تستمر حملة «ومن أحياها» في تحقيق النجاحات منذ ثلاث سنوات، هذه الحملة التي بدأها مجموعة من الفتيات والشبان لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء، ولم تمنعهم ظروف الدراسة في تخصص الطب الذي يعد من أصعب التخصصات من تأدية رسالتهم التي يرون أنها إنسانية، وتطوعوا لهذه الحملة التي لا تأمن الصعوبات من خلال نظرة المجتمع الذي يحجم بعض أفراده عن الانخراط في هذه الثقافة تخوفا من الوقوع في محظورات شرعية رغم الفتوى بجواز ذلك، وعدم تقبل آخرين لاستقطاع جزء من جسمه بعد وفاتهم. «عكاظ الشباب» تلقي الضوء هنا على هذه المجموعة وتستقرئ أفكارهم ناحية هذا العمل الإنساني النبيل: الأعداد في ازدياد «المقصود بزراعة العضو هو استعاضة عضو فقد وظيفته بصورة نهائية بعضو سليم من شخص آخر حي أو متوفى دماغيا، وعدد من يحتاج لزراعة أعضاء في المملكة يصل إلى عشرات الآلاف، وهذا العدد في ازدياد كل سنة، وعلى سبيل المثال يوجد حاليا أكثر من 11500 مريض على أجهزة الغسيل الكلوي، وفي العام الماضي وحده سجلت أكثر من ألفي حالة جديدة ولم يزرع إلا 500 حالة فقط بسبب نقص المتبرعين، وأطول وقت لعملية الزراعة عادة الكبد وهو في المتوسط من 6 إلى 8 ساعات وهي من أصعب الأعضاء في الزراعة، الأعضاء التي يمكن زراعتها حاليا هي الكبد والكلى والبنكرياس والقلب والرئة والأمعاء الدقيقة وكذلك بعض الأنسجة مثل القرنية والعظام ونخاع العظم وخلايا البنكرياس، ولا تنتقل العواطف بزراعة الأعضاء ولكن تأثر الشخص المزروع له يكون بسبب التغير الكبير في حياته وصحته بفضل الله ثم بفضل العضو المزروع، وكذلك الأحاسيس الجياشة تجاه أهل المتبرع تكون بسبب الامتنان لهم وليس بسبب انتقال الإحساس مع العضو المزروع، وهناك بعض الفروقات في زراعة الأعضاء بين الجنسين ولكنها اختلافات طفيفة ولأسباب تشريحية وليست نفسية أو سلوكية، وهنا قد يطرح البعض سؤالا، هو إذا توفي شخص سبق أن تبرع له فهل يمكن زراعة أعضائه المتبرع بها إلى أناس آخرين، والجواب أنه لا شيء يمنع إذا لم يكن هناك مانع للتبرع كالتهاب أو أورام أو غيرها ولم تكن هناك تحديات معيقة للعمل. والحملة تلقت دعما سخيا من شركة سابك، بنك الرياض، وجامعة الملك سعود، ولكن ربما يكون أكبر تحد يواجهنا هو استعجال ظهور نتائج الحملة في فترة قصيرة وهذا غير ممكن، لأن الهدف الأساسي هو تغيير ثقافة المجتمع تجاه التبرع بالأعضاء ما قد يستغرق سنوات وربما جيلا بأكمله، و لذلك فإن الحملة مستمرة منذ ثلاث سنوات وستستمر لسنوات أطول إن شاء الله، ويظل الإعلام وسيلتنا الأولى لإيصال الرسالة لأفراد المجتمع، ومهما بذلنا من جهد يبقى تأثيره محدودا ولذلك نحتاج لوسائل الإعلام لنشر المعلومة لأكبر شريحة ممكنة من الناس، والحق أنه عندما تم التركيز على وسائل الإعلام في السنة الماضية كانت النتائج أفضل بكثير ومجال التأثير كان أوسع وأعم، ونتمنى أن يستمر التعاون بيننا وبين وسائل الإعلام لإيصال هذه الرسالة النبيلة فكلنا شركاء في هذا الهم». د. فيصل بن عبد الله السيف المشرف العام على حملة «ومن أحياها»، وأستاذ مشارك واستشاري جراحة الكبد مهارات التواصل والتدريب «فكرة (ومن أحياها) انطلقت قبل ثلاث سنوات من طالبات وطلاب كلية الطب لحاجة المجتمع الكبيرة للتوعية في هذا الموضوع، وقاد النسخة الأولى من الحملة الدكتور طارق السلامة والدكتورة سارة الرواف، وتبنت كلية الطب في جامعة الملك سعود المشروع بمساعدة جمعية الأمير فهد بن سلمان يرحمه الله (كلانا) والمركز السعودي لزراعة الاعضاء. وفي النسخة الثانية، استمرت نشاطات الطالبات والطلاب في كلية الطب في جامعة الملك سعود في الحملة بقيادة الدكتور نايف العتيبي، الدكتورة ريهام المحيا، والدكتور رياض الديري، وشملت مشاركة العديد من أبطال المسلسلات ونجوم كرة القدم، واستمر دعم الجامعة للحملة في نسختها الثانية بالإضافة إلى مجموعة «avb rock group» والمركز السعودي لزراعة الأعضاء. وحاليا نحن في الحملة الثالثة بدعم جامعة الملك سعود عبر أوقاف الجامعة وكلية الطب، وركزنا في هذه النسخة على تقوية مهارات التواصل والتدريب للمتطوعين والمتدربين عبر برامج تدريبية قوية وإشراك بعض الشركات في حمل نشاط الحملة إلى عدة أصعدة، وكانت أبرز التحديات في مسألة قبول المجتمع لفكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة الدماغية، حيث كان المفهوم غائباً عن الكثير من أفراد المجتمع، والبعض كانت لديه معلومات خاطئة حول مفهوم التبرع بالأعضاء أو الموقف الديني له ولم يكن هناك فرق كبير بين أفراد المجتمع في تقبل الفكرة، لكن تصعب مهمة الإقناع للأب والأم بشكل أكبر من إقناع الأبناء. والكثير من أفراد المجتمع ومن بينهم بعض المشاركين في الحملة يرون في حياتهم اليومية أحد أفراد عائلاتهم يعاني من الفشل العضوي، ووجودنا في مستشفى الملك خالد ومشاهدتنا لمركز الغسيل الكلوي ومدى معاناة المرضى فيه هو أكبر دافع لنا للقيام بالحملة. وفي الواقع، قدمت لنا الكثير من الجهات الدعم الكبير لإنجاح هذه الحملة، خصوصا جامعة الملك سعود، إذ قدمت لنا كل ما نحتاجه للقيام بهذه الحملة، كذلك برنامج الأمير سلمان للوفاء وأحد برامج أوقاف جامعة الملك سعود الحاضنة الأساسية لنا، وكان مقر الحملة كلية الطب التي دعمتنا بالمكان والوقت والمشورة والطلاب والطالبات، أما بالنسبة للقطاع الخاص، فيكفينا دعم رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان الذي حضر حفل تدشين الحملة في دورتها الثالثة، كذلك دعم بنك الرياض ومركزين لتدريب المتطوعين والمتدربين في الحملة، كذلك كان الإعلام مشاركا قويا، لنا والذي تولى تغطية جميع الفعاليات والكثير من البرامج الدعائية الخاصة بالحملة، ونحن نرى أنه لا يمكن أن تقوم الحملة بدون معاونة الإعلام لنا لأنه الأداة الأقوى للوصول لجميع أفراد المجتمع». أيمن سعود الرشيد قائد تنظيم حملة «ومن أحياها» طالب في كلية الطب توعية في المدارس «تكمن أبرز التحديات في تخوف المجتمع من فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، ومدى جوازها من الناحية الشرعية والدينية، حيث كثر النقاش حول هذه القضية رغم أن الكثير من العلماء أكدوا جواز التبرع بالأعضاء وحثوا عليه لما فيه من فائدة عظيمة وإنقاذ لأخيك المسلم مستدلين بقوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). ولا يخفى على الجميع أن وسائل الإعلام هي العنصر الأهم في جميع الحملات التوعوية وليس في هذه الحملة فقط، والتغطية الإعلامية لحملة (ومن أحياها) كانت رائعة بمشاركة الكثير من الصحف والقنوات، ما يدل على الدور الأساسي للصحف المحلية والقنوات في نشر مثل هذه النشاطات الكفيلة بمساعدة المجتمع في شتى المجالات، وأخص بالشكر صحيفة «عكاظ» على تغطيتها المميزة ودورها الفعال في دعم الحملة، والحقيقة أن الطريقة المتبعة في حملة (ومن أحياها) هي الأمثل حيث يتم مخاطبة جميع شرائح المجتمع والتواجد في الأماكن التي تكثر فيها التجمعات مثل الأسواق، والأهم من ذلك الفعاليات المنظمة في المدارس، حيث أن تثقيف الجيل المقبل منذ الصغر على أهمية التبرع بالأعضاء سينعكس إيجابا على تغير الفكرة عن التبرع بالأعضاء وازدياد الإقبال عليه في المستقبل القريب». أحمد عبد الرحمن الهدلق كلية الطب توضيح الفكرة «أعتقد أن موافقة الشخص على التبرع بأعضاء أحد أفراد أسرته غالبا ما يكون أصعب خصوصا للمرأة، ولكن عددا من وسائل الإعلام لم تهتم بنشر ثقافة التبرع بالأعضاء في أوقات سابقة ولم تعرها الكثير من الانتباه، ولكن مع حملة (ومن أحياها) كانت وسائل الإعلام من أكبر الداعمين على مدى ثلاث سنوات، إذ ساعدت في نشر الوعي في المجتمع عن هذا الموضوع النبيل، وهذه الحملة خاطبت جميع طبقات المجتمع واستطاعت توضيح الفكرة بطريقة مبسطة وساعدت على كسر حاجز الرفض لهذه الفكرة». أحلام محمد طالبة طب، وعضو الفريق الإعلامي للحملة المتحمسون الشباب «بالنسبة لي، لا أرى فرقا كبيرا بين الرجال والنساء في هذا الشأن، إذ أن أغلب المؤيدين والمتحمسين للفكرة كانوا من فئة الشباب بعكس فئة الكبار الذين كنا نجد منهم أكبر نسبة رفض، وكعادتها كانت جامعتنا الكريمة من أول الداعمين لنا معنويا وماديا، كما قامت بعض الشركات المهمة بمساعدتنا لدعم هذه القضية وهم شركة سابك كراع رئيسي للحملة، وبنك الرياض كراع ماسي، وكانت وسائل الإعلام عاملا مساعدا لنشر الوعي عن التبرع بالأعضاء، ولكنها لم تعطها حقها اللازم لتبين للناس مدى أهمية هذه القضية، ولهذا قامت الحملة بمحاولة زيادة الوعي عن طريق الحملات والإعلانات والمنشورات لضمان وصول رسالتها لجميع أفراد المجتمع». آمنة بلجون طالبة في كلية الطب، وعضو فريق العلاقات العامة المرأة لا تتقبل بسهولة «أن يوافق الشخص على تبرع أحد من أفراد عائلته بعضو من أعضائه هو من أصعب المواقف التي قد يواجهها الإنسان في حياته، وفي اعتقادي، فإن المرأة لن تتقبل هذا الأمر بسهولة لأنها أكثر عاطفة بطبعها. في بداية الأمر، لم تكن وسائل الإعلام ملمة بفكرة التبرع بالأعضاء فلم تبذل الجهد اللازم المفترض لنشر فكرتها، ولكن مع إلمام المجتمع بشكل عام بهذه الظاهرة وحاجة بعض أفراده للتبرع، بدأت وسائل الإعلام بإدراك أهمية نشر ثقافة التبرع بالأعضاء، كما بذلت حملة (ومن أحياها) جهودها في نشر فكرة التبرع بالأعضاء بشكل كبير وكان لها الأثر الفعال على المجتمع ونجحت بإيصال وإقناع المجتمع بهذه الثقافة». نجود رياض الهجن طالبة في كلية الطب، وعضو فريق الموارد البشرية وقفة على معاناة «غالباً ما تكون الصعوبة عند الموافقة على التبرع بأعضاء شخص من أفراد العائلة خصوصاً المرأة لارتباط الأمر بالعاطفة في معظم الأمر، ومررت شخصيا بهذا التجربة عندما احتاجت إحدى قريباتي لكلية لإصابتها بالفشل الكلوي، ولكن للأسف لم يتم العثور على متبرع في المملكة فتمت عملية الزراعة في الخارج، لكن ذلك كان قبل عدة سنوات. وبشكل عام، فإن الإعلام لم يسلط الضوء على أهمية التبرع بالأعضاء في السنوات الماضية، لكن الحملة على مدى السنوات الثلاث حاولت كل جهدها لاستقطاب شتى وسائل الإعلام لتوضيح مفهوم التبرع وأهميته وما يعود به من نفع على مرضى الفشل العضوي والذين غالباً ما يكونون من الفئة الفاعلة في المجتمع والذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و60 وكان تفاعل وسائل الإعلام تجاه الحملة إيجابياً جدا». أسماء بديوي طالبة في كلية الطب، عضو الفريق الإعلامي التحدي .. إقناع المجتمع «أكبر التحديات التي نواجهها هي إقناع المجتمع بالفكرة، حيث أن كثيرا من أفراد المجتمع يختلف في وجهة النظر من نواح عديدة وبالأخص الدينية، ومن منظوري الشخصي، أرى أن النساء أكثر تقبلا للفكرة حاليا، وفي وقت سابق، احتاج أحد أفراد عائلتي لزراعة عضو وهذا الذي شجعني أكثر للالتحاق بالحملة، والداعمون لنا كثيرون ولله الحمد من رؤساء شركات ومدير الجامعة وأطباء المستشفى وطلاب وطالبات، أنشئت هذه الحملة تحت إشراف جامعة الملك سعود، ومن وجهة نظري أرى أن اهتمام وسائل الإعلام ما يزال غير كاف حتى الآن، إذ أن كثيرا من أفراد المجتمع ما يزالون لا يعرفون حقيقة مفهوم التبرع بالأعضاء، وبالنسبة لنشر ثقافة التبرع أتمنى أن تنتشر الفكرة بشكل أسرع وأكثر». رؤى محمود اليماني طالبة طب