يوم أمس كان يوما استثنائيا في حياة المرأة في المملكة العربية السعودية، فهو اليوم الذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين عن عضوية المرأة في مجلس الشورى وفي المجالس البلدية مرشحة وناخبة. كان الخبر مفاجئا، ومبهجا وباعثا على الفخر والاعتزاز، فانساب سيل رسائل التهاني يغرق الجوالات طيلة اليوم. تدفقت عبارات الحب للملك الإنسان، الذي آمن أنه لا اكتمال للإصلاح ما لم تكن المرأة جزءاً جوهريا فيه، فأفسح المجال للمرأة لتشارك بفكرها ورأيها وجهدها في نفع الوطن. من بين الرسائل التي وصلتني ووجدت فيها تعبيرا صادقا عن الحدث، رسالة تقول: «كان حلمنا نقود سيارة، قال ملكنا: أنتم بتقودون بلد». هكذا شعرت النساء يوم أمس، شعرن أن حلم الملك لنساء بلده أكبر من أحلامهن لأنفسهن!! مثل هذه القرارات الشجاعة والحاسمة تمثل قفزة عالية في تطور نهضة المرأة في المملكة، سيخلدها التاريخ مدونة في سجل إنجازات الملك المصلح. ومن نافلة القول إنه حين يعلن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله قراراته الإصلاحية المتعلقة بفتح الأبواب المغلقة أمام المرأة، وهو لا يفعل ذلك من أجل المرأة وحدها وإنما لأنه يدرك بنافذ بصيرته أن إشراك المرأة في خدمة الوطن في المجالات المتنوعة هو نهوض بالوطن بأكمله ففعله هذا دافعه الحب للوطن والرغبة الصادقة في تحقيق مصالحه. ومثل هذه القرارات الداعمة للتوسع في مشاركة المرأة الفعلية في خدمة الوطن، هي إصلاح حقيقي لبعض ما في المجتمع من عيوب، وعزل المرأة وإقصاؤها عن المشاركة في الحياة العامة في المجتمع تحت وطأة تقاليد وعادات لا يسندها دين ولا حق، هو من عيوب المجتمع المحتاجة إلى من يتصدى لها بالتغيير والإصلاح، فبعد أن تعلمت المرأة اكتسبت كثيرا من الخبرات وتمكنت من لفت الأنظار إليها في مجالات متعددة حققت فيها نجاحا يماثل ما يحققه الرجل، يصير إغفال الاستفادة من طاقات المرأة هدرا للطاقة البشرية يمثل عيبا من عيوب المجتمع التي يجب معالجتها والتغلب عليها. وغني عن القول، إن الإصلاح والتغيير لا يحدث بيسر وسهولة، وإنما هو يتطلب قلوبا مخلصة تتسلح بالشجاعة وتنطلق في ضوء من الحكمة والتروي كي تنجح في تحويل الأفكار الإصلاحية إلى سلوك معاش يتفاعل معه الناس برضا ويعيشون محاسنه ويحمدون إيجابياته. وبعد هذه القرارات السارة، أجد أن الدولة قالت كلمتها الطيبة المحمودة تجاه المرأة، وعبرت خير تعبير عن ثقتها بالمرأة واعتزازها بها وإطمئنانها إلى قدراتها وإمكاناتها، وبقيت المسؤولية الكبرى جاثمة على كاهل المرأة نفسها، فالمرأة اليوم حملت أمانة جسيمة يجب عليها أن تثبت كفاءتها لحملها، وأن تكون في مستوى الثقة التي منحت لها، لتضع نصب عينها ليس الالتزام بالصدق والإخلاص في العمل فحسب، فذلك وحده لا يكفي، وإنما عليها أن تعمل جادة على الاستمرار في العمل من أجل رفع كفاءتها بزيادة معرفتها وتنمية مهاراتها وخبراتها، ليكون لديها من الأدوات ما يمكنها من أداء هذه المهمة العظيمة بنجاح. ما أظنه هو أن المرأة باتت الآن في أنبوبة اختبار، وكثير من الأنظار مسلطة عليها ترقب نتائج التجربة وتعد عليها خطواتها وتفحص نوع عطائها، وهذا ما يجعلني أقول إن المهمة أمام المرأة جد وليست هزلا، وأن الأمر بالنسبة لها أكثر مشقة مما يبدو. وفق الله نساء بلادي إلى رؤية الحق والعمل على اتباعه، وتهنئة لهن ليس بهذه القرارات الجميلة فقط وإنما بكونهن ينتمين إلى جيل يعيش في عصر أبي متعب. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة