بين المساعدة الأمريكية المشروطة للبنان والمواجهة المفتوحة مع «حزب الله»، أجرى قائد «القيادة الوسطى» في الجيش الأمريكي الجنرال كينيث ماكينزي زيارة خاطفة يوم الأربعاء الماضي إلى لبنان استمرت ساعات، التقى خلالها رئيس الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وقائد الجيش. الزيارة لا شك عكست موقفاً أمريكياً واضحاً بأن هناك فصلا تاما تعتمده إدارة ترمب، بين المساعدة المشروطة للبنان والمواجهة المفتوحة مع «حزب الله». اللقاءات التي أجراها الجنرال الأمريكي خلت من أي إشارات إلى الملفات الشائكة بين الدولتين، كدور «حزب الله» التخريبي والإرهابي، والعقوبات المرتقبة على سياسيين لبنانيين موالين للحزب، وقانون قيصر وترسيم الحدود. إذ كان الجيش اللبناني فقط هو محور هذه المحادثات، وصدر موقف أمريكي وحيد تجاه هذه المؤسسة، من خلال ماكينزي، بأن الدعم الذي تقدمه أمريكا للجيش سيستمر بالوتيرة نفسها. زيارة ماكينزي أكد مراقبون أنها لا شك تحمل رسائل سياسية ناعمة، فتحييد أو بمعنى آخر تجاهل الملفات الشائكة كافة مع المسؤولين اللبنانيين له دلالات عميقة وعلى اللبنانيين قراءتها بتأنٍ، لكن سرعان ما قطعها موقف خطير لوزير الخارجية مايك بومبيو، وكأنه بتصريحه يضع لبنان على نار حامية، ويمنح الضوء الأخضر لإسقاط حكومة دياب، إذ قال: «سنساعد لبنان للخروج من الأزمة، ولا نقبل أن يتحول لدولة تابعة لإيران»، مشددا على مواصلة الضغط على «حزب الله» الإرهابي، ومنع إيران من بيع لبنان النفظ الخام، مؤكدا أن بلاده تتعهد بمساعدة الشعب اللبناني لإقامة حكومة ناجحة ونزيهة. الأوروبيون بدورهم انضموا إلى صف الولاياتالمتحدة في الضغط على لبنان، إذ كشفت معلومات دبلوماسية غربية أن تواصلا أمريكيا - فرنسيا حصل في الأيام الماضية، خلص إلى أن لا مساعدات على أي مستوى قبل تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وأن لا مجال لمنح حكومة دياب أي فرصة جديدة. الضغوطات الأمريكية والأوروبية على حكومة دياب دفعت إيران للتحرك دبلوماسيا في الشكل، وسياسيا في المضمون، إذ أجرى سفيرها في لبنان عددا من الزيارات إلى الحليفين «جبران باسيل وسليمان فرنجية» بذريعة استعراض الوضع الداخلي، لكن وفقاً لمصادر مواكبة، فإن إيران قررت أن تصارع من أجل بقاء حكومة «حزب الله»، ظنا منها أن شد عصب حلفائها المتخاصمين قد يمنع الحكومة من أن تلفظ أنفاسها الأخيرة في أية لحظة.