الجدعان: المملكة تتعاون للقضاء على فقر الطاقة في العالم    اعتماد نهائي لملف الاستضافة.. السعودية تتسلم علم «إكسبو 2030 الرياض»    ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم    أدانت التهجير القسري والتوسع الاستيطاني في فلسطين.. السعودية تدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بالمنطقة    تبادل ناري مستمر بين طهران وتل أبيب.. صواريخ «لا ترى».. ومفاجآت قادمة    في بطولة كأس العالم للأندية.. الهلال يستهل المشوار بقمة مرتقبة أمام ريال مدريد    الروح قبل الجسد.. لماذا يجب أن نعيد النظر في علاقتنا النفسية بالرياضة؟    النصر يسعى للتعاقد مع مدافع فرانكفورت    الإطاحة ب 8 متورطين في تهريب وترويج المخدرات    إغلاق التسجيل في النقل المدرسي في 10 يوليو    "الأرصاد": "غبرة" في عدة مناطق حتى نهاية الأسبوع    هيئة الأزياء تكشف الإبداع السعودي في الساحة العالمية    هيئة التراث تضيف 700 موقع أثري جديد لسجل الآثار    صورة بألف معنى.. ومواقف انسانية تذكر فتشكر    "الحج" تنهي تسليم نموذج التوعية لمكاتب شؤون الحجاج    مركب في القهوة والأرز يقلل الإصابة بالنوبات القلبية    سياحة بيئية    رسائل نصية لإشعار السكان بأعمال البنية التحتية    إيقاف سبع شركات عمرة مخالفة    رؤية هلال كأس العالم للأندية    الهلال.. في أميركا    أمير الشرقية يستقبل سفير الفلبين    وظيفتك والذكاء الاصطناعي 4 أساسيات تحسم الجواب    نائب أمير الرياض يستقبل مديري «الشؤون الإسلامية» و«الصحة» و«الموارد البشرية»    مظلات المسجد النبوي.. بيئة آمنة ومريحة للمصلين    22 ألف عملية توثيقية لكتابة العدل خلال العيد    عبدالعزيز بن سعد يطلع على مشروعات جامعة حائل    "الشورى" يطالب بمعالجة انخفاض صرف إعانات مربي الماشية    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    الجهود الإغاثية السعودية تتواصل في سورية واليمن    «الشؤون الدينية» تقيم دورة علمية بالمسجد الحرام    القطار أم الطائرة؟    مكان المادة المفقودة في الكون    ثورة في صنع أجهزة موفرة للطاقة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يضع حداً لمعاناة «ستيني» مصاب بجلطة دماغية وأخرى بالشريان الأورطي    القصيم الصحي يجدد اعتماد «سباهي» لثلاثة مراكز    إعادة شباب عضلات كبار السن    ترمب يعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأميركي بشأن إيران    قرعة كأس السوبر السعودي تُسحب الخميس المقبل    93.1% من المتسوقين يشترون من المتاجر الإلكترونية المحلية    المملكة تشارك في معرض بكين الدولي للكتاب    كيف تأثرت العملات الرقمية بالحرب الإسرائيلية الإيرانية    محافظ الطائف يزور المفتي العام للمملكة..    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    تدشين بوابة خدماتي العدلية    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    أمير الشمالية يدشّن جمعية الابتكار والإبداع    العوامية الخيرية تدشّن هويتها البصرية الجديدة    رئيس الاتحاد الآسيوي: نثق في قدرة ممثلي القارة على تقديم أداء مميز في كأس العالم للأندية    744 موقعا أثريا للسجل الوطني    من رود الشعر الشعبي في جازان: محمد صالح بن محمد بن عثمان القوزي    نجاح المبادرة التطوعية لجمعية تكامل الصحية وأضواء الخير في خدمة حجاج بيت الله الحرام    "متحف السيرة النبوية" يثري تجربة ضيوف الرحمن    " الحرس الملكي" يحتفي بتخريج دورات للكادر النسائي    مجمع الملك سلمان يعزّز حضور اللغة العربية عالمياً    علماء روس يتمكنون من سد الفجوات في بنية الحمض النووي    أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ خاله عمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غباء الفلاسفة
نشر في عكاظ يوم 20 - 05 - 2012

لا يمكن للمرء الولوج إلى عالم الفلاسفة والاطمئنان إلى معرفته بهم ما لم يستطع أولا أن يقرأ غباءهم قبل ذكائهم. عندما يريد أحد أن يدخل إلى عالم الفلسفة فإنه بالتأكيد سيدخل مع الباب العام؛ مع الكتب المبسطة والمجملة والمقدمة للقارئ العادي لا المتخصص، بعد ذلك يسير في طريق القراءة رويدا رويدا حتى يصل إلى غاية الإدراك؛ وعندما يصل إلى هذه الغاية سيعلم أنه أصبح منشغلا بقراءة الغباء أكثر من الذكاء. سأوضح المراد الآن.
في الكتب المبسطة والعامة سيجد القارئ نفسه أمام زبدة ما أنتجه الفلاسفة وخلاصة تاريخ طويل من البحث والنقاش. هنا سيفوته تعلم «الطريقة» التي يصل بها الفيلسوف إلى تلك الآراء والخلاصات. والطريقة ليست فقط المنهج، بل هي فوق ذلك الأسلوب اللغوي والسياق التاريخي والأسئلة التي انشغل بها هذا السياق ذاته. إن الفيلسوف لا يمكن أن يبدع آراءه منعزلا، فلا بد من مجتمع معرفي ينخرط فيه. هذا «الانخراط» يعني من ضمن ما يعني أن الفيلسوف يدخل في حوار جاد ونقاش عميق مع غيره من الفلاسفة المجايلين له. وكل فيلسوف يصل إلى «زبدته» من خلال ضرب من الجدل أو الصراع الفكري. والصراع يستلزم من المتصارعين البحث عن نقاط الضعف في كل طرف؛ أي أن كل فيلسوف يبحث عن «غباء» الآخر لكي ينقضه ويبني على آثاره بناء ميتافيزيقيا جديدا. والغريب في الأمر أن الفيلسوف لا يبني على الجزء المتماسك والصحيح في فلسفة خصمه بل يبني على الجزء الضعيف. وهذا هو تاريخ الفلسفة. فإذا كان تاريخ العلم هو تاريخ أخطائه كما يقول باشلار، فإن هذا يصح أيضا على تاريخ الفلسفة. والأخطاء هنا أو نقاط الضعف أو حتى «الغباء» ليس صفة سلبية بل هي ميزة رائعة تجعل باب التطور مفتوحا.
فلنأخذ أمثلة.. إن من أضعف الجوانب في فلسفة ديكارت هي ثنائية العقل والمادة وكيفية التواصل بينهما. لقد طرح ديكارت حلا هزيلا جعل فريقا كبيرا من الفلاسفة بعده يقيمون أبنية ميتافيزيقية هائلة لحل المشكل. لولا إخفاق ديكارت لاختلف بناء اسبينوزا وليبنتز ومالبرانش وغيرهم عما هو عليه الآن. وكذلك نقطة ضعف كانط وهي مفهوم «الشيء في ذاته» أو «النومين». من خلال محاولة علاج هذه المشكلة ظهرت لنا فلسفات فيشته وشلنج وهيجل وشوبنهاور في شكلها المعروف اليوم..قلنا إن الفيلسوف لا يمكن أن يبدع منفردا. لذا كان وجود تراث فلسفي يمتد إلى عصره ضروريا للتفلسف ذاته. فليست الدهشة وحدها هي سبب التفلسف، فهذا رأي رومانسي إذا أخذ على عواهنه. فالتفلسف يشترط أيضا قراءة الآخرين وبالتحديد قراءة غبائهم؛ الثغرات والفجوات في البناء المعرفي لكل واحد منهم. لقد كانت الدهشة تقريبا هي منطلق تاريخ الفلسفة ولكنها تتوارى إذا نضج هذا التاريخ، عندها تكون الفلسفة ليست دهشة بقدر ما هي قراءة للدهشة ذاتها، أي قراءة للقراءات والقديمة منها تحديدا. وينبغي توضيح أن الدهشة المقصودة هنا هي الدهشة بالمعنى الرومانسي؛ صورة ذلك الحكيم المنقطع عن الناس والذي يتأمل السماء والنجوم ويراقب الأفلاك.. هذه صورة لم تعد قائمة. من هنا أستثني الدهشة التي تعني التساؤل الجذري الذي لا يهدأ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.