكرة قائلة «هذا هو آخر شيء يستطيع أهالي المتوفى فعله لمحبيهم».
ينص القانون البريطاني على المسموح به من أنواع الحريات في تصميم المقابر غير العادية، ويسمح بأن يخدم هذا التصميم بشكل فردي بالتذكير بالمتوفى وذلك لتقديم نوع من العزاء لأهله، حسبما جاء في النصوص الخاصة بتصميم المقابر.
ومن ناحية المبدأ فإن القانون يحذر من أن تكون اللوائح المنظمة لذلك شديدة الصرامة أو جافة. وهذا بالضبط هو ما يطالب به بعض أهالي الموتى في ألمانيا، الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن حزنهم بشكل فردي، حيث إن لوائح الدفن في ألمانيا أمر متروك لحكومات الولايات. وكثيرا ما تكون لبعض البلديات في ألمانيا مطالب بعينها متعلقة بالدفن، كل القواعد التي تنظم شؤون المقابر في ألمانيا محددة بدقة ولا تسمح للأهالي سوى بقليل من الذاتية.
وترى كيرستين جيرينج المتحدثة باسم اتحاد متعهدي الدفن في ألمانيا أنه من غير المسموح به في ألمانيا عمل لافتة رخامية للقبر على شكل سيارة مكشوفة، وأن ذلك لا ينسجم مع اللوائح الحالية غير المتماشية مع العصر.
ولكن ثقافة الدفن الألمانية تشهد تحولا هي الأخرى حسب جيرينج التي أشارت إلى أن هناك اتجاها الآن نحو التوابيت الملونة والسماح بوضع بيانات خاصة على اللافتات الرخامية التي تعرف بصاحب القبر والسماح بوضع كلمات تأبين خاصة. كل هذا بدأ بالفعل في مقابر مانور بارك في لندن في ثمانينات القرن الماضي وهو تطور وضعت «حجر أساسه» السيدة التي سبقت بريجس في إدارة المدافن وذلك عندما وافقت عام 1985 على وضع سيارة ربع نقل تحمل رافعة صغيرة كنصب تذكاري في قبر أحد الموتى