في المجتمع السعودي يصنف البعض الفن كأحد مظاهر الترف والترفيه، وينظر للمبدعين في المجالات الفنية نظرة غير واعية تصيبهم بالإحباط وتساهم في تحطيم مواهبهم وتكسير أناملهم وتسربهم إلى مجالات حياتية أخرى تطمس إبداعاتهم وتذيبهم في مجالات تقليدية بعيدة عن الفن والموهبة والإبداع، والسبب يكمن في غياب المؤسسات التعليمية الفنية (أكاديميات ومعاهد الفنون) التي تهيئ وتحتضن هذه المواهب وتخرج دفعات سنوية من المتخصصين من المبدعين والمبدعات في مجالات الفنون المختلفة تضخهم داخل نسيج الأسرة اللبنة الأولى من لبنات المجتمع، وتساهم في تشكيل قاعدة من القواعد المهمة التي ترتكز عليها الحركة الفنية للمجتمعات ولها دور في تشكيل الوعي الثقافي والفني لجميع فئات المجتمع من خلال البرامج والفعاليات والعروض والإصدارات والرسائل العلمية التي تصدرها سنويا، مما يتسبب في تشكيل هذه النظرة التشاؤمية لدى المجتمع عن الفن والفنانين. ولأنني أحد من أصابهم اليأس (في هذه المرحلة) من إمكانية تأسيس أكاديميات للفنون حاليا لأكثر من سبب (لا داعي للخوض فيها لأنها أسباب غير مقنعة)، فاني أطالب على الأقل بتأسيس أقسام للتدريب على الفنون تحت مظلة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وفروعها المنتشرة في جميع مناطق المملكة، بشرط أن يفرغ لهذه الأقسام مدربون متخصصون (في المسرح والفن التشكيلي كمرحلة أولى) وفي حال عدم توافر متخصصين وطنيين متفرغين يسمح للجمعية باستقدام متخصصين في هذه الفنون من الدول المجاورة التي سبقتنا كثيرا في هذا المجال. ومن خلال مراكز التدريب هذه تمنح جمعيات الثقافة والفنون دبلومات وشهادات معتمدة من وزارة الثقافة والإعلام في مجالي المسرح (تمثيل، إخراج، وتأليف) والفن التشكيلي (بمجالاته المختلفة كالرسم والنحت والديكور وغيره) وبذلك تستقطب المبدعين والمبدعات الملتحقين بهذا المجال وتؤدي دورها ورسالاتها الفعلية المتمثلة في اكتشاف المبتدئين من المبدعين والمبدعات في المجالات الثقافية والفنية وصقل مهاراتهم وتوجيههم. ومن خلال هذه المراكز نؤسس لقاعدة ثقافية وفنية ما دمنا مستسلمين للعوائق والأسباب التي تمنع إنشاء أكاديميات ومعاهد للفنون في الوقت الراهن. محمد ناصر آل مردف نجران