يجتمع ملوك ورؤساء وممثلو دول العالم في ريو دي جانيرو بالبرازيل خلال الفترة من 20-22 يونيو في قمة الأرض الثالثة حول التنمية المستدامة والمعروف باسم ريو +20، في محاولة ثالثة لمعالجة القضايا الأساسية التي تواجه التنمية المستدامة وأبرزها الحد من الفقر وتعزيز العدل الاجتماعي وحماية البيئة في كوكب تزايد عدد سكانه منذ القمة الأولى قبل عشرين عاما بنحو 1.45 مليار نسمة، حيث بلغ عدد سكان العالم الآن 7 مليارات نسمة، منهم 1.4 مليار يعيشون على دولار واحد و 25 سنتاً أو على أقل من ذلك يومياً. ولهذا يعتبر المؤتمر فرصة تاريخية لتحديد المسارات التي تفضي إلى مستقبل مستدام، أي مستقبل يوجد فيه مزيد من فرص العمل، ومزيد من الطاقة النظيفة، وأمن أكبر، ومستوى معيشة لائق للجميع. وتتطلب هذه التحديات الإصلاح من خلال مشاركة دولية ومفاهيم جديدة ومبتكرة لإعادة بث الحياة في اهداف التنمية المستدامة مما جعل أجندة المؤتمر تقتصر على موضوعين رئيسيين أولهما الاقتصاد الأخضر كخيار لتحقيق الأهداف وخاصة تقليص الفقر والثاني التعديلات المؤسسية وهيكلة مؤسسات العمل الدولي في إطار الاممالمتحدة وتنسيق الأعمال المتداخلة والمترابطة للمؤسسات الدولية المناط بها دعم ومراقبة تحقيق اهداف التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة. فالبعد الاقتصادي يرتبط بمنظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية، وصندوق النقد الدولي، واتفاقيات الانكتاد، ومنظمة الزراعة والأغذية، وغيرها. ويرتبط بالبعد الاجتماعي منظمة العمل الدولية، ومفوضية التنمية الاجتماعية، ومنظمة الصحة العالمية، والسكان، والمرأة وغيرها. أما البعد البيئي فيرتبط بمنظمة البيئة الدولية والاتفاقيات الدولية المعنية بالبيئة. وعلى مدى العقدين الماضيين، أصبح المجتمع الدولي أكثر ترابطا وتكافلاً ليس بسبب جهود الحكومات ولكن بسبب التقدم التكنولوجي السريع والإدراك الشعبي لمدى التداخل في المصالح والتأثر بالأضرار بعد ضعف النظام الاقتصادي العالمي وظهر عجز النظام التعاوني الدولي عن دعمه وحل مشاكله. ولهذا أبدت العديد من حكومات العالم ومنظمات المجتمع الدولي عدم رضاها أو سخطها على المنظمات الدولية الحالية في مجال التنمية المستدامة، سواء كانت تابعة للأمم المتحدة أو منظمة التجارة العالمية، ما دفعها للمطالبة بإعادة هيكلة المؤسسات والمنظمات الدولية، واقتراح البعض إنشاء منظمة دولية جديدة قادرة على إزالة التداخل في اختصاصات واهتمامات المنظمات الدولية في مجال التنمية المستدامة سواء بسبب بيروقراطية الأعمال، أو بسبب تداخل آليات تحقيق التنمية المستدامة للتوفيق والمواءمة بين الحفاظ على البيئة وتحقيق معدلات نمو اقتصادي واجتماعي. ومهما كانت الخيارات في ريو ستظل هناك الحاجة إلى إجراء تغييرات جوهرية وإعادة تصميم هيكل التعاون الدولي في عصر يتسم بالاعتماد المتبادل، ورفع مستوى وكفاءة المؤسسات الدولية الاقتصادية للحد من الفقر والكوارث البيئية لحماية الموارد والمؤسسات الاجتماعية التي لديها القدرة على غرس القيم الإنسانية لإعادة توازن اقتصاد العالم وجعل النمو الاقتصادي العالمي أكثر استدامة وشمولا.