العذر الحاضر الذي يبديه الغالبية من الناس عندما يسألون من قبل أحبابهم عن سبب غيابهم أنهم يعتذرون بقولهم إنهم مشغولون وإن الواحد منهم لا يجد وقتا يحك فيه رأسه ومعظمنا يفعل ذلك ويعتذر لمن يحب ويصادق بالعذر نفسه، بل إن الأمر بلغ حد قيام أبناء بالاعتذار لآبائهم وأمهاتهم وأقاربهم من الدرجة الأولى عن عدم قيامهم بواجب البر وصلة الرحم بأن الواحد منهم «مشغول على طول» يتساوى في إبداء ذلك العذر صاحب المشاغل الحقيقية والمهام الصعبة والمسؤوليات الكبيرة مع غيره، مما يؤكد أن المسألة الأساسية ليست مسألة انشغال وضيق وقت ولكنه تهرب عن أداء واجب اجتماعي وخلقي وديني، ولو أننا وافقنا من يزعم أن مشاغله لا تنقضي فإن الأمر ينطبق على جميع خلق الله في الأرض حتى قال شاعر شعبي مجسدا حالة الانشغال العامة المزعومة: كل يموت وما انقضت له حاجة!! ويقال إن شابا تسنم منصبا إداريا رفيعا جعله يقصر في أداء واجب التواصل مع والديه المسنين وأقاربه وأهله فلما زار والده بعد طول غياب كان عذره الجاهز أن غيابه مرتبط بمسؤوليات العمل والمهام المسندة إليه وأنه «مشغول على طول» فأخذه والده من يديه إلى مقبرة قريبة من داره وأشار إلى النائمين في الأجداث وقال له: كل أهل هذه القبور ماتوا قبل أن تنقضي جميع حاجاتهم وبعضهم كان يظن أن الأرض بعده سوف تتوقف عن الدوران ولكنها مازالت تدور!! وطلب أحد الناس من رجل مجتمع أن يستقبله في مكتبه أو داره أو في أي مكان يرتاح إليه لمدة خمس عشرة دقيقة في موضوع يخص الطرفين فاعتذر منه ذلك الرجل بأنه مشغول لمدة أيام فقط وأنه سوف يتصل به بعد انتهاء مشاغله لتحديد موعد للقاء فانتظر طالب الموعد أسابيع ولكن اللقاء لم يتحقق وكان يرى صاحبه خلال تلك الأسابيع في مناسبات اجتماعية ينتظر السليق أو البرياني لمدة مائة وعشرين دقيقة في كل مناسبة وقد وجد وقتا لذلك، ولكنه يزعم أنه لايستطيع توفير خمس عشرة دقيقة من وقته للقاء طالب الموعد الذي شكا لأحد أقرانه ما واجهه من تسويف ومماطلة في المواعيد من العم «عرقوب» فقاله له من سمع شكواه: افهمها يا أخي! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة