استفحل الجدل حول الوثائق التي نشرتها قناة عربية فضائية تميط اللثام عن أسرار مجريات المفاوضات بين السلطة الفلسطينية، الإسرائيلية، والأمريكية، وحصدت ردود فعل متباينة من مختلف التيارات في الساحة الفلسطينية. «عكاظ» تناولت الأمر سبرا لأغوار ما يكتنفه متحدثة مع عدد من القيادات الفلسطينية المختلفة حول رؤاهم لجهة المعلومات في ثنايا الوثائق. ففي الوقت الذي أفصحت فيه السلطة الفلسطينية عن عدم تقديمها لأي تنازلات حول القدس، وأن قضية اللاجئين لم تزل محورية تنتظر الحل، انبرت حماس منتقدة أن الوثائق تؤكد أن رام الله ليست جادة في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة، فيما ذهبت حركة الجهاد إلى ضرورة اتخاذ موقف جماعي نحو فحوى الوثائق. وتلقف الحديث، هنا، كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات بأن السلطة متمسكة بقضية القدس واللاجئين، موضحا أن الوثائق ملفقة وهدفها تشويه سمعة السلطة. واسترسل أن السلطة لن تتنازل عن الثوابت الفلسطينية المجسدة في ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي، وعدم الدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي إلا بعد وقف الاستيطان. ونقلت الوثائق عن عريقات استعداد السلطة الفلسطينية الاكتفاء «بعودة 10 آلاف سنويا على مدى عشر سنوات، أي بما مجموعه 100 ألفا». وفند المتحدث باسم حركة حماس مشير المصري بالقول إن الوثائق تؤكد بما لا يدعو للشك التنازل عن الثوابت الفلسطينية، على حد زعمه، مضيفا أن المعلومات تكشف عن عدم جدية السلطة و تواطؤها مع تل أبيب. من جهته، طالب المتحدث باسم حركة الجهاد خالد البطش باتخاذ موقف جماعي جدي فلسطيني للتعامل مع الوثائق ووضع النقاط على الحروف عن خلفيات المفاوضات، مؤكدا ضرورة وقف جميع المفاوضات مع الكيان الصهيوني، وتعزيز المقاومة لتحقيق الثوابت الفلسطينية المشروعة. وزاد أن حركة الجهاد لن تقبل أي تنازلات وستستمر في رفضها للمفاوضات مع تل أبيب ومقاومتها المشروعة للاحتلال الصهيوني. وكانت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا» نقلت عن عباس قوله خلال لقائه في القاهرة أمس الأول مع رؤساء تحرير الصحف المصرية «كل ما اضطلعنا به من نشاطات مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي، يبلغ بها العرب تفصيلا من خلال لجنة المتابعة، أو الاتصالات الثنائية، أو من خلال أمين عام الجامعة العربية الذي لديه علم بكل شيء ويبلغ الأشقاء بتطورات الأوضاع باستمرار». وكانت الوثائق قد كشفت أن عريقات قدم تنازلات حول المسجد الأقصى لأنه دعا خلال إحدى جلسات المحادثات لإيجاد «طرق خلاقة» للتعامل مع هذا الملف. وكانت القناة التلفزيونية التي كشفت عن الوثاثق، أكدت أنها تشكل «أكبر تسريب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي». ويستدل من الوثائق أن الجانب الفلسطيني كان قد تنازل في إطار جلسات التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي خلال فترة ولاية حكومة أيهود اولمرت عن الحي اليهودي، وعن جزء من حي الأرمن في البلدة القديمة. وتشير هذه الوثائق إلى أن الجانب الفلسطيني عرض على إسرائيل تبادل أراض في الضفة الغربية، شرق القدس، شمال غور الأردن، وجنوبي جبل الخليل. كما تشير الوثائق إلى أن السلطة الفلسطينية عرضت عودة عشرة آلاف لاجئ فلسطيني سنويا لمدة عشر سنوات.