خبيران اقتصاديان ل"الرياض": المناطق اللوجستية لسلاسل إمداد مواد البناء تدعم الطلب    الفياض: نستثمر في التكنولوجيا لمعالجة التحديات الصحية العالمية    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين و تعافي الطلب    خبيرة أممية تدين قمع حرية التعبير في الولايات المتحدة    عاصفة شمسية تضرب الأرض وتلون السماء    هطول أمطار مصحوبة برياح نشطة على معظم مناطق المملكة    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    مايكروسوفت تطلق متجراً لألعاب الهاتف    ليندمان: رؤية 2030 حفّزت 60 بعثة أمريكية للعمل بالمملكة    حظر الأظافر والرموش الصناعية بالمطاعم ومتاجر الأغذية    وزير النقل: لا نتدخل في أسعار التذاكر الدولية    "الصحة" توضح الوقت المسموح للجلوس أمام الشاشات    نجاح علاج رضيعة صماء بالجينات    الصائغ يزف صهيب لعش الزوجية    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يصل إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    مدير ناسا يزور السعودية لبحث التعاون الفضائي    اليابان تستعد لاستقبال ولي العهد    البديوي يرحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعم طلب عضوية دولة فلسطين    شرطة الرياض: القبض على (5) أشخاص لمشاجرة جماعية بينهم    العطاوي: سنكمل نجاحات غرفة الرياض التجارية ونواكب المرحلة وتطلعات القيادة    جمعية الرواد الشبابية تنظم دورة "فن التصوير" في جازان    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة معالي الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    الهلال ينهي تحضيراته للحزم    شرطة مكة تقبض على مصريين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    «سلمان للإغاثة» ينتزع 719 لغماً عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    رومارينهو: الخسارة بهذه النتيجة شيء ⁠محزن .. و⁠⁠سعيد بالفترة التي قضيتها في الاتحاد    إيغالو يقود الوحدة بالفوز على الخليج في دوري روشن    ترقب لعودة جيمس مدافع تشيلسي للعب بعد خمسة أشهر من الغياب    إنترميلان يكرر إنجاز يوفنتوس التاريخي    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الاتفاق    سورية: مقتل «داعشي» حاول تفجير نفسه في السويداء    وزير الشؤون الإسلامية يدشن المنصة الدعوية الرقمية في جازان    رئيس جمهورية المالديف يزور المسجد النبوي    وزير الشؤون الإسلامية يفتتح إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة فيفا    "كنوز السعودية" بوزارة الإعلام تفوز بجائزتي النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية    "العقار": 19 ألف عملية رقابة إلكترونية ب4 أشهُر    النفط يرتفع والذهب يزداد بريقاً    جامعة الملك سعود توعي باضطرابات التخاطب والبلع    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    أمطار رعدية على معظم المناطق    رسالة رونالدو بعد فوز النصر على الأخدود    الشاعرة الكواري: الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم وأنا وريثة الصحراء    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    رَحِيلُ البَدْرِ    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    «البعوض» الفتاك    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    دلعيه عشان يدلعك !    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصائد مضادة
نشر في عكاظ يوم 24 - 05 - 2014

هذا هو العنوان الأخير لديوان شعر صدر حديثا عن سلسلة آفاق عالمية من الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، اختار قصائده وترجمها الأستاذ أحمد حسان عن اللغة الإسبانية. وأحمد حسان أحد المترجمين الكبار من هذه اللغة ومن اللغة الفرنسية والإنجليزية أيضا. يعمل منذ سنوات بعيدة في هدوء وأصدر كتبا هامة، بل شديدة الأهمية، مثل «بودلير» لفالتر بنيامين و «مقدمة في نظرية الأدب» لتيري إيجلتون و «المثقفون والمكارثية» لإريك بنتلي و«مجتمع الاستعراض» لجي ديبور و «الوضع مابعد الحداثي» لجان فرانسوا ليوتار وغيرها.
اختار أحمد حسان هذه المرة شاعرا من أكبر شعراء أمريكا اللاتينية إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق وهو «نيكانور بارا» فاختار له مجموعة من القصائد الباهرة تحت عنوان رئيسي «كأنما لا يحدث شيء في شيلي» من دواوين الشاعرالعظيم المختلفة منذ «قصائد وقصائد مضادة» الذي صدر عام 1954م و «رقصة الكويكا الطويلة» الذي صدر عام 1957 و «من أشعار الصالون» الذي صدر عام 1962 إلى «قصائد غير منشورة» الذي صدر عام 1988م. اختار المترجم الرائع عنوان الديوان الأول ووضعه عنوانا أخيرا دليلا على وحدة الاختيار وعلى روح الشعر الذي من البداية جاء نيكانور بارّا ليعلن تضاده مع السائد في الإسبانية وفي العالم. إلا أن تحت هذا العنوان الأخير عنوان آخر يتوسط العنوانين وهو «أبيات بارّا لتضليل الشعر» وهكذا يؤكد على وحدة الاختيار ويضيف إليه ماهو أبعد من التضاد مع هو سائد إلى ماهو أعمق. تضليل الشعر نفسه اعترافا بالجرأة وأخذ الشعر بعيدا عما يحاول المجتمع الراسخ الأنماط، الثابت الرؤي أخذه إليه.
ليست هذه أول مرة يقدم فيها المترجم شعرا لهذا الشاعر. لقد فعل ذلك من قبل في التسعينات في مجلة «الكتابة الأخرى» التي أنشأها الشاعر هشام قشطة للهامش والمهمشين فكانت قصائدها وقصصها ودراساتها هي الأبرز والأجمل دائما.
قضيتان هامتان يثيرهما الكتاب. الأولى وهي الأقل لكن قد يكون لها معنى في عالمنا العربي وهي أنه وقد مثّل ظهور ديوان قصائد وقصائد مضادة للشاعر نيكانور بارّا عام 1954م علامة فارقة في مسيرة الشعر الإسباني واللاتيني وتتالت بعد ذلك قصائده ودواوينه ترسخ موضعه الفريد، إلا أن الجوائز قد تأخرت عليه كثيرا فقد وصلت إليه جائزة ثرفانتس وهي بمثابة نوبل للأداب الإسبانية متأخرة جدا عام 2012م وهو في السابعة والتسعين من عمره. حصل قبل ذلك على جوائز رفيعة أخرى مثل جائزة خوان رولفو عام 1991 وجائزة الملكة صوفيا للشعر عام 2001 إلا أن جائزة ثيرفانتس الأهم تأخرت عليه كثيرا. لكن في النهاية يضع النقاد بارّا إلى جوار والت ويتمان أقدر شاعر أخرجه العالم الجديد وإن يكن بلغة أخرى هي الإنجليزية. مكانته في الشعر الإسباني والعالمي فاقت الجوائز التي تأخرت عليه عمدا برأي كل النقاد ولم يكن هذا التأخر إلا بسبب الشعر المضاد الذي لا يعترف بكل ما حوله من ثبات يمتد من السياسة إلى اللغة. القضية الثانية الأهم هي كون قصائده مضادة أمر يحيلك إلى مسيرة الشعر والأدب والفن عموما. فحين تفاجئ من حولك بما هو جديد توضع على الفور في قائمة المهمشين الذين لا يعرف الكتاب المشاهير لقربهم من السلطة أو إعلام السلطة وصحفها أنك من البداية اخترت لنفسك الهامش وأنت على يقين قد لا تدركه أن المتن ينتظرك. ولو اقتصر الأمر على الشعر فعالمنا العربي الأقرب إلى القارئ أكبر مثال. فلم تكن قصيدة التفعيلة إلا قصيدة مضادة، ليس لما قبلها من شعر عمودي ثابت الأركان فقط، ولكن مضادة أيضا لقيود المجتمع. اتسعت قصيدة التفعيلة وصارت في المتن. صار الشعر الحر عنوانا أكبر. ولم يبق من الشعر القديم إلا قلائل تقريبا لا ينتبه القارئ إليهم. الأمر نفسه تكرر لا زال مع قصيدة النثر التي جاءت أيضا مضادة لما قبلها حتى لقصيدة التفعيلة. وانفتحت للمشاعر البسيطة وللتغيرات في شكل العالم ومفرداته الجديدة في كل نواحي الحياة. ورغم أنها لا تزال تهاجم إلا أنها تتسع بشكل فائق وتصل إلى الشعر العامي الذي تراثه شفاهي مائة في المائة أكثر من شفاهية الشعر القديم. فهو شعر المحافل الشعبية والسهر والمناسبات فضلا عن كونه شعر التحريض. لكن مسيرة الشعر العامي نالها قسط كبير من الشعر الحديث فرباعيات صلاح جاهين تحيلك إلى الشعر العالمي وتعود بك إلى رباعيات الخيام. هذا مثال من أمثلة كثيرة طبعا. ما يهمنا هو أن الشعر العامي الحقيقي يطمح لقضايا الشعر الفصيح في كل تجلياته التاريخية عمودي أو تفعيلة وها هو يدخل دائرة قصيدة النثر التي صارت بحق ملاذ تسعين بالمائة من شعراء العامية الشباب في مصر. هذه هي القضية الثانية التي أثارها في نفسي الكتاب الرائع الذي اختار فيه أحمد حسان قصائد فارقة في تناولها للواقع والحياة والتاريخ لشاعر اللاتينية الأعظم الذي لا بد بلغ المائة عام من العمر الآن. بالطبع تظل الترجمة إلى اللغة العربية محتفظة بقدر هائل من معنى النص وروحه في يد مترجم مثل أحمد حسان، لكن يظل التجديد في اللغة غائبا لا يدركه إلا من قرأ النصوص في لغتها الأصلية. وإذا كان لي أن اختم بشيء من الشعر من الكتاب فهو كثير من القصائد أختار من بعضها شذرات. ففي قصيدة بعنوان «كاتالينا بارّا»:
«تسير وحيدة
في مدينة غريبة
ماذا سيجري للعزيزة بارّا»
وفي قصيدة أنا الفرد التي هي من أروع مافي المختارات:
«أنا الفرد
في البداية عشت في صخرة
هناك نقشت بعض الأشكال
بعدها بحثت عن مكان أنسب»
وتستمر القصيدة الطويلة مع محاولات الفرد لسيادة الكون وصنع المكان الأنسب حتى تنتهي:
«ربما كان من الأفضل أن أعود إلى ذلك الوادي
إلى تلك الصخرة التي كانت مأواي
وأن أبدأ في النقش من جديد
أن أنقش العالم بالمقلوب
من الوراء إلى الأمام
لكن لا: فالحياة لا معني لها»
ثم نصل إلى قصائد قصيرة ملغزة ودالة مثل:
" كل شيء شعر
ماعدا الشعر»
«الأب الأبدي
انتهى بأن هرب مع تلميذه»
«أيتها الثورة
أيتها الثورة
كم من الثورات المضادة ترتكب باسمك»
«USA
حيث الحرية تمثال»
«عديمو الحياة
الآن وقد خسروا المعركة الدامية
يطلعون علينا بأننا جميعا إخوة»
«إنسان جديد
جوع جديد»
«ربة الشعر ستموت مالم تلقي الإهانة»
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.