الجمعية الجغرافية بعسير تنفذ زيارة علمية لمعالم السودة الجغرافية    آل ناشع يرعى فعاليات اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    تعليم جازان يشارك في فعاليات اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025 بركن توعوي في الراشد    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    السلامة الرقمية في غرف الأخبار بفرع هيئة الصحفيين بالمدينة    جلسة حوارية حول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة نظمتها جمعية سنابل الخير والعطاء بعسير    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    الذهب يستقر عند أعلى مستوى في سبعة أسابيع، والفضة تقترب من ذروة قياسية    "زاتكا" في منفذ الحديثة تُحبط محاولة تهريب 368 ألف حبة من الإمفيتامين المخدر مُخبأة في إرسالية "حجر بناء"    رينارد: الفوز جاء بروح الفريق    "الداخلية" تستحضر قيمة المكان والذاكرة الوطنية عبر "قصر سلوى"    الجوازات تستعرض إصدارات وثائق السفر التاريخية في واحة الأمن بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ال (10)    الصعيدي يفتح دفاتر الإذاعة في أمسية بقصيرية الكتاب    إمام الحرم: بعض أدوات التواصل الاجتماعي تُغرق في السطحيات وتُفسد الذوق    إمام وخطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر    تألق كبير لثنائية كنو والدوسري في كأس العرب    الأخضر على أعتاب رقم قياسي في كأس العرب    "الغطاء النباتي" يُطلق مبادرة نثر البذور في المزارع الخاصة بحائل .    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    امطار وضباب على اجزاء من منطقة الرياض والشرقية والشمالية    إطلاق مبادرة "عطاء هنوف" للتوعية بأهمية التبرع بالدم    منافسات قوية في اليوم الثالث من العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية    كريم بنزيما يُلمّح: العودة للمنتخب الفرنسي ليست مستحيلة!    من أمريكا إلى السعودية..خطة تيباس لإقامة مباراة تاريخية خارج الأراضي الإسبانية    الصين تطلق أقمار صناعية جديدة للإنترنت    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    بوتين يعلن الاستيلاء على بلدة سيفيرسك الأوكرانية    المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    الاتحاد الدولي يختار"كنو" رجل مباراة السعودية وفلسطين    الأدب وذاكرة التاريخ    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    الأخضر يتغلّب على فلسطين بثنائية ويتأهل إلى نصف نهائي كأس العرب    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    زواج يوسف    «بناء» تحصد المركز الأول بجائزة الملك خالد    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي يبرز أدلجة الأنظمة السياسية
ثقة الناخب العربي بالتيارات الإسلامية مؤقتة .. مفكرون ومهتمون ل «عكاظ» :
نشر في عكاظ يوم 05 - 07 - 2012

شكل صعود التيارات الإسلامية بكل مسمياتها وتبايناتها إلى الواجهة السياسية في بعض الأقطار العربية ظاهرة لافتة شغلت أهل الفكر والسياسة ومراكز الدراسات والبحوث لمعرفة الأسباب الحقيقية التي صنعت هذا التحول الجديد في تاريخ العرب السياسي خلال العصر الحديث .. خاصة مع اعتقاد البعض بأن الإيدلوجيا كانت المحرك الرئيس للبعد التاريخي في القضية وذلك عبر ما يسمى بأدلجة النظام السياسي الذي سعت مختلف التيارات العربية الفكرية والسياسية إلى فرضه على كل المستويات في مجتمعاتها وبالتحديد منذ أربعينيات القرن الماضي وبرز بشكل جلي في الربيع العربي.
«عكاظ» بحثت هذه القضية مع نخبة من المهتمين والمتخصصين في قضايا الفكر والسياسة .. والإيدلوجيا الذين رصدوا هذه الظاهرة برؤية علمية وموضوعية وخرجت بما يلي:
بداية يقول الكاتب الصحفي الدكتور محمد الهرفي عن الفرق بين الدولة المدنية والدولة الدينية من وجهة نظره:
يتحدث البعض عن مصطلح (الدولة الدينية) باعتباره مضادا لمصطلح (الدولة المدنية) مع أن الفارق بين المفهومين كبير جدا كما يحلو لبعض (المثقفين !! ) أن ينتقد آخرين بوصفهم إسلاميين سياسيين وأنهم يمثلون ( الإسلام السياسي ) وهذا النوع من المثقفين لا يفهم الإسلام ولا سياسته ولا تاريخه !!
الدولة الدينية
ويضيف: مفهوم (الدولة الدينية) لم يعرفه المسلمون على الإطلاق، وإنما نشأ هذا المصطلح في أوروبا عندما كان رجال الدين يهيمنون على كل وسائل الحياة بما فيها تعيين الحاكم أو عزله، وكانوا يدعون أنهم يتحدثون باسم الرب، ولما ضاق القوم بهؤلاء الكهنة جاءت ثورتهم المشهورة والتي كان من أولوياتها إقصاء الدين عن واقع الحياة وحصره في الكنائس وحدها، ونشأت فكرة الفصل التام بين الدين والسياسة، وجعل الأوروبيون ومن سار مثلهم هذه الفكرة من أهم قواعد السياسة عندهم .
الإسلام السياسي
ويستطرد : الإسلام لم يعرف في تاريخه هذا اللون من سطوة ( رجال الدين !! ) بل ليس في الإسلام مثل هذا المصطلح فكل مسلم رجل دين ورجل سياسة في الوقت نفسه، فإن مفهوم ( الدولة الدينية ) التي يتحدث حاكمها باسم الله مرفوضة على الإطلاق فالحاكم بشر يخطئ ويصيب، ورسولنا الكريم كان حاكما ونبيا – في الوقت نفسه – وخلفاؤه كانوا حكاما وصحابة ولهم في العلم باع طويل لكنهم لم يكونوا كهنة يدعون أن ما يقولونه هو ما يريده الله دون زيادة أو نقصان .. إن كل دولة مسلمة تحكم بالإسلام هي دولة دينية وهي في الوقت نفسه تمثل الإسلام السياسي والاقتصادي والاجتماعي وسواه من كل شؤون الحياة ..
ويتابع: فالإسلام السياسي ليس عيبا، بل هو من قواعد كل إسلام حقيقي ؛ فبلادنا - مثلا – دولة تحكم بالشريعة فهي دولة دينية بالمفهوم العام، ولكنها في الوقت نفسه تمارس السياسة بكل أنواعها، ولا يدعي حكامها أنهم معصومون من الأخطاء، وهذا هو نموذج الدولة المسلمة التي تطبق الإسلام بكل جوانبه بما فيه السياسة وغيرها .
ويختم : إننا نتطلع إلى أن كل الدول العربية والإسلامية تطبق الشريعة بمفهومها الواسع الشامل الذي يحقق العدالة لكل أفرادها ؛ مسلمين وكفارا، رجالا ونساء، مواطنين او وافدين، وتأخذ بكل أسباب الحضارة والرقي، وتحقق القوة المادية والمعنوية، وهذا – إن حصل – يحقق مفهوم الدولة المدنية المسلمة بكل أبعادها .
أما الدكتور صدقة فاضل عضو مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية فيتحدث عن دور الأيدلوجيا في ممارسة السياسة بقوله:
في كل بلد، توجد – بطبيعة الحال – عدة توجهات، وعقائد سياسية مختلفة. أو بمعنى آخر، توجد – بالضرورة – اعتقادات سياسية معينة ومختلفة .... تسعى لتنفيذ ما تعتقده من مبادئ في الواقع السياسي والحياتي لبلدها، أو لغيره . ذلك هو تعريف «الإيديولوجية» السياسية، بصفة عامة ومختصرة .
المصالح العامة
ويضيف : فى البلاد الديمقراطية تتجسد هذه الاعتقادات في أحزاب سياسية مختلفة . فالحزب السياسي هو عبارة عن : مجموعة من الأفراد ... يعتنقون مبادئ سياسية معينة، يعتقدون أن تطبيقها يخدم المصلحة العامة لبلادهم، ويسعون للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ .
ويستطرد: ليست هذه المبادئ «في الغالب» سوى إيديولوجية سياسية معينة، أو يمكن تعيينها . فالإيديولوجية، إذا، هي شيء ملازم لممارسة السياسة في الواقع الفعلي، وفي كل دولة – تقريبا .
وعن التوقعات بحصول مايسمى بالتيارات الإسلامية على غالبية المقاعد الإنتخابية يقول صدقة : يعتقد كثير من علماء السياسة، العرب وغيرهم، بأن ما يسمى بالتيار السياسي الإسلامي سيحظى بغالبية أصوات الناخبين في أي انتخابات ( برلمانية، أو رئاسية ) نزيهة تقام في أي دولة عربية معاصرة . فهذا التيار يحظى بثقة أولية لدى كثير من الناس، مقارنة بغيره من الإيديولوجيات والتيارات السياسية المختلفة . ونقول «ثقة أولية» ولا نقول دائمة، أو مطلقة. تحذير
ويمضي: أن ارتكاب هذا التيار، بعد وصوله إلى السلطة، لأحد الأخطاء الفادحة سيؤدي – بالضرورة - إلى انصراف الناس عنه في الانتخابات القادمة.
أما أفدح هذه الأخطاء فأهمها : تسفيه المبدأ الديمقراطي ... الذي أتوا إلى السلطة عبره، وكتابة دستور اقصائي، وفرض قيمهم على من لا يريدها. وسنتحدث عن هذه الأخطاء بمزيد من التحليل في وقت لاحق، بإذن الله.
وفي ذات السياق تحدث الكاتب والمفكر العربي خالص جلبي عن الأصوليين والوصوليين في عالم السياسة فقال:
وصل مرسي في صيف عام 2012م إلى سدة الحكم وخسر شفيق،
أخيرا وصل الإخوان إلى سدة الحكم بعد تعب ثمانين حولا .
ويستطرد: على كل حال لا يوجد في الإسلام رجال دين بل علماء وهم غير معصومين.
صراع فكري
ويتابع : في كتاب مالك بن نبي (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة) توضيح لهذه الآلية الخفية في إدارة كفة الصراع وتسليط الظلال على أفكار بعينها لتشويهها. ولذا فإن الثور لا ينتبه لمن يلعب بالخرقة الحمراء فيقع في النهاية صريعا تحت استحسان الجمهور وصفيرهم.
الاعتراف بالآخر
ويمضي جلبي: جرب (أحمد ديدات) سابقا حظه مع (جيمس سواكرت) حينما دعاه للمناظرة في أمريكا وكان كل منهما يحاول أن يثبت للآخر أن دين الثاني باطل وأن كتابه مليء بالتناقضات. فأساءا إلى القرآن والإنجيل معا. وحركا قضايا قديمة بكلمات جديدة. في الوقت الذي نادت الأديان السماوية إلى التسابق في الخيرات والاعتراف بالآخر.
ويواصل جلبي حديثه عن ادارة المواجهة الفكرية مع الآخر من خلال الحجج القوية قائلاً : عندما كنت في ألمانيا اجتمعت بخليط لا نهاية له من الفرق المسيحية وكنت أكرر عليهم جملة واحدة: هاتوا لي فقرة واحدة في الإنجيل يقول فيها المسيح عن نفسه إنه الله؟ فضلاً عن عقيدة التثليث ومركب الأقانيم وان الله انشطر إلى ثلاثة بدون أن ينشطر وأن الله ثلاثة ولكن يساوي واحد فيما هو ضد الرياضيات. كان القوم يصابون بالذهول لأنهم وجدوا آباءهم على أمة فهم على آثارهم يهرعون. ولم يكونوا معتادين على مواجهة سؤال من هذا النوع. وكان البعض يعترف وهم قلة.
ويمضي الدكتور خالص جلبي: حديثي اليوم ليس بهذا الاتجاه فهو حرج وحساس وصعب هضمه ولكن لا بد منه. وما يقوم به بعض رجال الدين المسيحي مثل جيري فولويل أنهم يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون. أو أنهم يشترون به ثمنا قليلا فبئسما يشترون.
نظرة قاصرة
ويتابع الدكتور جلبي : مشكلة التطرف أو الإرهاب ليست خاصة بدين وهو عمل تقوم به أي مجموعة ترى أن القتل سيد الأحكام وأن العنف هو سبيل التغيير. وهو مرض يصيب أي جماعة إنسانية رأت أن الانتقام هو سبيل إعادة التوازن أو هو ممارسة لقوة مهيمنة ترى كسر أي مقاومة للسيطرة. وكلاهما خطأ فالقتل لا يأتي إلا بالقتل. وهناك علاقة ما بين العدل والأمن والحريات. فالعدل يولد الأمن. والأمن يوسع الحريات.
من ناحيته تحدث الدكتور توفيق السيف عن الصعود السياسي للإسلاميين فقال:
صعود الاسلاميين الى سدة الحكم في تونس والمغرب ومصر أثار اسئلة كثيرة، بعضها مكرر وبعضها جديد. اسئلة تعبر عن قلق يساور السائلين، واخرى تعبر عن تطلع الى مستقبل مختلف.
احد هذه الاسئلة يفترض مقدمة مضمرة فحواها ان ذلك التطور يشير الى بعث جديد للايديولوجيا بعد عقد تقريبا من تراجعها عن ساحة السياسة.
الفرضية المضمرة قبل هذا السؤال هي ان نهاية الحرب الباردة مع تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991 قد اثمر عن تهميش الايديولوجيا وتأثيرها في المجال السياسي. المعنى المادي المقصود هنا هو الماركسية التي كانت ايديولوجيا رسمية لدول المعسكر الشرقي وحلفائه منذ الحرب العالمية الثانية. اما المعنى الرمزي فهو الايديولوجيا بما هي رؤية للعالم مسبقة الصنع، تنطوي على مسلمات ومقدمات ومعايير للصحيح والفاسد وادوات قياس واختبار. بهذا المعنى فان الايديولوجيا لا تخضع لمعايير البحث العلمي المعروفة في علاقتها مع الموضوعات والتطبيقات، بل تطبق معاييرها الخاصة، التي قد تنسجم مع المعطيات العلمية او لا تنسجم.
هيمنة للأيدولوجيا
كانت «حنا ارندت» بين أبرز المفكرين الذين حذروا من هيمنة الايديولوجيا على السياسة. وركزت خصوصا على مخاطر الشمولية. حين يحكم البلاد حزب ايديولوجي او مجموعة تتبنى ايديولوجيا خاصة، فإنها ستحول مؤسسة الدولة الى اداة لفرض هذه الايديولوجيا على المجتمع، والزام الجميع بتبني الخطاب الرسمي، سواء اتفقوا معه او خالفوه. بهذا المعنى فإن وظيفة الدولة قد تحولت من تمثيل المجتمع وادارة مصالحه الى ما يشبه منظمة سرية غرضها الرئيس هو اخضاع المجتمع للنخبة القائدة الاتحاد السوفيتي السابق والمانيا النازية هما ابرز الأمثلة التي ينطبق عليها هذا الوصف.
رؤية أسطورية
ويضيف : «الأحزاب الدينية في العالم الاسلامي تتبنى ايديولوجيا يلخصها شعار الإخوان المسلمين «الإسلام هو الحل» وتسندها رؤية كثيرة التداول فحواها ان تعاليم الدين الحنيف شاملة لكل نواحي الحياة، من ادناها الى أعلاها».
ويستطرد: نفهم طبعا ان كل حزب او جماعة دينية لديها قراءة خاصة للنص الديني والتشريع، لا تتوافق غالبا مع قراءة الآخرين، مجتمعات او جماعات. فاذا اعتبر الحزب الديني الحاكم قراءته ايديولوجيا رسمية، فإنه سيفرضها على الاخرين جميعا، الراضين والرافضين. بمعنى انها ستقيم نظاما يقصي جميع الآراء والخطابات الاخرى، ويلغي التنوع الضروري لاغناء الحياة العامة والتقدم.
ويمضي: لا اريد عرض إجابات، فكل جواب هو احتمال مبني على قراءات سياسية، يختلف الناس في تقييم عناصرها بحسب ميولهم وما يتوفر لديهم من معلومات. لكني سأذهب الى اصل المسألة وهي النظر الى الايديولوجيا بهذا المنظار المخيف.
نعم للأيدولوجيا
ويؤكد السيف على أهمية الأيدلوجيا للتواصل مع الآخر بقوله :
اعتقادي الشخصي ان الايديولوجيا ضرورة للحياة والحكم، مثلما العلم والاخلاق ضرورة. الايديولوجيا هي الوسيلة التي نبني بها علاقتنا مع العالم المحيط بنا، ونعطي للأشياء معاني، ونربطها مع بعضها حتى تتحول من عناصر منفردة هائمة في الفضاء إلى أجزاء في مركب، هو رؤيتنا للعالم. وما لم يكن لدينا منظومة مفاهيم ومسلمات أولية فلن نحب شيئا ولن نقيم علاقة مع شيء مما يحيط بنا، لا إنسانا ولا فكرة ولا شجرة ولا ساعة.
وينهي الدكتور السيف حديثه بالقول:
لا يحتاج الإنسان إلى انكار الايديولوجيا، بل يحتاج إلى: الوعي بأنه يحمل ايديولوجيا تؤثر على آرائه وأحكامه، الوعي بأن الايديولوجيا - حتى لو اعتقد بصحتها – تلعب أحيانا دور حجاب الحقيقة، وكذلك الوعي بالفارق بين وظيفتي الايديولوجيا والعلم.
أما بالنسبة للسياسيين فيقول: أخص بالذكر الحكومات الجديدة، فإن وظيفتهم هي ادارة المصالح العامة والتعارضات وتمثيل المجتمع. ومن هذه الزاوية فإن القيم والمفاهيم التي يطبقونها يجب ان تكون مرضية ومقبولة من قبل المجتمع .
فكر حضاري
الى ذلك تحدث الدكتور أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانوينة حول مستقبل الربيع العربي «نظرة ايديولوجية»: لم أفاجأ بنجاح الإخوان المسلمين ووصولهم إلى سدة الرئاسة في مصر، فلقد سبق وأن أجريت حواراً مع الأهرام منذ خمس سنوات حضره الأستاذ عبدالعظيم حماد رئيس التحرير السابق وقلت لهم: عليكم أن تعلموا بأنه بعد خمس سنوات سوف يصل الإخوان إلى حكم مصر لأنهم أكثر الاحزاب تنظيماً وأوسعهم انتشاراً على المستوى الشعبي.
ويضيف : وصول الإخوان إلى الرئاسة في مصر وغيرها من الدول العربية سوف يجري تحولاً من الإخوان الحزب الى الاخوان الدولة، فالتخوف من وصولهم الى الحكم في أي دولة عربية لايعني أن تفرض الشريعة الإسلامية بتطرف شديد كما هو في طالبان وإيران على هذه الدول، بل أن الفكر الحضاري الإسلامي سيثبت وجوده على الساحة، لان الفكر الحضاري سوف يتقبل مختلف الأطياف، ويضمن جميع الحقوق لكل المواطنين فعقدة التخويف من الإسلاميين في الغرب سوف تنفك بوصول الإسلاميين الى الحكم.
فالمملكة العربية السعوية وهي دولة اسلامية وشعبها كله مسلم لم تكن نشازاً عن باقي الأمم والشعوب، بل حافظت على علاقاتها مع الدول واحترمت تعهداتها، لهذا نجد أن الذين يتقاتلون في دولهم يلتقون في الحج والعمرة ولا يتعرضون لبعضهم.
ثقافة الآخر
ويستطرد الدكتور عشقي مذكراً بأن ثقافة الآخر قابلة للتطويع والتهذيب بحسب مصالحنا بقوله:
منذ أربع سنوات كنت في الولايات المتحدة والتقيت بأحد المسلمين وسألته عن الحج فأشاد بالتنظيم والترتيب، لكنه قال لي: بأني صدمت عندما وجدت شعار ماكدونالدز على باب مكة، لأن في هذا معنى يقول: بأننا قد فرضنا ثقافتنا عليهم في اقدس بقعة، قلت: له لا عليك ان تفهمها بأن الإسلام يتقبل حوار الحضارات فهم لم يفرضوا الخمرة ولا البارات ولا غيرها، بل اننا في المملكة أسلمنا ماكدونالدز فمنعنا فيه الخمر والخنزير وأغلقناه وقت الصلاة وأوقف نهاراً أيام الصيام لأن المجتمع إسلامي.
ويتابع : لقد جاء التحول في العالم العربي في وقت اصبح العالم في حاجة الى الفكر الحضاري الإسلامي فلقد اصبح في بريطانيا اكثر من خمسة مصارف إسلامية وعدد من البنوك فتحت لها اقساماً اسلامية وعلى رأسها دوتش بانك.
ويمضي : الخلافة كما قال عليه الصلاة والسلام ثلاثون عاماً ثم يتحول الأمر الى ملك وذلك بمختلف الاوجه، لان المسلمين قد دخلوا التنظيم السياسي الذي يقتضي ضمان الحقوق والعدالة لكل الفئات الدينية والعرقية، وقد أكد على هذه النظرية ابن تيمية رحمه الله عندما قال: بأنه ليس من الضرورة ان يكون العالم الإسلامي في وحدة واحدة.
ويختم حديثه : ان توحيد العالم الإسلامي سيكون عبر المنظمات التي دعمتها المملكة مثل رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من التنظيمات، مشدداً على أهمية ايجاد مراكز إسلامية تقوم بإعداد البحوث التي تثري الفكر الحضاري اليوم بما جاء به الإسلام من رؤى لخير البشرية بالأمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.