دبلوماسية سعودية ترسم ملامح الدولة الفلسطينية    الرئيس الأوكراني يطالب الغرب بالوفاء بتعهداته    الأمم المتحدة.. إسرائيل ارتكبت إبادةً جماعيةً بحق الفلسطينيين    المملكة تقدم أربعة ملايين دولار دعماً إضافياً لقوات خفر السواحل اليمنية    خيسوس: هدف النصر الأول هو التتويج بالدوري السعودي    الهلال يحوّل تأخره إلى فوز مثير على الدحيل القطري في افتتاح «النخبة الآسيوية»    الزعيم بريمونتادا جديدة يعبر الدحيل    عالم افتراضي    أمانة الشرقية تشارك في المنتدى العالمي للبنية التحتية بالرياض    تصعيد جديد في الحرب مع الحوثيين    إحباط تهريب (10) كجم "حشيش" في عسير    وزير الدفاع وقائد القيادة المركزية الأميركية يستعرضان التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية    نائب أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة «التواصل الحضاري»    "وزير الشؤون الإسلامية" يوجّه خطباء الجوامع للحديث عن نعم الوطن ووحدة الصف في خطبة الجمعة القادمة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 90 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد    خطى ثابتة لمستقبل واعد    الإعلام في مهرجانات الإبل والهجن من صوت التراث إلى صناعة المستقبل    مجلس الوزاء يوافق على عدة قرارات ويجدد الدعم لفلسطين وقطر وسوريا    ولي العهد يستقبل أمين مجلس الأمن القومي الإيراني    الوزير الحقيل: الهبات العكسية مؤشر على نجاح رسوم الأراضي البيضاء.. والتقنيات الحديثة تختصر الرصد من 18 يومًا إلى ساعات    إنجاز عالمي.. "برق" تتوج ب 3 جوائز من Visa خلال مؤتمر Money20/20    جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع الخاص وتعزيز بيئات العمل    الوقوف في الأماكن غير المخصصة مخالفة مرورية تعطل انسيابية السير    "طوّر مسيرتك المهنية" لمساعدي الأطباء وأخصائيي صحة الأسنان    سلمان بن سلطان يفتتح منتدى المدينة للتعليم    القيادة تهنئ رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية بذكرى استقلال بلادها    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    40 طبيبا يبحثون أحدث طرق علاج أمراض الدم بالمدينة    زين السعودية تستثمر في قطاع التأمين الرقمي مع شركةPrevensure العالمية    مرايا غامضة تظهر في مختلف المدن السعودية... ما الذي تعكسه؟    "موسم الرياض" يشهد أضخم حدث لكرة القدم الأميركية بنظام العلم    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الراجحي الخيرية تدعم مصابي التصلب المتعدد ب50 جهازاً طبياً    الأرصاد: حالة مطرية بمحافظات مكة حتى الجمعة    أعلنوا رفضهم للاعتداء على قطر.. قادة الدول العربية والإسلامية: ردع إسرائيل لحماية أمن واستقرار المنطقة    صراع المناصب يهدد الاتفاق الأمني في ليبيا    في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال يستضيف الدحيل القطري    من ينقذ فرسان مكة من العبث؟    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    مجرفو التربة في قبضة الأمن    2.3 % معدل التضخم    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    الخرف الرقمي وأطفالنا    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    عزنا بطبعنا    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرة ديجتالية
نشر في عكاظ يوم 16 - 06 - 2021

في حياةٍ ننفق فيها كالبهائم، وندفن كالغرباء، بسبب كورونا. في عالم رقمي فرض علينا أسلوب حياة جديدة، وغيّر عاداتنا، وأعاد صياغة علاقاتنا بقوة الأمر الواقع.. أخذت موعداً ديجتالياً كي أعتمر هذا الأسبوع. وكان الرد الديجتالي سريعاً، رحلة صفاء وطمأنينة. في عالم رقمي، حيث يتوقف الزمن لدينا، حين ينتهي شحن بطارية الهاتف الجوال، ونعيش ساعات من العزلة، وننقطع عن العالم الكبير حين تقع شبكة الهاتف. وفي غمرة استسلامنا للواقع الرقمي المر.. أصبح كل شيء يمر، أصبحنا نجامل بعضنا برسائل هاتفية تكفي لتقديم واجب العزاء في قريب أو صديق غيّبه الموت. ونجامل بعضنا أيضاً بالتهنئة النصية المرسلة لقريب، أو صديق يحتفل بمناسبة زواج، أو قدوم مولود جديد، أو الحصول على شهادة. نصحو من نومنا على منبه في الهاتف الذكي، ولا نضرب الهاتف في الحائط أو نلقيه من النافذة، ربما احتراماً لذكائه. ونذهب إلى أماكن عملنا بسلوك الطريق الذي يحدده هاتف صار أذكى من صاحبه، يعرف أين يقع الازدحام، وأين تنساب الحركة المرورية بسلاسة. والآن أيضاً نستبدل محافظنا ببطاقات ائتمانية، ننفق منها على مشترياتنا بسخاء يقود أحياناً إلى السجن. وعندما نحتاج إلى نقود أو نحن إليها، نأخذها من مكينة صماء، لا تستطيع أن ترد التحية، ولا تعرف من يسحب النقود أو يستلمها، لأنها معنية فقط برقم البطاقة. لا يتوقف تحكم الوسائل الديجتالية فينا عند هذا الحد، بل إننا صرنا نعتد باكتساب صداقات مئوية أو ألفية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وصرنا نعتب على من لا يجاملنا ب(لايك) وربما نرد عليه ب(بلوك). تظل هذه التفاصيل صغيرة وغير ذات أهمية، إذا ما قورنت بما سنكون عليه لاحقاً في أزمان قادمة، حيث سنتحول فيها إلى بشر ديجتاليين، بالمطلق حين يتم اختصار كل معلوماتنا وتفاصيل حياتنا في شريحة إلكترونية صغيرة، تزرع تحت جلودنا تعرف عنا ما لا نعرفه عن أنفسنا. عند إذاً سيكون صعباً على أي منا أن يخفي شيئاً، ليس على الحكومة فقط، بل عن الزوجة والتي غالباً ما ستجد طريقة لمعرفة الرقم السري لشريحة الزوج الإلكترونية..! هرباً من كل ذلك التصور القادم، اتجهت إلى (مكة) كل شيء يهرول فيّ إلى تلك البقعة المقدسة، التي تتوسط جغرافية القلب. كل شيء في هذه المدينة يثير في روحي الحنين. رابط يشدني إلى (شعب عامر) الذي لم يعد هناك. قضيت طفولتي وصباي في (مكة) لا أعرف هوى ولا هوية غيرها، مهما بعدت عنها. شرطي مهذب يطابق هيئتي بالإحرام مع الترخيص، وعمرة مباركة. الفجر يشف في سماء وردية مكللة بغلالة من الضباب الصباحي الخفيف الساقط من جبال (مكة) والتي تحيط بها من كل مكان. (مكة) تحت ضوء الفضة، الشوارع ساكنة، نائمة لم يوقظها الضجيج بعد. حمام يطير بأسراب، بانشراح، ويحيط بالساحة أمام المسجد الحرام. كل ما حولي يوحي بالأمل، كأن (مكة) تتعاطف معي تطبطب عليّ.. كأنها تدرك مقدار محبتي لها... كأنها تعلم أن ابتعادي عنها كان قسراً.. وقع خطوات المعتمرين فوق المرمر الأبيض، الخط الكوفي بالتذهيب ينتشر بين الأعمدة العتيقة، يتماوج بينها الضوء المتسرب بنعومة من مصابيح الحرم، يزيد من فتنة المكان. تطير حمامة فوق رأسي، توقظني من الهيام، أتمنى أن لا تبتعد عني. أبتسم بهدوء، ابتسامة من ذاق السعادة الأبدية، أجدد وضوئي، أتوضأ بماء زمزم، من رأسي إلى قدمي، أشعر أنني خرجت من الماء بطهارة كاملة، كأنني أنسلخ من جلد قديم ضاق على جسدي، أنتهي من أداء العمرة، يتصاعد صوت الأذان: (الله أكبر.. الله أكبر) يملأ الصوت العذب فضاء (مكة)، مدينة تتوضأ بصلاة الفجر كل يوم لا يفارقها الإيمان.. تنتهي الصلاة. متعة جميلة تكتسيني، وشعور مغلف بالرضا والامتنان لخالقي، لا يظهر على السطح بل يدور تحت الجلد. أحسست أن السماء تبتسم لي، تكومت في مقعدي الجلدي، مغمض العنين مثل طفل يعرف أنه حين ينام تتراءى له طيوفه البنفسجية نمت على ساعدي، ضممت بعضي بفرح من نال كل شيء.
كنت مثل طفل مفطوم حديثاً في فمه بقايا حليب وفوق وجهه دهشة طعام جديد. كان الفرح يجاذب أعماقي فيعريها، وكانت السعادة كالضحك تغسل أسناني، بمياه الفرحة. شرعت كفي للسماء، أخاطب رب الجمال، الذي أراني الجمال في كل ما بَهُت، وأزال عن عيني غشاوة التعود.. من شرح صدري بكل ما ضاق به بصري. الحمد لك يا رب، حمداً كثيراً، فقد أخرجتني من ضيق الوجع إلى سعة العافية، الحمد لله للحياة التي ما زالت تسري في عروقي.. شكراً بحجم السماء لكل من سأل، ولكل من رفع يديه للسماء بدعاء لي من القلب..
أسأل الله أن يكتب لكم بكل حرف أجراً، وأن يبعد عنكم المرض والوجع.. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.