شددت المملكة على أن الأزمات والمخاطر والصراعات والقضايا التي تواجه إنسان اليوم أينما كان لن تجد حلاً حقيقياً إلا من خلال الشرعية والقانون الدوليين والتعاون متعدد الأطراف في سبيل تنفيذ مقتضيات العدالة الدولية. وأكدت في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والستين أن مبادرة السلام العربية لا تزال قائمة وتوفر بدورها عرضاً جماعياً شاملاً لإنهاء الصراع مع إسرائيل والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة. وشددت على أن الجميع بات يدرك أسباب عدم تحقق السلام حتى الآن، موضحة أن السلام لم ولن يتحقق عبر استمرار إسرائيل في ارتكاب المجازر والمذابح والقصف العشوائي بحق أبناء الشعب الفلسطيني أو عبر التظاهر بإجراء مفاوضات ثنائية أو متعددة مطولة وغير مجدية تتطرق لكل شيء ماعدا القضايا الأساسية التي تشكل صلب النزاع، وأن السلام المنشود لم ولن يتحقق بفرض العقوبات والاشتراطات على الشعب الرازح تحت الاحتلال في حين يتم إعفاء إسرائيل من أي تبعات رغم مخالفتها لأبسط قواعد وقرارات الشرعية الدولية، كما أنه لم ولن يتحقق بمحاولة فرض التطبيع على العرب قبل تحقق الانسحاب وقبل إنجاز السلام وكأن علينا مكافأة المعتدي على عدوانه في منطق معكوس لا يمت للجدية والمصداقية بأي صلة. وبينت أن الانحراف عن مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية كان ولا يزال السبب الرئيس في ما تشهده منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج من مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، موضحة أن غض النظر طوال عقود عن البرنامج النووي الإسرائيلي, الذي لا يتذرع حتى بإنتاج الكهرباء بل لا ينتج سوى أسلحة الدمار الشامل يشكل خطيئة أصلية من شأنها تحفيز بعض الدول على المضي قدماً في تطوير قدراتها النووية والتذرع بازدواجية المعايير لتبرير عدم الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية في هذا المجال. مجددة أن أسهل الحلول وأسرعها وأكثرها فعالية يتمثل في إعلان كامل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج, منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي دون أي إستثناءات. وأضافت أنه وعلى الرغم من أن المملكة تعد من الدول النامية وتشهد نمواً سكانياً كبيراً يتطلب إحتياجات مالية متزايدة لتغطية تكاليف التنمية البشرية والتجهيزات الأساسية وبناء القدرات الذاتية، فقد اهتمت بالغ الاهتمام بمساعدة الدول الأخرى الأكثر إحتياجاً وبما يتجاوز بمراحل النسب الدولية المنشودة. وقد أكد التقرير الصادر عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المملكة العربية السعودية تصدرت دول العالم في مجال التبرعات لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية عام 2008م وساهمت بمبلغ مليار دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي إضافة إلى مساهمتها في رؤؤس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية وتجاوز ما قدمته من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة المنصرمة 100 مليار دولار إستفاد منها 95 دولة نامية ويمثل هذا المبلغ 4 % من إجمالي الناتج الوطني للمملكة وهى نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة من الأممالمتحدة، وانطلاقاً من اهتمام خادم الحرمين الشريفين بنشر التعليم على أوسع نطاق في الدول النامية فقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن تخصيص500 مليون دولار لمشاريع التعليم في الدول النامية وتنازلت عما يزيد على 6 بلايين دولار أمريكي من ديونها المستحقة على الدول الفقيرة، كما ساهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي وتدعو المملكة مجدداً الدول الصناعية المتقدمة للوفاء بما هو مطلوب منها سواء في مجال نسب المساعدات المباشرة أو في مجال فتح أسواقها أمام صادرات الدول النامية دون قيود غير مبررة.