يعد "مشروع مجتمع القيم النبوي" الذي اعتمدته الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة، قبل تسع سنوات، انطلاقاً من رؤية أمير المنطقة السابق، وزير التربية والتعليم الحالي الأمير خالد الفيصل، نحو بناء الإنسان وتنمية المكان، مشروعاً فريداً على صعيد تعزيز القيم التي تتبناها الوزارة. ويمثل المشروع الذي جاء نابعاً من الأسس العامة التي نصت عليها وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية، والمطبق لأول مرة في العام الدراسي 1429- 1430ه داخل مدارس تعليم مكة، برنامجاً رائداً حضارياً حيث يجعل من هذه القيم سلوكاً عملياً مطبقاً على أرض الواقع على طريق الوصول إلى مجتمع تربوي متمسك بقيم وأخلاق النبوة.
واستهدف المشروع، خلال السنوات الخمس من عام 1430ه حتى عام 1434ه، أكثر من مليوني طالب وطالبة، حيث بدأ تطبيقه أولاً على طلاب إدارة تعليم منطقة مكةالمكرمة، ثم تدرجت عملية تنفيذه تصاعدياً إلى أن شارك فيه خلال العام الحالي طلاب 26 إدارة تعليمية في مختلف أرجاء المملكة.
ورسّخ القائمون على المشروع قيماً جوهرية عليا وحملوا على عاتقهم رسالة تتعلق بأهداف بعيدة المدى تطبق على مدى 15عاماً، حيث تركزت الرؤية المعززة للسياسة التعليمية والخطة الدراسية والبرامج الوزارية القائمة على التكامل بين مكونات المجتمع التربوي ليكون قادراً على إعداد مواطنين مسؤولين يعتزون ويقتدون بقيم وأخلاق النبوة في دينهم ودنياهم، ويعظمون شرف الجوار، ويحبون وطنهم، ويسعون إلى نهضته، ويكونون قدوات تحتذى فكراً وسلوكاً من قبل سائر المجتمعات.
وجاء تنفيذ المشروع بمشاركة 22 شريكاً داخل القطاع التربوي وخارجه، حيث تعتمد الشراكة الداخلية على ما تسنده الإدارة من مهام وأدوار، وفق تنظيماتها الداخلية، إلى الجهات المشاركة، فيما تعتمد الشراكة الخارجية على مبدأ الدعم والتعاون مع الإدارة العامة للتربية والتعليم للبنين بمنطقة مكةالمكرمة في كافة المجالات وعلى كل المستويات.
ولأجل ترسيخ وتعزيز قيمة المسؤولية الشخصية والعامة، تقرر تبني عدة مراحل لتنفيذ المشروع تبدأ بالتخطيط والإعداد، فالتوعية والتحفيز، ثم التعريف والفهم وبعد ذلك التطبيق والممارسة، ثم التعزيز والإثراء، وأخيراً مرحلة التقويم والتطوير.
وحظي المشروع بتأييد مطلق من كافة شرائح المجتمع خاصة من جانب الشخصيات المرموقة والمسؤولة والقيادات التربوية والمجتمعية ورجال الأعمال، إيماناً من الجميع بأهمية المشروع وبرامجه المباركة، وحرصاً منهم على تعزيز قيمة الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، والتمسك بأخلاقه والتمثل بسيرته العطرة.
وقرر أحد أهم الداعمين لمشروعات الخير والنماء في مكةالمكرمة تبني المشروع وإنشاء وقف مخصص له.
وقال المتبرع بوقف "القيم النبوية" رجل الأعمال المكي المعروف الشيخ يوسف بن عوض الأحمدي: "هذا المشروع له اسم كبير وعظيم في أنفسنا جميعاً حيث يرتبط بمقام النبوة وسيرة المصطفى الكريم وهو مشروع يركز على التمسك بأخلاق النبي الكريم وآدابه".
وأشاد بالمشروع المتكامل الذي أعدته إدارة التربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة بهدف تفعيل القيم النبوية وتسيير برامجه وأنشطته وفق خطط مدروسة على مستوى المراحل الدراسية لطلاب وطالبات التعليم العام في المملكة".
وأضاف "الأحمدي": "المشروع يعتمد على استلهام تلك القيم وغرسها في نفوس الناشئة من خلال حقائب تربوية وتوجيهية، وهذا بالتحديد ما أوجد الرغبة في نفسي وجعلني أتبني المشروع وأقرر المساهمة فيه انطلاقاً من حبي للرسول الكريم".
وأردف: "خمسة ملايين من الطلاب والطالبات في مختلف مراحل التعليم في حاجة اليوم إلى هذه الحقائب التربوية النبوية التي يلزمها دعم مالي ومعنوي دائم لتستمر ثمراتها اليانعة".
ورأى الشيخ يوسف الأحمدي في تبنيه لوقف مشروع "القيم النبوية" بعشرة ملايين ريال، والتنازل عن أرض لصالح المشروع تقدر قيمتها ب15 مليون ريال، واجباً دينياً ووطنياً، وقال: "الوقف سيدر سنوياً على المشروع مليوني ريال للمساهمة في تفعيل وتطوير برامج وأنشطة المشروع المبارك".
وأضاف: "المشروع حظي بدعم الأمير خالد الفيصل، كما حقق جائزة التميز على مستوى منطقة مكةالمكرمة، وأنا أحثّ الجميع على دعم ذلك المشروع حتى تستمر برامجه وتتحقق أهدافه المنشودة".
وطالب الشيخ "الأحمدي" رجال الأعمال والمحسنين المحبين للنبي الكريم وأخلاقه وفضائله بإنشاء أوقاف خيرية لا تقل قيمتها عن 200 مليون ريال، من أجل دعم المشروع ليستمر في العطاء، وتتحقق الأهداف المرسومة.
وقال: "وقف واحد لا يمكن أن يفي باحتياجات المشروع الكبيرة وأنشطته الضخمة، وأنا أجزم بنجاح المشروع من خلال رؤيتي التطلعية المستقبلية، وأتوقع أن يحظى المشروع بمباركة من قياديين في خارج المملكة وأعتقد أنه سيتم تطبيقه في دول الخليج والدول العربية والإسلامية".