في عام 1390ه، كانت ديّة القتيل 27 ألف ريال، ثم أُعيد النظر فيها عام 1396ه لترتفع إلى 45 ألف ريال، ثم أُعيد النظر فيها مرة أخرى عام 1401ه لتصبح 110 آلاف ريال، أي على مدى 11 عامًا دُرس الأمر 3 مرات؛ بسبب المستجدات التي طرأت على الأسس التي يتم بناءً عليها تقدير قيمة الديّة، وهي أثمان الإبل المائة التي تعادل دية المسلم. السؤال: لماذا جُمّد الأمر طيلة 30 عامًا أخرى قبل أن يُعلن قبل أسابيع قليلة توجّه هيئة كبار العلماء لإعادة النظر في مبلغ الديّة مرة أخرى؟ هل يُعدُّ ذلك جمودًا مقبولاً؟ أم أن السبب هو عدم رغبة الجهات المعنية مباشرة بقضايا وحقوق الناس، وهي وزارة العدل، ومجلس القضاء الأعلى سابقًا (المجلس الأعلى للقضاء حاليًّا)؟ وهل من المصلحة أن تسكت هيئة كبار العلماء على موضوع حيوي ومهم طوال 3 عقود، قبل أن تدرس الأمر من جديد، بالرغم من وضوح التغيّرات والمستجدات التي طرأت على متوسط قيمة الإبل عبر السنين. إذا كان متوسط سعر الإبل في حدّه الأدنى 3 آلاف ريال، وربما أكثر، فإن مقابل الديّة يجب أن لا يقل عن 300 ألف ريال، في حين أنها اليوم 100 ألف فقط. هذا البخس لقيمة الديّة، أدّى بالتالي إلى بخس حق المصاب في أحد أعضائه خطأً من أمثال ما يُروى من كوارث الأخطاء الطبية الفادحة التي تنتهي بأحكام مضحكة، من شاكلة الحكم بتعويض 40 ألف ريال مقابل تلف في الكلى، أو 50 ألف ريال غرامة ضخ دم ملوث بفيروس الإيدز لطفل بريء، وما شابهها من المضحكات المبكيات. ولطالما تحدثنا عن مواكبة الإسلام لأحداث العصر، وعن معايشة الفقه الإسلامي لواقع الحياة، ومع ذلك تظل أبجدياته رهن الحفظ لسنوات طويلة، لمجرد أن فلانًا لا يريد إثارتها، أو لأن علانًا لا يعتقد بجدواها. بخس المسلم حقّه لا يجوز حيًّا كان أو ميتًا، ومساواة ديّة المسلم بثمن وانيت (عراوي) لا يستقيم مع المنطق، ولا العدل، ولا الواقع.