كشفت دراسة استطلاعية حديثة أن الإعلاميين والمثقفين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يرون أن التعرض للحكام في دول المجلس هو أول المحذورات التي ينبغي أن تتجنبها وسائل الإعلام السياسية في دول المجلس كي تقوم بالأدوار المطلوبة منها على نحو أفضل، مشيرة إلى أن الراضين تماماً عن أداء الإعلام السياسي الخليجي لا يتجاوزون 9% وغير الراضين تماماً يتجاوزون 26%. وأطلق "مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام" الذي أجرى الدراسة التي شملت 292 شخصية إعلامية وسياسية وفكرية في دول المجلس، صرخة تحذير قوية , معتبرا أن النتائج التي توصلت إليها تتسبب في "حالة من القلق حول أوضاع الإعلام السياسي في دول المنطقة، فهو يعاني من تقصير ملحوظ في القيام بأهم أدواره وهو دعم فرص التعاون بين دول الخليج ذاتها". وفي ورقة مقدمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الخامس والعشرين، الشهر الماضي، أوضح الدكتور فهد العرابي الحارثي رئيس المركز أن "معظم المبحوثين يعتقدون أن هناك محذورات على الإعلام الخليجي أن يتجنبها لكي يقوم بالأدوار المطلوبة منه وتتمثل أساسا في التعرض للحكام في دول المجلس الأخرى (64,7% يرونه محذور جداً و 18,5% يرونه محذور)، والتعرض للاختلافات المذهبية والطائفية (69,9% يرونه محذور جداً و 10,3% يرونه محذور)، والتدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس الأخرى (50,7% يرونه محذور جداً و 19,9% يرونه محذور)، و انتقاد أنظمة الحكم في دول المجلس الأخرى (51,0% يرونه محذور جداً و 19,2% يرونه محذور).
وعددت الدراسة المعنونة "الإعلام السياسي في العالم العربي: الإعلام في دول مجلس التعاون نموذجا" (من وجهة نظر الإعلاميين والمثقفين في دول المجلس) أوجه القصور في الإعلام السياسي الخليجي وقالت إن المبحوثين يٌحملون الإعلام الخليجي تقصيره في القيام بدوره في دعم التنشئة السياسية لشعوب دول المجلس (58,6%) وتقصيره في دعمه للمشاركة السياسية لشعوب دول المجلس (60,6%)، وتقصيره في دعمه للخطاب السياسي الموحد لدول المجلس (34,3%).
كما أن المبحوثين يحملون الإعلام الخليجي مسئولية التقصير في القيام بدوره في دعم التكامل الاقتصادي بين دول المجلس (39,7% يرونه ضعيف و 8,2% يرونه ضعيف جداً) وتقصيره في دعمه لبرامج التنمية الاقتصادية لحكومات دول المجلس (30,1% يرونه ضعيف و 5,1% يرونه ضعيف جداً).
واعتبر الدكتور الحارثي أن "ما يلفت الانتباه في هذه النتائج أن حوالي نصف العينة (41.4% ضعيف و 9.9% ضعيف جداً)، ترى أن الإعلام الخليجي مقصر في تقديمه للدعم على مستوى فرص التقارب بين مواطني دول المجلس". وأضاف أن "من يقدرون عالياً دور الإعلام الخليجي في دعم حقوق المرأة الخليجية لا يتجاوزون 20% فقط وأن من يرونه ضعيف أو ضعيف جداً هم حوالي 47%".
وقال إن "حوالي 39% من العينة يعتقدون أن الإعلام مقصر في دعمه للتبادل الثقافي بين دول المجلس، وثلث العينة (26,7% ضعيف و 7,2% ضعيف جداً) يعتقدون أنه مقصر في دعمه للهوية العربية والإسلامية لشعوب دول المجلس، وحوالي ثلث العينة أيضا (22,9% ضعيف و6,8% ضعيف جداً) يعتقدون بتقصيره في دعمه للمشتركات في الثقافة الخليجية".
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع العينة (77,7%) يعتقدون بأهمية وجود إستراتيجية إعلامية موحدة لدول المجلس تدعم الأهداف الأساسية للاتحاد الخليجي ويرون أن ذلك "مهم جداً" بالإضافة إلى 14% يعتقدون أن هذا "مهم" وهو ما يدل على تطلعات النخبة الخليجية إلى أن يقوم الإعلام بدوره المطلوب بفاعلية أكثر قوة.
وقال الحارثي إن "ما يلفت الانتباه في هذه النتائج أن تطلعات المبحوثين فيما يخص مدى أهمية دعم الإعلام الخليجي لمسيرة التعاون في المجال السياسي قوية جداً". وأضاف أن "تطلعات المبحوثين فيما يخص مدى أهمية دعم الإعلام الخليجي لمسيرة التعاون في المجال الاقتصادي قوية جداً، سواء على مستوى أهمية دعمه للتكامل الاقتصادي بين دول المجلس (70,5% يرونه مهم جداً و 21,2% يرونه مهم)، أو على مستوى دعمه لبرامج التنمية الاقتصادية لحكومات دول المجلس (66,4% يرونه مهم جداً و 25,3% يرونه مهم)، أو على مستوى دعمه للسياسات الاقتصادية لحكومات دول المجلس (62,3% يرونه مهم جداً و26,0% يرونه مهم)".
ويعتقد معظم المبحوثين أن القيام بانجاز إستراتيجية إعلامية لدول المجلس تعترضها مجموعة من المعوقات، التي تؤثر على نجاحها ومنها، عدم تفعيل الاتفاقيات بين مجلس التعاون (83,5%)، وعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس التعاون (83,5%)، و محدودية صلاحيات مجلس التعاون الخليجي (79,1%)، واختلاف السياسات الإعلامية في دول المجلس (78,4%)، واختلاف التشريعات المتعلقة بالإعلام في دول المجلس (79,1%)، واختلاف المواقف السياسية في دول المجلس (74,7%)، وضعف كفاءة أداء مجلس التعاون الخليجي بصفته منظمة إقليمية (74,3%)، والمشكلات البيئية بين دول المجلس (67,8%)، وتأثير القوى الخارجية على دول المجلس (63,1%).
في المقابل يرى المبحوثون أن الإعلام الخليجي يقوم بدور مقبول نسبيا في دعمه للمواقف الرسمية للحكومات في دول المجلس (14,0% يرون أنه قوي جداً و 25,3% يرون أنه قوي)، ودعمه للمواقف المناهضة للأطماع السياسية الإقليمية في المنطقة (12,0% يرونه قوي جداً و20,2% يرونه قوي) ، بالإضافة إلى دعمه لمواقف القوى الدولية المؤيدة لسياسات دول المجلس (8,9% يرون أنه قوي جداً، و 21,6% يرونه قوي). وتوضح هذه النتائج أن الطابع الرسمي يغلب على اهتمامات الإعلام الخليجي، رغم ضعفه، حسب تقديرات المبحوثين. كما يرى المبحوثون أن الإعلام الخليجي يقوم بدوره إلى حد ما في دعمه للسياسات الاقتصادية لحكومات دول المجلس (29,1% يرونه قوي جداً و3,4% يرونه قوي).