كلمتا «إيتاي إيتاي» في اللغة اليابانية تعبران عن الألم الجسدي، وهما مرادفتان لمفهوم كلمتي «أي أي» . وموضوعنا هو عن بعض الأضرار البيئية لما يمكن تصنيفه ب «السم الهاري» أي المادة القاتلة الصعب إيقاف مفعولها. وسبحان الله أن السم الفعال يعمل بآلية المنافقين والجواسيس، فيدخل الجسم متنكرا كصديق ولا يعلن عن نواياه بعلانية وشفافية، وكأنه من المواد «الصديقة» المفيدة للخلايا، ولكنه في الواقع ينشر «خبيصة» كيماوية مميتة. لخصها بشكل جميل الكاتب الأمريكي «سام كين» في كتاب الكيمياء بعنوان «الملعقة الخفية» . وجاء فيه أن في جبال «كاميوكا» في وسط اليابان الغنية بالمعادن النفيسة ومنها الذهب والفضة، تم استخراج هذه المعادن عبر مئات السنين، وكان ينتج عنها إنتاج كميات كبيرة وغير مرغوبة من عنصر «الكادميوم» السام، وحيث إن ضرر ذلك العنصر لم يكن واضحا، فقد تخلصت منه جهات استخراج المعادن بمجرد رميه بعيدا عن المدن أو في النهر أو دفنه في الأرض. وكانت الكارثة الصحية فبسبب تلك الممارسات البيئية غير المسؤولة والساذجة، تسرب المعدن السام إلى مصادر المياه وبالذات مياه الري.. لا يخفى على الجميع أن للأرز أهمية خاصة في اليابان. دخل المعدن إلى مصدر الغذاء الرئيس وأصيب السكان بأعراض سميت «إيتاي إيتاي» من كثرة الآلام التي كانت تصيب الضحايا. واليوم نجد معاناة شبيهة بذلك في العديد من الدول وفي مقدمتهم دولة بنجلاديش التي تعاني من أكبر تلوث للمياه الجوفية من مادة الزرنيخ وهو من فئة «السم الهاري» . ويقدر بعض من خبراء البيئة أن أكثر من عشرين مليون إنسان مهددون بشكل مباشر اليوم بسبب مستويات الزرنيخ شديد السمية في مياه آبار بنجلاديش. بعض الممارسات البيئية المتعلقة بإدارة الآبار الارتوازية ساهمت في تفاقم المشكلة. كلمتا «أي أي» باللغة الأردية هما «بيتا بيتا» وتنطق وكأنها (بتاع بتاع). وأما في الفليبين فنجد أن بعض الممارسات البيئية قد زادت من حدة آثار الكوارث الطبيعية. وتحديدا فنشاط التعدين والتركيز على استخراج المعادن يزيد من المخاطر بسبب تعرية الأراضي وجعلها أكثر حساسية لمخاطر الفيضانات والأعاصير، وهناك أيضا المخاطر التي تولدها أنشطة استغلال الثروة الخشبية في البلاد. وأما الأهالي الغلابى المتضررون، فبعضهم يصرخ «آراي آراي» على وزن «إيتاي إيتاي» اليابانية ومعناها «أي أي» بلغة التاجالو الفلبينية. أمنية كل هذا في غاية الأهمية، ولكن هناك ما هو أهم بالنسبة لنا ففي العديد من المدن السعودية هناك حاجة ماسة للنظر في إدارة التخلص من المواد الخطرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر موضوع التخلص من الزئبق.. والقضية باختصار هي أن الزئبق «سم هاري» . ويستخدم في تحضير «الأملغم» أي عجينة حشو الأسنان في العيادات. ويتم التخلص منه عبر نظام السباكة العادي بدون أي معالجة. والمشكلة هي أن عدم وجود أنظمة الصرف الصحي في مدننا تسبب تراكم هذه المادة المميتة في التربة والمياه الجوفية ولا نرغب في أن نورث السموم لأبنائنا وأحفانا. ولا نرسخ مستقبل ثقافة «أي أي» ... أتمنى أن يتم تقويم وضع السموم في وطننا لنمارس الأسس الصحيحة لمبدأي الاستخلاف والاستدامة بشكلهما الصحيح. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة