بعد رحيل النظام اليمني أخذت ساحة التغيير تضمحل، فمن المتظاهرين من سئم، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر بناء اليمن، ومن ضمن المتشبثين بالثورة محمد الصبري ( 41) الذي يعتبر أقدم ثائر في ساحة التغيير حيث وطئت قدماه الساحة مع انطلاق الثورة، ورغم أن زملاءه الثوريين غادروا إلى منازلهم إلا أنه أصر على البقاء في الساحة. الصبري أشعث أغبر قادم من تعز، لكنه يحلم بيمن أكثر جمالا، رأيناه يخرج من مستشفى الساحة الميداني الذي مازال يعالج ماتبقى من جرحى الثورة، سألته: ماذا تفعل هنا ..قال لي : جئت للعلاج لأنني مازلت مصابا برصاصة في قدمي مازالت موجودة منذ تسعة أشهر حتى الآن.. سألته مستفزا.. لكن الثورة اليمنية انتهت ؟ رد على بغضب الثائر قائلا: الثورة لم تبدأ، وما جرى سيناريو لتحقيق مصالح حزبية لا غيرها، قلت له: لكن النظام رحل.. فأجاب: النظام رحل ولكن تبقت مطالب كثيرة للثوار لم تنفذ. مبينا أن شباب الساحة يرفضون المبادرة الخليجية ويعتبرونها جاءت لإنقاذ الرئيس السابق علي عبدالله صالح على حد زعمه. وبدأ الصبري يسترسل في حديثه.. وقال: «أنا أول الثائرين وشاركت في المظاهرات منذ اليوم الأول، والثورة مستمرة حتى ينتهي الفساد من اليمن». رافضا فكرة الحوار الوطني الذي اعتبره محاولة للالتفاف على أهداف الثورة. سألته متى ستغادر الساحة وإلى متى ستحمل الثورة؟ فكر قليلا قبل أن يجاوب وقال وهو يشعل سيجارة وينفث دخانها في وجهي: هل تفكر أن من جاء للساحات هم من الجهلاء والأغبياء. وتابع قائلا « من جاء إلى الساحات هم أصحاب الفكر والعلم والثقافة والجرأة الذين يرغبون في الدفاع عن حقوق المواطن والانضمام لركب ثورة البوعزيزي في تونس، وليسوا أولئك الذين لا يزالون في ركب التطبيل والانبطاح.