يعترض الشيخ محمد الجيزاني، الداعية في «الشؤون الإسلامية»، على الاختزال النمطي للحب وحصره في العلاقة بين الجنسين دون اعتبار لأشكال العلاقات الإنسانية الأخرى «فالإسلام بمفهومه الشامل يصحح المفاهيم المغلوطة التي لا ترى إلا لونا واحدا من المشاعر النبيلة، وتغفل حب الله وحب رسوله وحب الأنبياء والملائكة والعمل الصالح وحب الزوجة والأبناء». ويشير الجيزاني إلى أن الله سبحانه ذكر لفظ «الحب» في كتابه الكريم أكثر من 80 مرة، حتى عد محبة العبد لله من لوازم نجاته في الدنيا والآخرة «ومن مظاهر محبته سبحانه أن يكون المسلم متذللا خاضعا مطيعا منقادا». ويرى الجيزاني أن تصحيح الإسلام لهذه الصورة هو العلاج النافع لكثير من مشكلات الفرد والمجتمع «فالإسلام لم يأت كي يجفف منابع الود والاشتياق بين الناس، بل كانت حكمة الله أن يهذب الشيء المباح حتى لا ينفلت الزمام فيقع المسلم في الحرام. ويؤكد الجيزاني أن الحب بين الجنسين لا مكان له في الإسلام إلا في واحة الحياة الزوجية «وأول حالة حب في تاريخ الإسلام كانت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، كما أشار الإمام الزهري». وعلى المستوى الاجتماعي، ينقل الجيزاني صورا من أشكال الحب التي عهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم «ومن ذلك أن حب الأنصار من آيات الإيمان وبغضهم علامة نفاق، أو ما روي عن حب النبي لخيرة أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، كما ورد في أحاديث كثيرة». وهذا المفهوم يدخل فيه، كما يشير الجيزاني، حب الدين والوطن والآباء والعشيرة والإخوان والأمة بجميع أعضائها المؤمنين وأعلاهم الأنبياء وأشرفهم محمد صلى الله عليه وسلم «وهذا كله لا لذاتهم بل لأجل حب الله عز وجل، فهو فقط من يحب لذاته سبحانه». ويحمل الجيزاني أهل العلم مسؤولية اختلاط المفاهيم على كثير من الناس الذين ينظرون بسلبية إلى الحب حتى في العلاقات الزوجية «فهناك من ينفر من الحب على اعتبار أنه منقصة ومذلة في حقه». وفي توضيحه للحب المذموم، يرى الجيزاني أن العلاقات التي تتولد من طرق غير شرعية تؤدي إلى هذا النوع المحرم من الحب «فهذه العلاقات مسارها مظلم، وهي ليست حبا حقيقيا، لأن الحب النقي الصافي ينتهي بالزوج والاستقرار بين الجنسين، ولا يرتبط بالمنفعة والمصلحة بين أبناء وبنات الجنس الواحد».