أحيا آلاف الفلسطينيين اليوم الذكرى الثانية والستين، للنكبة، وانطلقت عشرات المظاهرات في عدد من الدول العربية التي يقيم فيها اللاجئون الفلسطينيون، إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية، لتأكيد حقهم في العودة لأراضيهم التي سلبت منهم. فعلى مر أكثر من 62 عاماً، تفرق أكثر من 4,7 ملايين فلسطيني في لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزة والضفة الغربية، وبحسب إحصائيات وكالة غوث لللاجئين (أنروا)، فإن أكثر من 1,3 مليون منهم يعيشون في مخيمات. ويدعم الفلسطينيين في مطالبهم بالعودة إلى أراضيهم جميع الدول الإسلامية والعربية وعلى رأسها الممكلة العربية السعودية التي وقفت على مدار تلك السنوات بجانب الشعب الفلسطيني وأمدته بالدعم السياسي والمادي. ويرى عدد من المحللين السياسيين أن المملكة وعلى الرغم من أنها ليست من دول المواجهة، إلا أنها تمكنت من تسجيل الكثير من المواقف منذ عهد الملك عبد العزيز، رحمه الله, وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين. ويتواصل الدعم السعودي للفلسطينيين وقضيتهم بمواقف لا يمكن أن تنسى وربما كان آخرها ما قدم خلال الحرب الأخيرة التي شنت على قطاع غزة واستشهد خلالها أكثر من ألفي فلسطيني وأصيب فيها المئات، وكانت المملكة السباقة في تقديم المعونات المادية وعلاج مئات الجرحى في المستشفيات السعودية. ولا يقف الدور السعودي عند الدعم المادي فللمملكة أدوار سياسية بارزة على مسرح القضية الفلسطينية، منها الصلح الذي عقد في مكةالمكرمة بين حركتي فتح وحماس في عام 2007، وعلى الرغم من أن الصلح لم يستمر طويلاً على أرض الواقع لأسباب خرجت عن إرادة الجميع، إلا أن دعم المملكة للقضية الفلسطينية ظل مستمراً. ولم يكن دور الوساطة جديداً على المملكة، حيث لعبت المملكة دوراً مهماً في الوساطة بين الأردن والقيادة الفلسطينية في عام 1970، وكذلك كان لها الدور الأبرز في عدة وساطات كان لها أثرها في القضية الفلسطينية سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر ومنها ما حدث في الحرب الأهلية اللبنانية. ويرى السياسيون أن طرح المملكة "للمبادرة العربية" كان يمثل نقطة تحول في تاريخ السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية، وهي المبادرة التي أعلنها الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان ولياً للعهد في حينها في قمة بيروت (مارس 2002م) وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع العربي الفلسطيني، والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي. ويسجل التاريخ الفلسطيني العديد من المواقف السعودية كنموذج للدور العربي الفاعل في القضية، بدءاً من مواقف الملك عبد العزيز، والملك فيصل، والملك خالد، رحمهم الله، وحتى مواقف الملك عبد الله الصارمة تجاه ما يحدث على أرض الواقع. وهذا ما دفع الفلسطينيين للأمل بأن يكون للملكة دور أكثر تأثيراً خصوصاً في ظل ما يحدث على أرض الواقع من اعتداءات إسرائيلية على المسجد الأقصى وفي ظل الحصار المفروض على سكان القطاع منذ عام 2007، وكذلك التهديد الإسرائيلي بترحيل مئات الفلسطينيين من الضفة الغربية بحجة عدم شرعية إقامتهم فيها. وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، أكد موقف المملكة من القضية في حوار أجرته مع صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية قبل أكثر من شهرين وقال فيه: "إنه إذا كان هناك شخص مصاب بهوس البارانويا "جنون العظمة" فستكون إسرائيل". مضيفاً في الجزء الثاني من المقابلة: "ليس هناك جنود على الحدود مع إسرائيل ينتظرون إشارة الهجوم، ولم يذهب أحد لمحاربتهم وتهديد السلام، ورغم هذا لم يقبلوه، وهذا يجعلنا نتساءل ماذا تريد إسرائيل؟". وأوضح الأمير سعود الفيصل أن المجتمع الإسرائيلي ينطلق نحو ثقافة وسياسة أكثر اعتماداً على "الدين"، وإلى حس شديد التطرف بالهوية الوطنية". بحسب الصحيفة الأمريكية.
وبالعودة إلى الجزء الثاني من الحوار، أوضح الأمير سعود الفيصل في معرض رده حول ما إذا كان يعتقد بأن أمريكا باتت أقل تأثيراً في إسرائيل مما كانت عليه بالقول: "أنت تسألني عن شيء يدغدغ خيالنا، إذا كانت المستوطنات غير شرعية على الأقل يمكن أن يتوقع المرء أن تخفض أمريكا المعونة لإسرائيل بالقدر الذي لا تتمكن فيه من بناء المستوطنات". وتابع الفيصل قائلاً: "لكن إسرائيل تحصل عليها على الفور ودون تنفيذ اتفاقية جنيف الرابعة بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال". ويرى سياسيون ومحللون أن الدعم المادي السعودي للقضية والشعب الفلسطيني أمر لا يمكن إخفاءه وليس من باب الدعاية والمنة، ولكن ذلك ما تثبته الأرقام على مر أكثر من 62 عاماً.