صرح كريستوفر بوسيك، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للدفاع والدراسات الأمنية في لندن، والمحلل لدى «معهد كارنيجي للسلام» بأن برنامج المناصحة السعودي نجح بنسبة 80 % في أداء رسالته، وأعتمد نجاحه على قوة الدولة السعودية وتوافر الدعم المالي، إضافة إلى مناخ الترابط الأسري. جاءت تصريحات بوسيك رداًًً على حملات التشكيك التي يتعرض لها البرنامج بعد محاولة تفجير طائرة الركاب الأمريكية المتجهة إلى "ديترويت" الجمعة الماضي، والتي أشارت أصابع الإتهام فيها إلى تنظيم "القاعدة" في اليمن والذي يضم سعيد الشهري الرجل الثاني في التنظيم والذي كان ضمن من اجتازوا برنامج المناصحة. وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العامة الأمريكية " إن بي آر " قال بوسيك الذي شارك في دراسة عن برنامج المناصحة "يشمل البرنامج ثلاثة مكونات أساسية: الأول: مناقشات دينية مكثفة، وفيها يقدم الموقوفون أمام علماء الدين وجهات نظرهم، ثم يبدأ العلماء بالرد مستخدمين الأدلة التي تكشف كيف أساء المعتقلون فهم الدين، ثم يوضح العلماء قواعد الجهاد وما هومباح للأفراد وما يجب أخذ إذن السلطات فيه. والمكون الثاني: الدعم الاجتماعي القوي لأسر هؤلاء الأفراد قيد البرنامج ، حيث يتم دعم أسرهم مالياًً، أيضاًً إعداد هؤلاء الأفراد لمرحلة ما بعد الخروج إلى المجتمع، من توفير عمل ومسكن وسيارة. والمكون الثالث: المسؤولية الضمنية التي تقع على الأسرة، حيث العرف أن يكون هؤلاء الأفراد تحت مسؤولية العائلة الكبيرة عقب خروجهم، ولذلك حين تحدث بعض المشكلات أو المتاعب التي تواجه هؤلاء الأفراد يمكن للعائلة التدخل لحلها، بالتعاون مع مسؤولي البرنامج والسلطات. وعن مدى ما حققه البرنامج من نجاح قال بوسيك: " إن 80% ممن اجتازوا برنامج المناصحة بدأوا يتأقلمون مع المجتمع ويعيشون حياة طبيعية، ونسبة ضئيلة جداً انتكست وعادت للعنف"." وضرب بوسيك مثلاًً بالسعودي محمد العوفي، الذي احتجز في جوانتاناموا ثم مر ببرنامج المناصحة، وعند خروجه غادر إلى اليمن لينضم للقاعدة من جديد، هنا قامت السلطات السعودية بتصرف حكيم، حيث إنها زارت أسرته ومدت يد العون لهم، وهو ما يرسل رسالة إلى هؤلاء الأفراد، أنه إذا كنت بعيداًً عمن تحب فمن غير الدولة يمكن أن يرعاهم، وهذه السياسة أثمرت عن عودة "العوفي" بعد أن راجع نفسه وأفكاره. وعن فرص تطبيق البرنامج عالمياًً قال بوسيك: "بالطبع برامج مثل المناصحة تعد مكلفة مالياًً، ولقد نجح في السعودية لأن الدولة تكفلت بهؤلاء الأفراد وأسرهم وقدمت لهم الدعم المالي، وهو ما لا يتوافر لدولة مثل اليمن مثلاًً، لكن هناك عوامل أخرى ساهمت في نجاح البرنامج مثل قوة الدولة، ومكانة وشرعية علماء الدين والمناخ الاجتماعي الذي يقوم على الترابط الأسري، كل هذه العوامل إلى جانب الأموال يمكن أن تسهم في نجاح برامج مماثلة.