أحسنت وزارة الدفاع بعقد لقاء إعلامي يومي منذ بدء عاصفة الحزم، كان هذا ضروريا جدا نظرا لأهمية الحدث وتقديم المعلومات الصحيحة الموثقة من مصدرها، كما أحسنت أيضا باختيار المتحدث الذي اكتسب إعجاب الجميع بحضوره وأسلوبه المتميز في تقديم المعلومة كما يجب، لكن المشكلة التي يمكن تسميتها دون مبالغة بالفضيحة هي في بعض الإعلاميين الذين يقومون بتغطية اللقاء. نعرف أنها التجربة الأولى التي يمر بها إعلامنا في التعاطي مع حدث كهذا، كما أننا لا نتوقع وجود صحفي متخصص في الشؤون العسكرية؛ لأننا لم ننتج من نحن بحاجته أكثر كالصحفي الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي، وحتى الرياضة التي تملأ معظم صفحات الجرائد وتستأثر بحيز كبير في وسائل الإعلام الأخرى يندر أن نجد فيها صحفيا متخصصا بمعنى التخصص، ومع ذلك فإن المسألة ليست بالضرورة تخصصا في بعض الأحيان بقدر ما هي ثقافة عامة وحس وإدراك ووعي لا أكثر. بعض الأسئلة التي سمعناها وسمعها معنا العالم مخجلة بالمقاييس الإعلامية، ولكم أحسد متحدث وزارة الدفاع على هدوء أعصابه في مواجهة تلك الأسئلة. الأمثلة كثيرة وبالتأكيد لو راجعنا التسجيلات لأحصينا عددا يكفي لأن يكون مادة لتأليف كتاب عن الجهل الإعلامي الفادح. وهنا لا نطالب الصحف وغيرها بإعلان حالة طوارئ لإيجاد صحفي متخصص بشكل سريع تلبية لهذا الظرف، ولكن على الأقل اختيار من لا يفضحها ويفضحنا جميعا بعدم وعيه وإلمامه وهو يطرح أسئلة عن حرب في عصر التقنية الدقيقة والأسلحة الذكية والخرائط التي تحدد الأرض بمقياس السنتمتر، وإذا كان الإعلامي لا يعرف ماذا يسأل، فإن على صحيفته أو قناته أن تعلمه ما لا يجب أن يسأل عنه، وذلك أضعف الإيمان. أما إذا طالت الحرب واستمر اللقاء الصحفي اليومي بنفس الحضور الإعلامي الذي نراه الآن، فإننا لا نملك غير الدعاء للعميد أحمد عسيري أن يلطف الله به من انهيار عصبي قد يصيبه ذات يوم لا قدر الله بسبب سؤال من تلك النوعية.