برزت القرية التراثية على كورنيش جازان الجنوبي كمعلم حضاري يرمز لحقبة زمنية من تاريخ منطقة جازان العريق والمرتبط بحاضرها المزدهر. ويتجلى في القرية ماضي المنطقة ماثلاً للعيان في صور حية من خلال أنماط ترمز للتنوع الثقافي والحضاري وفق بيئة المنطقة وتضاريسها.
وجاءت فكرة تدشين القرية التراثية من خلال مهرجان جازان الشتوي الأول حين تم تقديم تراث المنطقة وآثارها التقليدية في المهرجان الوليد الذي حقق نجاحات في العام 1429ه، حيث وجَّه أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز، بإنشاء مقر دائم للقرية التراثية بجازان.
وشرعت الجهات المعنية في إنشاء القرية في موقع متميز بالكورنيش الجنوبي في جازان، ثم أصبحت مقراً دائماً لمهرجان جازان الشتوي.
ومع انطلاق الموسم السادس لمهرجان بعنوان "جازان الفل.. مشتى الكل"، مساء اليوم، والذي ترعاه "سبق" إعلامياً، تبدو القرية على أهبة الاستعداد لاستقبال الزوار والسياح والمشاركين، عبر طابعها التقليدي الذي يعبّر عن عبق الماضي وتنبعث منه عراقة التاريخ والأصالة.
وداخل القرية يستطيع الزائر أن يكون وجهاً لوجه مع تاريخ منطقة جازان بأطيافه المتنوعة، حيث يدلف الزائر عبر بوابة القرية ليقف أمام شموخ البيت الجبلي بطوابقه الثلاثة وعمرانه الصلب وقوة تصميمه ومتانته التي تلائم البيئة الجبلية التي تحولت منذ القديم إلى بيوت وعمران ومدرجات وحقول زراعية وبهجة وحياة.
بعد ذلك، يشاهد الزائر البيت التهامي "العشة الطينية"، الذي يبرز بساطة الحياة التهامية وأناقتها عبر شكل العشة المخروطي وأصوات الأواني المعلقة بداخلها "وطراحتها" الممتدة والقعادة الخشبية والميفا المنصوب في الجوار.
ويلمس الزائر عراقة المنطقة من خلال مشاهدة البيت الفرساني وسط البحر مرتبطاً بجسر مع القرية التراثية، ويلمس الزائر التجسيد الحقيقي لجزيرة فرسان وبيتها حيث البحر واللؤلؤ والأصداف.
وفي وسط القرية تبدو مظاهر الحركة التجارية العتيقة من خلال السوق الشعبي بمعروضاته الأثرية والتراثية والأواني التقليدية والنباتات العطرية، ويستنشق الزائر عبير الفلّ والكادي ويشرد بخياله في قصة الحب الممتد التي تحكيها منطقة جازان.
وتعد القرية التراثية بجازان، وهي تستعد لاستقبال الزوار القاصدين مهرجان جازان الشتوي السادس، بوابة نحو تاريخ المنطقة وتدويناً حقيقياً لحقبة شديدة الأصالة لإنسان المنطقة القديم الذي طوّع موارد البيئة الطبيعية منذ قديم الزمن فحولها بيوتاً وأواني وأثاثاً وحياة كاملة إلى أن غدت حضارة ماثلة يتباهى بها إنسان الحاضر ويعمل على التواصل معها.
وتمثل القرية التراثية حلقة وصل بين أجيال الماضي وأجيال الحاضر، ونداءً يدعو إلى بذل المزيد من الجهد والعمل من أجل غد أكثر تطوراً ورقياً.