الذهب يستقر بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في الشيخ طحنون آل نهيان    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    الذهب يستعيد بريقه عالمياً    تيليس: ينتظرنا نهائي صعب أمام الهلال    محافظ سراة عبيدة يكرم المشاركين والمشاركات ب أجاويد2    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    الهلال يواجه النصر.. والاتحاد يلاقي أحد    رغم المتغيرات العالمية.. الاقتصاد الوطني يشهد نمواً وتنوعاً متسارعاً    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    أشعة الشمس في بريطانيا خضراء.. ما القصة ؟    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    رئيس الوزراء الباكستاني يثمِّن علاقات بلاده مع المملكة    جميل ولكن..    السعودية تتموضع على قمة مسابقات الأولمبياد العلمية ب 19 ميدالية منذ 2020    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    «عندي أَرَق» يا دكتور !    استشهاد ستة فلسطينيين في غارات إسرائيلية على وسط قطاع غزة    33 مليار ريال مصروفات المنافع التأمينية    لؤي ناظر يعلن عودته لرئاسة الاتحاد    «سلمان للإغاثة» ينتزع 797 لغماً عبر مشروع «مسام» في اليمن خلال أسبوع    وزير الصحة يلتقي المرشحة لمنصب المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة الحيوانيّة    النصر يتغلب على الخليج بثلاثية ويطير لمقابلة الهلال في نهائي كأس الملك    مدرب تشيلسي يتوقع مواجهة عاطفية أمام فريقه السابق توتنهام    طالبة سعودية تتوّج ضمن أفضل 3 مميزين في مسابقة آبل العالمية    بمناسبة حصولها على جائزة "بروجكت".. محافظ جدة يشيد ببرامج جامعة الملك عبدالعزيز    تعزيز الصداقة البرلمانية السعودية – التركية    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    في الجولة ال 30 من دوري روشن.. الهلال والنصر يواجهان التعاون والوحدة    دورتموند يهزم سان جيرمان بهدف في ذهاب قبل نهائي «أبطال أوروبا»    العثور على قطة في طرد ل«أمازون»    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    تنمية مستدامة    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. حرس الحدود يدشن بوابة" زاول"    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    الفريق اليحيى يتفقد جوازات مطار نيوم    أمير الشرقية يثمن جهود «سند»    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    مختصون: التوازن بين الضغوط والرفاهية يجنب«الاحتراق الوظيفي»    مفوض الإفتاء بالمدينة يحذر من «التعصب»    أمن الدولة: الأوطان تُسلب بخطابات الخديعة والمكر    مناقشة بدائل العقوبات السالبة للحرية    فرسان تبتهج بالحريد    التوسع في مدن التعلم ومحو الأميات    نائب أمير مكة يقف على غرفة المتابعة الأمنية لمحافظات المنطقة والمشاعر    سمو محافظ الخرج يكرم المعلمة الدليمي بمناسبة فوزها بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية 1445ه    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة "37 بحرية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليم الباحة يحتفي بالدكتور عبدالله غريب وفاءاً وتكريما
نشر في شبرقة يوم 01 - 06 - 2011

بمناسبة تقاعده من العمل الحكومي .. وتفرغه للعمل الإبداعي
الدكتور عبد الله غريب مدير التخطيط المدرسي بتعليم الباحة يقام له حفل تكريم يوم الأحد القادم 3 رجب 1432ه بمبادرة من الشؤون المدرسية بمناسبة إحالته للتقاعد بعد أكثر من سبعة وثلاثين عاما قضاها في التعليم ببيشة والباحة.
الحفل يقام باستراحة التعليم بجوار كلية التربية للبنات برغدان بحضور مدير عام التربية والتعليم بمنطقة الباحة الاستاذ سعيد بن محمد مخايش ومساعديه ومديري مكاتب التربية بالمحافظات والإدارات والأقسام بالتعليم وجمع من المشرفين ومديري المدارس.
والدكتور عبدالله غريب رجلٌ فريد .. فهو من أؤلئك الرجال الأفذاذ .. الذين يحملون الحب والإخلاص للوطن وللأهل والأقارب والأصدقاء والمعلمين الذين أثروا في مسيرة حياته العلمية .. وهو ذو عاطفة جياشة .. يتأثر من كل حدث مؤلم سمع به أو قرأ عنه .. وقد تغلبه الدموع في مواقف كثيرة ولو لم تكن قريبة منه .. لمجرد أن قرأ تفاصيلها .. أو سمع روايتها .. ولذلك فقد كان لوفاة والده رحمه الله ووفاة خاليه رحمه اله فيما بعد أعمق الأثر في نفسه .. وعانا كثيراً بسبب شعوره بفقدهما .. وإحساسه بفراقهما .. ولوعته على رحيلهما رحمهما الله رحمة واسعة .. ولذلك فهو لا يتمنى أن تتكرر هذه التجربة في حياتيه .. وهو يدعو لوالدته بدوام الصحة وتمام العافية وأن يطيل الله في عمرها .. وأن يجعل الله رحيله قبل رحيلها لأنه لا يتخيل أن يفقدها .. ولا يتحمل فراقها .. لعمق إحساسه بأي فراق لا لقاء بعده .. فمجرد التفكير في فراق من هذا النوع لأي عزيز يقض مضجع الدكتور عبدالله غريب ويدمع عينه ويؤلم نفسه.
والدكتور عبدالله غريب رجلٌ عصامي بدأ حياته من الصفر وقد تحدث عن نفسه ومشوار حياته في حوار أجرته معه صحيفة الحوار فقال الدكتور عبدالله غريب :
لم ألد وفي فمي أي نوع من الملاعق لا فضة ولا ذهب ولا حتى بلاستيك لأني عشت في أسرة قروية لا نشاط لها سوى الزراعة والرعي ومع ذلك فوالدي رحمه الله علمني في المدرسة النظامية في بيضان بالباحة وكنت صغير السن لا يزيد عمري عن خمس سنوات وكنا ميسوري الحال بالنسبة للأراضي الزراعية ومحصولها من القمح حيث كانت المقايضة مع التجار في سوق رغدان السبيل الوحيد لشراء حاجات البيت من المواد الغذائية التي تنحصر حينها في التمر واللحم والسكر والشاي والبن أما بقية الاحتياجات فالاكتفاء الذاتي متوفر لأن الماشية زمنها الأغنام والأبقار كانت متوفرة ومنتجاتها تؤدي الغرض أما بعد المرحلة الابتدائية فكانت حياتي أصعب كثيرا حيث كنت انتقل يوميا من منزلي قرابة عشرين كيلو متر تقريبا سيرا على الأقدام لأتلقى تعليمي في المرحلة المتوسطة في الظفير إذ لا يوجد سوى هذه المدرسة للعديد من طلاب القرى المجاورة من غامد وزهران نحمل كتبنا على رؤوسنا ونستمتع بالأجواء الممطرة والباردة التي كانت تستمر قرابة نصف العام وأكثر بين ضباب كثيف تنعدم الرؤيية فيه لأقل من خمسين مترا وأمطار غزيرة وهواء وأجواء شديدة البرودة مع قلة الإمكانات في نوعية الملابس أو المادة حيث أتذكر أننا كنا نجمع من قرشين لنشتري علبة بسكويت بريال ينال كل واحد منا قطعة واحدة نأكلها في الانصراف في الطريق في مدخل غابة رغدان ومع هذا التعب لا تعفيني الأسرة بعد عودتي للمنزل من رعي الغنم حتى المساء وجلب الحشائش من الجبل والوادي للماشية وكنا نشارك وقت الحرث وفي حصاد الزرع ، وما يسمى بالدياس وفصل الحب عن التبن و كنا نذاكر بواسطة المشرزة البدائية والفانوس ليلا وكانت المقررات كثيرة وكبيرة وتعتمد على الحفظ إلى جانب ذلك كنت أسافر في الصيف أثناء الإجازة للعمل في مكة وأنا ابن الثانية عشرة بريالين في اليوم عند إحدى الأسر مشرفا على أبنائهم وتحفيظهم الدروس على قدر إمكانياتي وحتى تخرجت من المرحلة المتوسطة فاشتغلت في بيع مياه زمزم وعند الحرم وكسر علي كم دورق ماء وعملت في التصوير في أيام الحج وأتذكر أنه كان ممنوعا واعتقد أنه حتى الآن ولكن اتسع الخرق على الراقع في عصر التقنيات الحديثة وقتها سحب علي أكثر من كاميرا في عرفة وعند الجمرات رغم أنها رخيصة الثمن ولكنها غالية على إمكاناتي المادية وعملت في مقهى في البر في المنطقة الشرقية وتحديدا في الدمام على طريق الظهران عند أحد الأقارب بسبعة ريالات في اليوم كاملا وكل هذه الأعمال كانت في الإجازات الصيفية التي كانت تمتد لأربعة أشهر وفي العربيات في المسعى ولكن في خطوة متأخرة وأنا في المعهد وحتى وأنا معلما لقلة الراتب ثم انتقلت للمرحلة الثانوية وحينها مرض والدي فبقيت معه ثم سافرت للمنطقة الشرقية وعملت في شركة كريال بأربعة ريال وعملت في تنظيف المزارع على طريق الدمام الجبيل من بقايا جذوع النخل ثم في ورشة للسمكرة في الخبر وأخرى للميكانيكا.
وعندها فتح معهد لإعداد المعلمين فقبلت فيه وتخرجت منه عام 1394ه على يد الشيخ محمد بن غنّام الذي يرقد حاليا في أحد مستشفيات جدة بسبب حادث مروري شفاه الله فالرجل هذا له فضل على كثير من أسر منطقة الباحة بالرغم من الحزم الذي كان يعرف به إلا أنه كان يربي ويعلم حتى انتشر المعلمون من أبناء غامد وزهران على مستوى رقعة الوطن فجزاه الله خيرا عنا وألبسه ثياب الصحة والعافية فجيلنا يحترم المعلم كما يبادلنا طلابنا نفس المشاعر وليس كالذي نراه اليوم أو نسمع به في أوساط الطلاب والمعلمين من تجاهل للأدوار بين الطرفين حتى أصبحت هذه المواد غذاء الصحافة للتدليل على عدم الاحترام بين كافة الأطراف التي تمثل أركان العملية التعليمية ثم عملت في بيشة وتحديدا في أدمة عليان معلما برفقة الزميل عبد الله بن محمد القشبة من سكان قرية قرن ظبي وعدت للباحة عام 1397ه معلما افتتحت مدرسة منضحة في محافظة القرى ثم تنقلت للعمل بعدة مدارس رشحت للدراسة لغة أنجليزية في بريطانيا والدراسة في الكلية المتوسطة بالطائف أخترت أن أكمل الدراسة بكلية الطائف المتوسطةعام 1403ه لظروفي الأسرية وعدت للباحة معلما بعد سنتين ونصف ثم وكيلا لمدارس بيضان ثم مديرا فمشرفا تربويا في الإعلام التربوي ثم مديرا للتخطيط المدرسي حتى تأريخه وفي أثناء هذه المدة التي تجاوزت ربع قرن أكملت الدراسة بالانتساب ثم بالتعليم عن بعد لتقدم السن وعدم الحصول على موافقة للدراسة المنتظمة بعد أربعين سنة من العمر كما هو المتبع وحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه في الإعلام التربوي وأثره على تربية الأطفال لا لأتوظف بها بقدر ما هي جزء من تطلعات بأثر رجعي بعد أن فاتنا قطار التعليم لانشغالنا بالعمل والحياة وكانت نهاية المطاف مع وقوعي فريسة لمرض السرطان الذي أقعدني عاما في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ومركز الأبحاث أجريت بسببه مجموعة عمليات جراحية تكللت بالنجاح ولله الحمد ولكني كنت مؤمنا بأن هذا المرض محبة من الله واختبار وتنقية ونعمة وابتلاء فالحياة معظم ما فيها خطأ بفعل الإنسان نفسه والموت هو الوحيد الذي لا يمكن يكون خطأ لأن أمره ليس بيد البشر بل بيد الله كتابا مؤجلا ولا زلت أتابع حالتي الصحية في هذا الصرح الطبي الشامخ أدين لأطبائه والمسؤلين فيه بالفضل كما هو لسمو الأمير محمد بن سعود وابنه الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود وكيل أمير منطقة الباحة الذي كان يتابع حالتي الصحية أول بأول وحتى الآن فالشكر لله الذي أبقاني هذه المدة أمارس حياتي الطبيعية بكل راحة واطمئنان ولأعترف بفضل كل من زارني أو سأل عني أو تعاطف معي أو سمحت الفرصة لي لأن أقول لمن أخطأت في حقه سامحني.
وحباً ووفاءاً وتقديراً وإحتراماً للدكتور عبدالله غريب تنشر (شبرقة) الإلكترونية نص حوار الزميلة صحيفة (الحوار) مع الدكتور عبدالله غريب ونشرته في طبعتها الورقية ، وننشر مقال بقلم الأستاذ ناصر الحجيلان نُشر في الزميلة صحيفة (الرياض) السعودية..
فإلىكم أولاً نص حوار الدكتور عبدالله غريب المنشور في صحيفة (الحوار) نقلاً عن موقعها الإلكتروني :
عناوين اللقاء :
الكتور عبدالله غريب (صورة قديمة) الدكتور عبدالله غريب صورة حديثة
المادة غيرت حياة الناس ووسائل الاتصال قطعت العلاقات بينهم
صدمت بموت والدي في سن مبكر وعشت على الكفاف أبني نفسي بنفسي
عملت في السمكرة والميكانيكا والتصوير وقهوجي وأنا على مقاعد الدراسة
اشتغلت بريالين وبسبعة في مكة والدمام وأنا في سن الثانية عشرة طالبا
مرضي كشف حجم علاقتي بالناس فكنت خجولا أمام وفاءهم لي وتقصيري في حقوقهم
أحب الأبناء الذكور وأعطف على البنات دموعي تسبق كلامي في المواقف الصعبة
كنت أقطع عشرين كيلا يوميا لدراسة المرحلة المتوسطة سيرا على الأقدام
الحوار - خاص
== يملك الدكتور عبدالله غريب تجربة تمتد لسنوات في التربية والعمل الصحفي يطرح من خلال اولويات رؤيته التي يقول عنها الأولويات تعني الاهتمام بالأساسيات في حياة الإنسان فيبدأ بالأهم فالمهم ووضع الأمور في نصابها الزمني , يضيف رأيت ذلك بنفسي في زملاء لا يتواصل أبناؤهم مع من كان صديقا لأبيه في الوقت الذي أوصانا ديننا بأن من بر الأب حيا وميتا بر من كان ود أبيه وصديقه ولكن الشباب اليوم يكونّون علاقات تتناسب مع سنهم ووقتهم يشير الدكتور غريب الافضل أن تعود عقارب الساعة للوراء للزمن الذي عشنا فيه بسطاء نحب بعضنا البعض ونحتاج بعضنا البعض تلك الحياة التي عاشها الآباء والأجداد وهم لا يخططون للمستقبل بقدر ما يعيشون يومهم بكل سعادة وسرور ومحبة ووئام بالرغم من التعب الذي يلاقونه وهم في مزارعهم وتربية مواشيهم .. كان السؤال الاول ..
* الأولويات ماذا تعنى ومدى تأثيرها على حياتك؟
= الأولويات تعني الاهتمام بالأساسيات في حياة الإنسان فيبدأ بالأهم فالمهم ووضع الأمور في نصابها الزمني.
* ما هي أولوياتك الآن بعد مرحلة من العمر والتجارب؟
= من أولوياتي الآن وقبل التقاعد بقوة النظام - وإن كنت غير راض عن هذه العبارة التي لم يتم تحديثها حتى تأريخه في نظام إنهاء الخدمات بعبارة ألطف لمن أفنى زهرة عمره وربيعه وخريفه في العمل ولكن نقبلها مجازا - فأولوياتي تنحصر في متابعة دراسة من تبقى على مقاعد الدراسة من أبنائي وبناتي ثم جمع مقالاتي التي نشرت في الصحف المحلية والإلكترونية واختيار ما قد يفيد القارئ من المقالات التي نشرتها في الصحف المحلية لأن بعضها مرتبط بحدث قد ينتهي بانتهاء الحدث نفسه ثم التواصل مع الأصدقاء الذين كان لهم الفضل في تجاربي في الحياة سواء في التعلم أو التعليم أو الثقافة والإعلام أو العمل أو الحياة الاجتماعية التي حفلت بعلاقات حميمية مع شرائح كبيرة من المجتمع وهي جزء من وصيتي لأبنائي في الحياة وبعد الممات لأن الكثير من الأبناء اليوم مع الأسف وقد رأيت ذلك بنفسي في زملاء لا يتواصل أبناؤهم مع من كان صديقا لأبيه في الوقت الذي أوصانا ديننا بأن من بر الأب حيا وميتا بر من كان ود أبيه وصديقه ولكن الشباب اليوم يكونّون علاقات تتناسب مع سنهم ووقتهم وهم محقون في ذلك ولكن ليس على حساب ودّ آبائهم كما وأن النية تتجه بعد التقاعد وتحديدا مع نهاية العام الدراسي الحالي التوجه للغربية بين مكة وجدة ولكن ليس للإقامة الدائمة فبيئة الباحة جميلة في ظل التطورات المتلاحقة التي شهدتها وتشهدها باستمرار في هذا العهد الزاهر في ظل توفر الخدمات الضرورية والأجواء المعتدلة والطبيعة التي اعتدنا عليها منذ الصغر فأنا لا أحب حياة المدن ولا حتى جمال أبنيتها ففي القرى اليوم ما يغني يضاف لها بأنها تشكل لوحات جميلة من إبداع الخالق طبيعة ومن فكر الإنسان هندسة وتصميما كما وأن من أولوياتي متابعة صحتي لأستطيع القيام بواجباتي تجاه ما تبقى من الحياة بوجه عام وخدمة المجتمع بوجه خاص بحسب ما يقدر لي.
* ماذا تفضل .. أن تعود عقارب الساعة أو تتوقف ولماذا؟
= أفضل أن تعود عقارب الساعة للوراء للزمن الذي عشنا فيه بسطاء نحب بعضنا البعض ونحتاج بعضنا البعض تلك الحياة التي عاشها الآباء والأجداد وهم لا يخططون للمستقبل بقدر ما يعيشون يومهم بكل سعادة وسرور ومحبة ووئام بالرغم من التعب الذي يلاقونه وهم في مزارعهم وتربية مواشيهم لا هم لهم سوى التعايش مع الحياة بكل صعوباتها لا يتحدونها بقدر ما يتعايشون معها بكل إخلاص إذ لا يوجد للحياة اليومية عندهم أية حواشي فالحياة عندهم عبادة وتعامل وعمل وتواصل مع عدم توفر وسائل الاتصال والكل يأنس بجاره وصديقه وقريبه ومعارفه كرمهم بسخاء بالرغم من قلة ذات اليد ولكنهم يبذلون دون رجاء لمادح ولا مقايضة لمصالح كما هي المصالح والعلاقات الاجتماعية اليوم التي نعيشها ونقبلها بدون مراجعة ينفقون بنقاء سريرة وما يقدمونه من إيثار ولو على أنفسهم كالماء النظيف لا يخرج إلا من بين الصخور الصماء أتمنى أن تعود عقارب الساعة للوراء في التعليم من حيث النظام والاحترام المتبادل بين أطراف العملية التربوية والتعليمية أتذكر عندما كنا ندرس قبل قرابة أربعة عقود حينها كانت الدراسة ثمانية أشهر والدراسة خمسة أيام في الأسبوع موزعة على فصلين دراسيين ثم إجازة أربعة أشهر لا تشكل فراغا فكنا نبحث عن العمل بدون تأفف ولا استنقاص وكان الطلاب متميزين مع قلة الإمكانات إلا أن التمكن كان حاضرا عند الطلاب والمعلمين والموجهين أتمنى أن تعود عقارب الساعة للوراء في التعامل مع الجارعندما كنا نعرف كل صغيرة وكبيرة عن الجيران ونتواصل مع الأقارب والأصدقاء سيرا على الأقدام أو بواسطة الدواب ليس كما هو الحال اليوم الذي توفرت فيه وسائل الاتصال وتوفرت المواصلات ووسائلها العصرية وتوفرت المادة في يد الصغير والكبير الذكر والأنثى ولكنها خلقت جوا من الكبرياء والمقاطعة وقللت من فرص الترابط الاجتماعي والتكافل الذي كنا نعيشه في السابق بدون تنظيم ولكنه موصل للرسالة بين أفراد المجتمع.
أود أن تتوقف عقارب الساعة عند هذا الهدر المالي الذي تعيشه الأسرة بالرغم من الإمكانات المادية إلا أنها فقاعة صابون لا تتمكن من القيام بالأعباء المادية التي تلحق بالأسرة وأفرادها في ظل غلاء الأسعار وكثرة المطالب والاحتياجات سواء الضروريات أو الكماليات فرب الأسرة تثقله الديون والأقساط بعد أن فتحت البنوك وشركات السيارات أبوابها أمام الدخل المحدود والتهمت مقدرات الأسرة فأكثر الموظفين اليوم مرهون راتبه حتى الممات لهذه الجهات التي لم تخدم الوطن بقدر ما تتفنن في ابتزاز هذا الراتب فالكل أصبح ابنا بارا لهذه البنوك والشركات لا يذوق للراتب طعما في ظل الاستقطاع الشهري القسري وأتمنى أن نتعامل مع الغلاء تعامل حضاري فلا نشتري إلا ما نحتاج إليه وليس بالضرورة من المولات التجارية المزينة من جيوبنا التي تأكل الأخضر واليابس عند أجهزة الكاشير وأن نترك عادات الشراء بالجملة حتى نعرف ويعرف التاجر والأسرة حدود إمكاناتنا ويقفون عندها كما تقف عقارب الساعة عند انتهاء البطارية التي تحركها.
* هل تجير أولوياتك إلى أولادك أم بناتك ..الأسباب؟
= أتمنى أن يأخذ بها الأبناء أكثر من البنات لأن الأبناء سيصبحون يوما ما أرباب أسر وعليهم من أعباء الحياة الكثير الذي يحتم عليهم مراجعة أولوياتهم كما كنت أراجعها وأنا قائم على تربيتهم ولا يمنع أن يكون للبنات نصيبا من أولوياتي ولكن قد لا يحتجنها في ظل الرعاية من أزواجهن.
* عودة إلى الزمن الجميل عبارة تكررها أم تحاول نسيانها؟
= كما أشرت سابقا فالزمن القديم جميل بكل ما فيه ولا يمكن أنساه بل أتمنى أن يعود الناس لتلك العادات والتقاليد والمثل والقيم التي كانوا يعيشونها بكل أريحية ودون ملل لأن الكل يعيش في بساطة بدون تكلف ولا غيرة كما هو الحال اليوم فالبعض اليوم يزكي في العيد أموالا لا يملكها فقط من باب مراقبة الناس وهذا قمة الهم الزمن الجميل لم يكن فيه غيرة بين الناس لأنهم لا يملكون إلا أشياء بسيطة ومتشابهة لا تخرج عن أدوات الزراعة ومواشيهم التي يرعونها ويبيعون منها وقت الحاجة ومزارعهم ومنتجاتها من الحبوب أما اليوم فالحياة صعبة جدا بكل ما تعنيه الكلمة ماديا بالرغم من توفر الماديات ومعنويا لضعف الوشائج والعلاقات المبنية على الصدق والوفاء والالتزام بأخلاقيات الحياة الصحيحة فالحسد والغيض أحرق قلوب البشر واختفت كثير من القيم التي عاشها الأولون بدون تعلم ولا ثقافة موجهة ولكنها بفطرة سليمة وقلوب نقية.
* صعود السلم كيف بدأ عندك؟
= من الصفر ولم ألد وفي فمي أي نوع من الملاعق لا فضة ولا ذهب ولا حتى بلاستيك لأني عشت في أسرة قروية لا نشاط لها سوى الزراعة والرعي ومع ذلك فوالدي رحمه الله علمني في المدرسة النظامية في بيضان بالباحة وكنت صغير السن لا يزيد عمري عن خمس سنوات وكنا ميسوري الحال بالنسبة للأراضي الزراعية ومحصولها من القمح حيث كانت المقايضة مع التجار في سوق رغدان السبيل الوحيد لشراء حاجات البيت من المواد الغذائية التي تنحصر حينها في التمر واللحم والسكر والشاي والبن أما بقية الاحتياجات فالاكتفاء الذاتي متوفر لأن الماشية زمنها الأغنام والأبقار كانت متوفرة ومنتجاتها تؤدي الغرض أما بعد المرحلة الابتدائية فكانت حياتي أصعب كثيرا حيث كنت انتقل يوميا من منزلي قرابة عشرين كيلو متر تقريبا سيرا على الأقدام لأتلقى تعليمي في المرحلة المتوسطة في الظفير إذ لا يوجد سوى هذه المدرسة للعديد من طلاب القرى المجاورة من غامد وزهران نحمل كتبنا على رؤوسنا ونستمتع بالأجواء الممطرة والباردة التي كانت تستمر قرابة نصف العام وأكثر بين ضباب كثيف تنعدم الرؤيية فيه لأقل من خمسين مترا وأمطار غزيرة وهواء وأجواء شديدة البرودة مع قلة الإمكانات في نوعية الملابس أو المادة حيث أتذكر أننا كنا نجمع من قرشين لنشتري علبة بسكويت بريال ينال كل واحد منا قطعة واحدة نأكلها في الانصراف في الطريق في مدخل غابة رغدان ومع هذا التعب لا تعفيني الأسرة بعد عودتي للمنزل من رعي الغنم حتى المساء وجلب الحشائش من الجبل والوادي للماشية وكنا نشارك وقت الحرث وفي حصاد الزرع وما يسمى بالدياس وفصل الحب عن التبن و كنا نذاكر بواسطة المشرزة البدائية والفانوس ليلا وكانت المقررات كثيرة وكبيرة وتعتمد على الحفظ إلى جانب ذلك كنت أسافر في الصيف أثناء الإجازة للعمل في مكة وأنا ابن الثانية عشرة بريالين في اليوم عند إحدى الأسر مشرفا على أبنائهم وتحفيظهم الدروس على قدر إمكانياتي وحتى تخرجت من المرحلة المتوسطة فاشتغلت في بيع مياه زمزم وعند الحرم وكسر علي كم دورق ماء وعملت في التصوير في أيام الحج وأتذكر أنه كان ممنوعا واعتقد أنه حتى الآن ولكن اتسع الخرق على الراقع في عصر التقنيات الحديثة وقتها سحب علي أكثر من كاميرا في عرفة وعند الجمرات رغم أنها رخيصة الثمن ولكنها غالية على إمكاناتي المادية وعملت في مقهى في البر في المنطقة الشرقية وتحديدا في الدمام على طريق الظهران عند أحد الأقارب بسبعة ريالات في اليوم كاملا وكل هذه الأعمال كانت في الإجازات الصيفية التي كانت تمتد لأربعة أشهر وفي العربيات في المسعى ولكن في خطوة متأخرة وأنا في المعهد وحتى وأنا معلما لقلة الراتب ثم انتقلت للمرحلة الثانوية وحينها مرض والدي فبقيت معه ثم سافرت للمنطقة الشرقية وعملت في شركة كريال بأربعة ريال وعملت في تنظيف المزارع على طريق الدمام الجبيل من بقايا جذوع النخل ثم في ورشة للسمكرة في الخبر وأخرى للميكانيكا .
وعندها فتح معهد لإعداد المعلمين فقبلت فيه وتخرجت منه عام 1394ه على يد الشيخ محمد بن غنّام الذي يرقد حاليا في أحد مستشفيات جدة بسبب حادث مروري شفاه الله فالرجل هذا له فضل على كثير من أسر منطقة الباحة بالرغم من الحزم الذي كان يعرف به إلا أنه كان يربي ويعلم حتى انتشر المعلمون من أبناء غامد وزهران على مستوى رقعة الوطن فجزاه الله خيرا عنا وألبسه ثياب الصحة والعافية فجيلنا يحترم المعلم كما يبادلنا طلابنا نفس المشاعر وليس كالذي نراه اليوم أو نسمع به في أوساط الطلاب والمعلمين من تجاهل للأدوار بين الطرفين حتى أصبحت هذه المواد غذاء الصحافة للتدليل على عدم الاحترام بين كافة الأطراف التي تمثل أركان العملية التعليمية ثم عملت في بيشة وتحديدا في أدمة عليان معلما برفقة الزميل عبد الله بن محمد القشبة من سكان قرية قرن ظبي وعدت للباحة عام 1397ه معلما افتتحت مدرسة منضحة في محافظة القرى ثم تنقلت للعمل بعدة مدارس رشحت للدراسة لغة أنجليزية في بريطانيا والدراسة في الكلية المتوسطة بالطائف أخترت أن أكمل الدراسة بكلية الطائف المتوسطةعام 1403ه لظروفي الأسرية وعدت للباحة معلما بعد سنتين ونصف ثم وكيلا لمدارس بيضان ثم مديرا فمشرفا تربويا في الإعلام التربوي ثم مديرا للتخطيط المدرسي حتى تأريخه وفي أثناء هذه المدة التي تجاوزت ربع قرن أكملت الدراسة بالانتساب ثم بالتعليم عن بعد لتقدم السن وعدم الحصول على موافقة للدراسة المنتظمة بعد أربعين سنة من العمر كما هو المتبع وحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه في الإعلام التربوي وأثره على تربية الأطفال لا لأتوظف بها بقدر ما هي جزء من تطلعات بأثر رجعي بعد أن فاتنا قطار التعليم لانشغالنا بالعمل والحياة وكانت نهاية المطاف مع وقوعي فريسة لمرض السرطان الذي أقعدني عاما في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ومركز الأبحاث أجريت بسببه مجموعة عمليات جراحية تكللت بالنجاح ولله الحمد ولكني كنت مؤمنا بأن هذا المرض محبة من الله واختبار وتنقية ونعمة وابتلاء فالحياة معظم ما فيها خطأ بفعل الإنسان نفسه والموت هو الوحيد الذي لا يمكن يكون خطأ لأن أمره ليس بيد البشر بل بيد الله كتابا مؤجلا ولا زلت أتابع حالتي الصحية في هذا الصرح الطبي الشامخ أدين لأطبائه والمسؤلين فيه بالفضل كما هو لسمو الأمير محمد بن سعود وابنه الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود وكيل أمير منطقة الباحة الذي كان يتابع حالتي الصحية أول بأول وحتى الآن فالشكر لله الذي أبقاني هذه المدة أمارس حياتي الطبيعية بكل راحة واطمئنان ولأعترف بفضل كل من زارني أو سأل عني أو تعاطف معي أو سمحت الفرصة لي لأن أقول لمن أخطأت في حقه سامحني.
* في الزمن المختلف هل نجحت في التعامل معه أم تفوق عليك؟
= نجحت مع الزمن المختلف تارة وتفوق علي تارة فالنجاح وعدمه سجالا بيننا لأنه مربوط بتوفيق الله ومدى التعامل مع معطيات الحياة ومقوماتها فاليوم نعيش في وسط تلاطم بحور من العلاقات الاجتماعية والوظيفية والدينية والسياسية والأخلاقية والتربوية والعلمية والعملية والإعلامية والثقافية وغيرها من البرامج التي لا تقوم الحياة بدونها وفن التعامل اليوم لا يجيده كل الناس والأمور تحتاج إلى قراءة متأنية وقليل ما هم الذين يستطيعون أن يوازنوا بين المدخلات والمخرجات ويكفي أنه مختلف وبالتالي لا يمكن أن يتفق وما قد تصبو إليه لكثرة العوائق والمصّدات التي تواجهك في الحياة فتصل بك الأمور لأن ترضى من اللحم بعظم الرقبة من طموحاتك وآمالك.
* يقال والعهدة على القائل أنك تفضل البنات على الأبناء .. هل هذا (تحيز) أم عاطفة؟
= سمه ما شئت فإن كان تحيزا فهن السبب الذي قد ندخل به الجنة وهن من يسأل عنك دائما حتى بعد الزواج وليس وهن في دائرة تربيتك واهتمامك وعاطفتهن تجاه الوالدين قوية وبالتالي فلا يخلو تفضيلي لهن من العاطفة ومع ذلك فالأبناء لهم نصيب من عاطفتي حتى الكبار منهم فيظل الأب أب ولكن لا أتحيز معهم لأنهم يقاومون صعوبة الحياة ولجامها في أيديهم إن شاءوا تركوها تجمح عليهم وإن شاءوا يبقونها تحت إرادتهم والمرأة بشكل عام أنا نصيرها أتعاطف معها وأفرح بفرحها وأحزن وقد أذرف الدموع لحزنها حتى ولو من خلال القراءة عن متاعبها في الحياة سواء مع الأسرة أو الزوج أو الأبناء أو المجتمع بكامله فأعيش الظرف وكأني واقع فيها لأن سلاحها دموعها ولأننا مجتمع ذكوري توارثناه ولم نتنازل عنه إلا أنني لا أؤيد أن تكون البنت في منأى عن عاطفة الأب كما هي الأم كما هو المجتمع لاسيما وأنها حققت نجاحات عجز عن تحقيقها كثير من الرجال الأفذاذ.
* هل يعني فشلك في التعامل مع الذكور دون الإناث وما هوا لحل؟
= إذا كبر ابنك فكن أخا له هذا مثل لم يأت من فراغ الأبناء الذكور وبالذات في الزمن المختلف الذي نعيشه قد لا تستطيع تقييده أو توجيهه كما تريد وخاصة بعد أن يكبروا وقد يكون لك ضلع في هذا بحكم عملك وارتباطاتك المختلفة والذكور لهم طلبات كثيرة لا تقف عند حد معين ولا ترتبط بزمن وهي ثقيلة على الآباء في الوقت الذي لم يعد يوجههم المنزل ولا المدرسة اليوم فحسب فالشارع له دور والإعلام والصحبة والمجتمع بما فيه من مساوئ وسلبيات قد تكون موجهة وأنت لا تدري ومتطلبات الحياة تطغى فيها الأولويات و قد تقفز إلى سطح الكماليات وهذا يعني أنك إما تساير الزمن وعجائبه وتتحمل التبعات المادية التي هي الهم الوحيد دون أن يعطف عليك أحد أو تصادم الواقع فتكون الضحية والطامة الكبرى ولكن من فضل الله أنا أعيش في استقرار مع أبنائي وبناتي والفضل يعود بعد الله لزوجتي التي تعرف كيف تتعامل مع الحياة رغم أميتها إذ لم تدرس إلا القرآن الكريم ولكنها تحملت متاعب الحياة مثلي مناصفة وأكثر لأكثر من ثلاثين عاما عندما زوجتني الوالدة حفظها الله وأبقاها بعد التخرج فكانت خطوة مباركة حيث قمنا بتربية أخي الذي توفي والدي وهو رضيع وحتى تخرج من الجامعة وأختي المتزوجة وهذا من وجهة نظري توفيق الله ثم الزواج المبكر الذي يحقق التكامل بين المتزوجين متى ما خلصت النية.
* أولوياتك تختلف عن أولادك صح أم خطا السبب؟
= بالتأكيد فالأولاد يعيشون زمانهم المختلف عن زماني الذي عشته في الوقت الذي عايشت أنا أكثر من زمن فالأولويات عندي قد تكون رئيسية أما هم فقد تكون سطحية وهذا من حقهم لا يمكن تعود عجلة الزمن للوراء مهما بلغ بك الحرص والحذر فلكل زمان دولة ورجال ومع ذلك أرى أنهم يعيشون يومهم فقط وعندما تناقشهم يجيبون بأن الحياة لا تستحق الهم الذي قد يفضي إلى الكثير من المتاعب ومن مبدأ من راقب الناس مات هما.
*الأصدقاء القدامى تركتهم أم تركوك؟
= أنا لم أترك أحد ولدي أصدقاء من نصف قرن وعقود عدة في التعليم والعمل والمجتمع ولا أزال أتواصل معهم من عشرات السنين وقد أكون مقصرا في حقهم ولكن بدون قصد مجرد ضغوط الحياة وإن كان لي رصيد في حياتي فهو ليس ماديا إذ أعيش الستر والكفاف ولكن رصيدي الذهبي أصدقائي الذين وجدتهم وقت مرضي فهو كشف حساب خجلت أمامه لأني لم أقدم تجاههم ما يستحقونه من التواصل ولذلك كان أبنائي شهود الحال مما جعلني أفخر بهذا الرصيد وأوصي أبنائي أن يحتفظوا به أبد الدهر ومن تركني فقد أعذره لذات الأسباب التي أوقعتني في حرج معهم عندما وجدتهم بجانبي في أزماتي ومرضي وعلى رأسهم رجل الأعمال الشيخ حسن بن محمد بن لبزان الذي لن أوفيه حقه من التقدير حسبي أنه عطوف وله أيادي بيضاء مع كل الناس وبالذات المحتاجين لخدماته فهو مبادر دائما لفعل الخير ومواساة الآخرين في أزماتهم وظروفهم الصعبة فجزاه الله خيرا كذلك والدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والاعلام سابقا والدكتور عثمان بن صقر رئيس جامعة الأمير نايف والدكتور سعيد الزهراني منجامعة الملك سعود والدكتور صالح معيض رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة والدكتور هجاد بن عمر الغامدي رفيق تجده عند اللزوم بجانبك أخا لم تلده أمي والدكتورسعيد المليص نائب وزير التربية والتعليم سابقا ومحمد أبو رأس مدير تعليم الطائف حاليا ونعم الأخ والصديق وصاحب القلب العطوف والتعامل الخلاق وزملائي رئيس وأعضاء النادي الأدبي بالباحة السابقين والحاليين ومدير عام التربية والتعليم بالباحة سابقا مطر رزق الله مدير عام تعليم الجوف حاليا ومساعديه وآخرون كثر لا يستوعب المقام حصرهم ولكنهم في ذاكرة من يحفظ لهم الود والاحترام لا أستطيع أوفيهم حقهم حتىولو بذكر أسمائهم حتى لا أنسى منهم أحدا فالصديق كما يقولون وقت الضيق وهذا ما هون علي مرضي وساعات أزماتي مع المرض فأدعو لهم بظهر الغيب من باب مكافأتهم وهو جهد المقل العاجز عن أداء الحقوق والواجبات لمن أسدى إلي معروفا وقت أزمتي الصحية.
* وداع أخير لمن كان وما دوره في مسارك .. ودموعك؟
= والدي لا زلت أتذكر وفاته وأنا صغير السن ذي الخمس عشرة سنة وكان دوره في مسار حياتي كبير من خلال حرصي على أن أرفع رأسه حتى وهو تحت الثرى وأظن أنني قد حققت شيئا من هذا بعد موته وخالي الشيخ أحمد سفر إمام القرية الذي وافاه الأجل عائدا من مكة يوم جمعة في حادث مروري أليم رحمهما الله وأمواتنا وأموات المسلمين أجمعين فالدموع تحجرت بفراقهما في مآقيها من هول الموقف وقراءة المصير لهذه الحياة الفانية ولا أريد تكرار التجربة المرة بفراق الأحبة أدعو الله أن يحفظ والدتي ويمتعها بالصحة والعافية فقد لا أتحمل مأساة مثل ما تحملت بفراق والدي رحمه الله إذ لا أستطيع تكرار التجربة أرجو الله أن يطيل عمرها بعد أن ربتنا وآثرت ذلك على الزواج بعد وفاة والدي لأكثر من أربعين عاما وزوجتي أثابها الله على مساعدتي في تربية الأبناء والقيام بشؤون المنزل والحياة بكل معانيها وجميع من تعلمت على أيديهم وأقاربي الأوفياء وأصدقائي الصادقين فلكل منهم دمعة أو دموع قد تذرفها عيوني لمجرد ذكرهم فما بالك لو فقدتهم فأنا عاطفتي كما يعلم الله قوية وقد أبكي لأي موقف يحزنني وكثير ما هي.
* ماذا تتمني وتفكر به الآن .. وما هو البديل إذا لم تتحقق الأمنية؟
= خليني أكون صريح معك جدا أتمنى أن أعيش بعد التقاعد في مكة المكرمة وأن يكمل من بقي من أبنائي وبناتي دراساتهم وأنا على قيد الحياة كذلك زواجهم سواء الأولاد أو البنات وأن يحسن الله لي الخاتمة وأن أموت قبل أن تموت والدتي لأنني بفقد والدي ذقت الويلات وأشد المرارات ولا أريد تكرار هذه التجربة القاسية ولك أن تعلم أنني أجيب على السؤال ودموعي تنهمر بغزارة عندما أتذكر لحظات الفراق التي لا لقاء بعدها وثق أن تفكيري ينصب على شيء واحد هو تكملة مشوار حياتي وخدمة أسرتي والمجتمع بما أستطيع لأنني أجد فيها لذة حتى ولو كانت الطريق مليئة بالمتاعب فتظل حلوة بالعمل ولا بديل لذلك ولكن إذا تعذرت الأمور فالله يدبرها حيث يشاء وعندما لم أجد فعلي أن ألزم باب داري وقد تستهويني الرحلات مع الأحبة فأنا مولع بالسفر مع الأصدقاء وفي مقدمتهم الدكتور هجاد بن عمر الغامدي مدير عام التعليم سابقا والأخ محمد سعيد أبو رأس مساعده سابقا مدير عام تعليم الطائف حاليا.
* هل الحوار من أولوياتك ولماذا؟
= إن قصدت الحوار في معناه فأنا اعشقه عشقي للحياة حتى ولو شاكسني المحاورون فهي إضافة استثنائية لتعميق مفهومه لدى المتحاورين وقد سعدت بالمشاركة في برامجه الوطنية ثلاث مرات وإن قصدت صحيفة الحوار فهي لا تخرج عن المعنى بل وزادني شرفا أن تستضيفني في أول حديث لي شبه شامل هو جزء من ذكرياتي وغيض من سيرتي الذاتية ولذلك عقدت العزم لأن تنال من تعاوني ومتابعتي وقراءتي اليومية إلكترونيا والشهرية ورقيا ما أرى أنني كافأتها والعاملين فيها.
كتب الأستاذ ناصر الحجيلان مقالاً عن الدكتور عبدالله غريب نشره في زاويته (إيقاع الحرف) في جريدة الرياض السعودية الصادرة يوم الخميس 22 ذي القعدة 1429ه - 20 نوفمبر 2008م - العدد 14759 وفيما يلي نص المقال
إيقاع الحرف
عبدالله غريب
أ.ناصر الحجيلان
من لقاء واحد ستعرف أنك مع رجل مختلف، يلفت انتباهك بما يملكه من مهارات متميزة في التواصل الاجتماعي وفي قدرته على خلق جو حميم وسط المجموعة، له صفات قيادية لاتكاد العين تخطئها. يمتاز بذكاء فطري يعدّ من أبرز عناصر جاذبيته، وهو ذكاء يجعل من معه لا يشعرون أنهم يستجيبون لآرائه الخاصة بقدر ما يشاركونه تلك الأفكار. تجري الحكاية على لسانه سهلة كالابتسامة، فإذا تحدّث ملك ألباب السامعين من خلال قدرته اللغوية التي تسيطر على زمام الحكي، وحتى حينما يستطرد أو ينقطع كلامه يظل السامع مشدودًا إليه.
قابلته في الباحة قبل نحو سنتين ضمن رحلة علمية نظمها قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود، ولفت انتباهي هذا الرجل الذي يمثل أحد النماذج غير النمطية من الشخصيات التي نقابلها كل يوم. ومع أن الحياة وظروف المعيشة فعلت فعلها في محاولة تنميطه ضمن السياق الاجتماعي، ولكنه ظل محافظًا على سمات شخصيته الفريدة التي تجعلك تجزم بأنه ينتمي إلى الكواكب العليا في سلم بناء الشخصيات.
حينما يتحدث عن خبراته القديمة في مواجهة الصعاب والسير على الأقدام لمسافات طويلة وسط الظلام لكي يلحق بالمدرسة في قرية أخرى وهو لايزال طفلا يافعًا، تجدك تتفاعل معه وتحس بمعاناته وتقدّر عصاميته، لأنه استطاع بمهارته اللغوية أن يجعلك تفهم تجربته الإنسانية بكل تفاصيلها الدقيقة. ولأنه في الحقيقة قادر أن يمثل نفسه وراء كلماته، فإنه لا يضع غطاء من شرح أو من لغة عاطفية، فوق شروح المنطق، أو فوق دافع معيب، أو انفعال بلا لون، لكي يعلّمنا ببساطة كيف يجب أن نفكر، أو كيف يجب أن نشعر؛ ولكنه يعبر عن براعة في جعلك ترى الحياة من زوايا مختلفة عما ألفتها.
تتسم شخصيته بالأصالة التي تعني تجميع المضمون والشكل واختيارات مميزة للسلوك، بالإضافة إلى تشكيل فريد للتعامل مع من حوله، فيتحمل الصعاب ويخفي الألم لكي يحظى بسعادة غيره. وهذا النهج يتطلب إلهامًا وتأثيرًا فريدًا، وهو الذي يجعل تصرفاته التي تبدو عادية هي في الحقيقة ذات روح ذهنية وعاطفية.
عبدالله غريب صاحب الجسد النحيل والعقل الجليل من الشخصيات التي تمر على الذاكرة فتصنع مكانها ولا تنسى. ولو تساءلنا عن السبب وراء ذلك، لوجدنا أن الشخصيات التي لاننساها مع مرور الزمن هي الشخصيات غير النمطية. فهذه الشخصيات تثير اهتمامنا إما لأنها تذكّرنا بنموذج سابق نعرفه أو بنموذج نتخيّله ونضع فيه الصفات المثالية، وإما أن الشخصية ذاتها تمنحنا فرصة التعرّف على نموذج جديد يبهرنا باختلافه الفذّ لكونه نموذجًا نشطًا لحياة ذات معنى مؤثر.
وبالصدفة علمت أنه يرقد في المستشفى قبل نحو عام، فهاتفته، ولم تساعد الظروف على مقابلته بسبب سفره، وسعدت بخبر أنه هذا العام متألق وحاضر في ملتقى نادي الباحة الأدبي ينعم بالصحة والحيوية، ولو علمت لحضرت الملتقى بدون دعوة لكي أقابل هذا الرجل النبيل ممن يجود به وبأمثاله علينا الزمن ونسعد باكتساب الطاقة الإيجابية التي تحملها أفئدتهم نحو الإنسانية والحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.