شكا لي مواطن من أنه راجع إدارة للأحوال المدنية؛ لمنح زوجته الوافدة الجنسية السعودية، والتي ثبت زواجه منها بموجب عقد موثق وإقامة سارية المفعول وله منها أبناء، إلا أن قبول طلبه كان مشروطا بإحضار مشهد من وزارة الداخلية يؤكد حصوله على أمر الزواج، رغم أنه زودهم برقم الأمر والوثائق التي يحملها، وقد طلبت منه إيصالي هاتفيا بالمسؤولين بتلك الإدارة للاستئناس برأيهم ورجاء مساعدته كونه رجلا فقيرا والطلب يمثل مشقة عليه، إلا أنه لم يتمكن، ومع هذا فقد راجع مدير تلك الإدارة الذي أفهمه بأنه لا مجال للتنازل عن تلك الورقة، فهذه هي التعليمات، وقد رجاه المواطن أن يساعده بطلب المشهد من قبلهم إلا أنه رفض وأبلغه بأن يستعين بأحد من معارفه في الرياض إن وجد للحصول عليها وهو أمر لا يستطيعه كل أحد. والواقع فإن هذا المواطن ليس وحيدا في معاناته، وهذا المسؤول ومن هو دونه في الدرجة ليسوا حالات نادرة بل إن مختلف إداراتنا الخدمية التي لها علاقة بالجمهور تعج بهم وهم ينسون أنهم وكلاء عن المجتمع في السهر على حمايته وحفظ حقوقه، وأن الواحد منهم أجبر عند المواطن يفترض فيه الوفاء بحقوقه وخدماته وتخفيف معاناته وتيسير أموره انطلاقا من قيم الدين ومثله وتوجيهات ولاة الأمر أيدهم الله. وإلا فما معنى ألا يقبل ما لديه من وثائق معتمدة ويتم الإصرار على أن يحضر ورقة كان بإمكانه مخاطبة الجهة المالكة لها بمختلف وسائل الاتصال المتوافرة لدى ذلك المدير، لو أنه أدرك حجم المعاناة التي سيتكبدها هذا المواطن وما ينشأ عنها من سلبيات يتجه العالم كله للتقليل من آثارها، ثم لماذا لا يكون صاحب مبادرة، بحيث إن كان توفير هذه الوثيقة وأمثالها أمرا لابد منه أن يبادر في الرفع والتنسيق لتزويد المواطن بها عند الموافقة له على الزواج، أو أن تفتح نافذة لتوفيرها من خلالهم لهذا المواطن البسيط الذي ما أقدم على الزواج من الخارج إلا لظروفه، وذلك وفاء بحقه في التيسير، ولا سيما أنه يأخذ أجره من المال العام، ولكن يبدو أن المسألة ليست تعليمات بقدر ما هي (تعقيدات) ألفها هذا الموظف وأمثاله حتى أصبح الواحد منهم يتفنن في ابتكار كل ما يهين المواطن ويذله، بدليل أن البعض يرفض الرد على الهاتف للإجابة على استفسار ممن لا يعرف. أما من يعرف وله مصلحة معه فإنه بالتأكيد سيكون صاحب المبادرة في الاتصال به. لواء. م. محمد بن سعيد الحارثي مدير شرطة العاصمة المقدسة سابقا