عندما يرغم الأب ابنته القاصر على الزواج من ثمانيني ويهددها بغضبه منها إن لم تقبل به زوجا، أليس هذا باستبداد؟! عندما يقوم أستاذ الجامعة بالتنكيل بطلابه وقهرهم والتلاعب بدرجاتهم ومعدلاتهم ليس لسبب أكثر من امتلاكه صلاحيات مطلقة، وخاصة إذا كان أستاذ مادة ورئيس قسم، فما عسى ذلك أن يكون؟! الاستبداد هو الرصاصة التي تنسف احترام الكيان الإنساني لذاته، فهو فوهة البندقية التي تسير النفس المستبد (بها) خانعة إلى المستبد، مع جبنه الذي يترجم في بطش وتكبر. الاستبداد لا يرتبط بمنصب وإنما بصفات شخصية، فقد يمارسه الزوج أو الزوجه أو حتى مدير الإدارة، وإن اتفقنا أن الخشية من الله ليست في أجندتهم، فلنا أن نتخيل مقدار الفساد الذي سينثره المستبدون حول الوطن. يرى الدكتور محمد المهدي أن عددا من الأنماط الشخصية تكون أكثر ميلا للسلوك الاستبدادي وأبرزها، الشخصية النرجسية: وصاحب الشخصية لديه شعور بالأهمية والعظمة ويبالغ في قيمته وقدراته وإنجازاته ويتوقع من الغير تقديرا غير عادي، والشخصية البارونية: ومحور هذه الشخصية الشك والظن، فصاحبها لا يثق بأحد ويتوقع الإيذاء من الجميع، والشخصية الوسواسية: وصاحب الشخصية يميل إلى الدقة والنظام والانضباط ولا يحتمل وجود أي أخطاء، وكذلك الشخصية السادية: وهي الشخصية التي تستمتع بقهر الآخرين وإذلالهم والتحكم بهم، والشخصية المعادية للمجتمع: وهي الشخصية التي تجد متعه في اختراق الأنظمة والقوانين والخروج عليها. أما الأدوات التي يستخدمها المستبدون فحدث ولا حرج، وأبرزها: المال والسلطة والإعلام، فالأب المتسلط يستغل حق القوامة وتفوقه العضلي وربما المالي في إذلال زوجته وأبنائه. وأما الإعلام فعلى اختلاف قدرات المستبد على التغلل في الإعلام، فأحيانا يكون الإعلام موجها من سمراء الليل إلى المجتمع المحلي أو الشريحة المستهدفة لمداراة سوءاته، والمضحك المبكي أن المستبدين يحتقرون المستبد بهم!، ويزيد الشعور لديهم كلما بالغوه في التملق والنفاق لإدراكه زيف أحاسيسهم ومشاعرهم، وتتسم صفات المستبدين بالعلو والكبر والتجبر والعناد، فهم يشعرون بعلوهم على ما حولهم من البشر وملكيتهم لهم، وغيرها من الصفات الكفيلة بأن تجعل المستبد في قاع الإنسانية مع البريق الزائف الذي صنعه لنفسه. وما يثير السخرية أن المستبد بهم في الغالب هم من صنعوا مستبديهم من خلال مديحهم الزائف أو من خلال الصمت والانكماش مما وفر الوقود لتمدد المستبدين. يقول عبدالرحمن الكواكبي: إن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه، أعداء العدل وأنصار الجور، ويقول أيضا واصفا حال الاستبداد لو كان رجلا: أنا الشر، وأبي الظلم ، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وابنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة، ووطني الخراب، أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال. صحيح أننا لم نصل لهذه المرحلة في المجتمع، ولكن حب المال قد يسير الجشع دون هوادة نحو الاستبداد، خاصة بين أفراد المجتمع المنغلقين. إذن، لبتر الاستبداد من المجتمع فأول جرعات العلاج نشر ثقافة الحرية في الاختيار والتصرف، والعيش بصلاح ووئام مع الذات، وليس من خيار لمكافحة الاستبداد في المجتمع سوى توضيح حقيقة خشيتهم أن يذاع أمرهم بين الناس أكثر من خشيتهم لله، وهذا يعد من أهم حقن العلاج التي من خلالها يمكن أن يتوقف المستبدون، فتوضيح حقيقتهم أمام الملأ يشكل مناعة أمام تجرع المجتمع علقم معادلة الاستبداد غير المتساوية الطرفين. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 238 مسافة ثم الرسالة